نطلقت في العاصمة الدوحة صباح اليوم فعاليات مؤتمر "حرية التعبير نحو مواجهة المخاطر" الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر بمشاركة أكثر من مئتي منظمة وشخصية دولية حقوقية.
ويبحث المؤتمر كيفية تفعيل ضمانات القانون الدولي لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات، ومواجهة الإشكاليات ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وشهدت الجلسة الافتتاحية كلمات لممثلين عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للصحفيين، والمعهد الدولي للصحافة، واتحاد البث الأوروبي، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
وركز ممثلو تلك المنظمات على استنكار دعوة الدول التي تحاصر قطر إلى إغلاق الجزيرة، مؤكدين أن الهدف من ذلك هو إسكات أهم منبر للرأي والرأي الآخر وأفضل منصة لحرية التعبير في المنطقة.
منصة الحرية
وقال المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش" كينث روث إن حرية التعبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياتشهد تحديا خطيرا بعد مطالبة الدول التي تحاصر قطر بإغلاق شبكة الجزيرة التي تعتبر أهم منصة لحرية الرأي، والتي كان لها الدور الأبرز في ترسيخ حرية التعبير في المنطقة.
وأضاف روث "الجزيرة عضو فاعل وداعم للمؤسسات الدولية التي تعنى بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، ولو لم تكن الجزيرة عضوا في مختلف منظمات حرية التعبير فلماذا أنا هنا؟".
وأكد أن أكبر تحد تواجهه قطر اليوم هو محاولة البعض خنق حرية التعبير عبر مطالبتها بإسكات أدوات التعبير، وأشار إلى أنه بتنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر لهذا المؤتمر فإن قطر قد ارتقت أخلاقيا لتصل إلى غاياتها.
روث: الدول التي تطالب بإغلاق الجزيرة تمتلك سجلا حافلا بانتهاك حرية التعبير وحقول الإنسان (الجزيرة)
وقال روث "إذا ما قمنا بتقييم حالة حرية التعبير وحقوق الإنسان في المنطقة فسنجد أن الدول التي تطالب بإغلاق الجزيرة تمتلك سجلا حافلا بانتهاك حرية التعبير وحقول الإنسان وتصدير ودعم الإرهاب".
وتابع "اسمحوا لي أن أتكلم بصراحة، وبعيدا عن المجاملات، إذا ما رجعنا إلى موضوع حرية التعبير فإن مطالب دول الحصار تختزل في إغلاق الجزيرة، لا لشيء سوى أنها تقض مضاجع الأتوقراطيين والمستبدين، وتوفّر منبرا للمهمشين".
واستطرد "يقول البعض إنها أتاحت الفرصة للإرهابيين ليظهروا على شاشتها، لا يمكن أن نلوم الجزيرة على ذلك، فالسبق الصحفي جزء من مهمتها كمؤسسة إعلامية".
ونبه إلى أن الحرب التي تشنها دول الحصار على حرية التعبير من خلال حربها على الجزيرة، سببها أن الجزيرة كشفت الممارسات القمعية التي يتعرض لها الآلاف في كل من مصر والإمارات، وعلى العالم الحر أن يعترف بأن هاتين الدولتين تستخدمان ذريعة محاربة الإرهاب لمواصلة انتهاكات حقوق الإنسان.
فالإخوان المسلمون -يضيف روث- تحاربهم دول الحصار لأنهم يسعون إلى ترسيخ الديمقراطية وحرية التعبير في المنطقة، وهو ما لا يتوافق مع توجهات هذه الدول التي تقوم أنظمتها على حكم الفرد، لذلك زجت بهم مصر والإمارات في السجون، وعندما تتناول وسيلة إعلام هذا الموضوع يطالبون بإغلاقها.
وعرّج روث على ربط دول الحصار بين الإرهاب ووسائل الإعلام، مشيرا إلى أنها حيلة لم تعد تنطلي على أحد، وقال "هناك دعم مفتوح للإرهاب، مالي فكري، تغذيه السعودية منذ فترات طويلة، ويكفي أن نعلم أن التحالف الذي تقوده السعودية تسبب في مقتل الآلاف في اليمن، وفي كارثة الكوليرا التي حصدت أرواح آلاف اليمنيين بشكل لم يحصل حتى في هاييتي".
تحديات خطيرة
بدوره قال رئيس المعهد الدولي للصحافة جون يارود إن هذا المؤتمر يأتي في ظرف بالغ الحساسية، وفي مكان يحتضن أكبر أداة لحرية التعبير "شبكة الجزيرة" التي يطالب البعض بإغلاقها، مما يعد انتهاكا صارخا لحرية التعبير وحق الإنسان في معرفة ما يجري من حوله.
وطالب يارود بإبعاد وسائل الإعلام عن الصراعات السياسية بين الأنظمة، فالصحافة لديها رسالة سامية تتمثل في نقل الحقيقة للجميع، بالتالي أي محاولة للاعتداء عليها يجب أن تكون محل إدانة من العالم المتحضر والشعوب الحرة.
المري: بعد أن ضربت دول الحصار مصالح المواطنين الخليجيين ها هي تسعى للقضاء على حرية التعبير (الجزيرة)
من جانبه رحب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور علي بن صميخ المري باستجابة المنظمات والمؤسسات والشخصيات الحقوقية للمشاركة في هذا المؤتمر الذي يعالج واحدة من أخطر التحديات التي تواجه حرية التعبير في المنطقة.
وقال "لقد بدأت جهودنا حول حماية حرية التعبير مع مؤتمر "حماية الصحفيين في الأماكن الخطرة" في العام 2012، والمؤتمر العربي الآيبيري الأميركي الثالث للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حول "مناهضة خطاب الكراهية والتطرف" عام 2015، ومؤتمرنا هذا الذي يعقد في ظل هذا الحصار المفروض على قطر من قبل دول تطالب لرفعه بإغلاق الجزيرة، مما يعد انتهاكا صارخا لأبسط حقوق الإنسان وحرية التعبير".
وأوضح أنه بعد أن ضربت دول الحصار مصالح المواطنين الخليجيين ها هي تسعى للقضاء على حرية التعبير من خلال فرض غرامات مالية وعقوبات بالسجن لمن يعبر عن رأيه تجاه أزمة تهم الجميع.
وأضاف "من هنا أدعوكم كجهات تهتم بحرية التعبير للضغط على تلك الدول لاحترام هذه المكتسبات الإنسانية التي تعتبر من أبسط حقوق الإنسان".
وألمح المري إلى حالة حرية التعبير في العالم العربي، مشيرا إلى أن معظم الدساتير العربية تضمنت مواد تؤكد حق المواطن في حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومة، لكنها ظلت مواد فضفاضة ونصوصا يتم اختراقها كل يوم بشكل أفرغها من مضمونها.