تسابق فرق الإنقاذ في درنة الزمن للبحث عن المفقودين والناجين من جراء كارثة الفيضانات، وانتشال الجثث والتعرف على هويات أصحابها.
كما ناشدت السلطات المحلية في درنة المؤسسات والهيئات الدولية تقديم المساعدة والدعم الفني لمواجهة آثار كارثة الفيضانات التي ضربت البلاد.
وفي المقابل، نفى توفيق شكري، المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي، أن تكون حصيلة الفيضانات التي ضربت مدينة درنة شرقي البلاد بلغت 11.300 قتيل، كما أعلنت الأمم المتحدة. وقال شكري لوكالة الصحافة الفرنسية: نحن للأمانة نستغرب الزج باسمنا في مثل هذه الإحصاءات ونحن لم نصرّح بهذه الأرقام، معتبرا أنها "تربك الوضع وخاصة ذوي المفقودين. وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قد أعلن عن ارتفاع عدد قتلى السيول في مدينة درنة إلى 11 ألفا و300 قتيل، و10 آلاف و100 مفقود.
وقال فريق أرسلته الحكومة الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، إن حوالى رُبع المباني في درنة قد تحطم أو تضرّر جراء الإعصار الذي ضرب المدينة قبل نحو أسبوع. وقال الفريق إن نحو 900 مبنى قد تدمّر كلياً، بينما تدمّر جزئياً نحو 200 مبنى، فيما تغطّى بالطين نحو 400 مبنى آخر. وقال رئيس بلدية درنة، إن عدد الوفيات في المدينة قد يتراوح ما بين 18 و20 ألفا، موضحا أن عدد سكان درنة يبلغ 100 ألف نسمة، وتقدر المساحة المدمرة بالكامل في المدينة بـ100 كم. وأوضح الناطق باسم مركز الإسعاف والطوارئ في ليبيا، أن الضحايا دفنوا في ثلاث مقابر جماعية.
بيد أن منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى ناشدت السلطات في ليبيا التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، أو حرق الجثث بشكل جماعي، موضحة أن جثث الضحايا لا تشكل أي تهديد صحي تقريبا، وأن دفنها بشكل متسرع قد يؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد لذوي الضحايا، بالإضافة إلى مشكلات اجتماعية وقانونية. كما دعت المنظمة إلى تحسين إدارة عمليات الدفن، لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد.
وكان المدعي العام الليبي قد قال إن مكتبه يحقق في احتمال إهمال السلطات المحلية والحكومات المتعاقبة جراء الأضرار التي لحقت بالمواطنين والممتلكات في مدينة درنة. وأضاف الصديق الصور في لقاء أن التحقيق سيشمل النظر في أموال الصيانة التي تم دفعها لصيانة السدود.
وكانت السلطات الليبية قد نفت في تصريح سابق الاتهامات بأنها فشلت في تحذير السكان من العاصفة دانيال قبل الفيضانات الكارثية. وقال متحدث لبي بي سي إن السكان المحليين في مدينة درنة التي تضررت بشدة اعتقدوا أن التحذيرات الحكومية مبالغ فيها.
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها أرسلت إمدادات صحية كافية للوصول إلى 250 ألف شخص في ليبيا. وأضافت المنظمة، في بيان صحفي، إن 29 طناً من المساعدات - بما في ذلك الأدوية الأساسية ومستلزمات علاج الصدمات والجراحة الطارئة والمعدات الطبية وأكياس الجثث- وصلت إلى ميناء بنغازي. ويبعد الميناء حوالي 300 كيلومتر عن مدينة درنة، ما يجعل الوصول إليها أمراً صعباً بسبب الطرق المتقطعة والبنية التحتية المدمرة.
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم الاتحاد، توماسو ديلا لونجا، إن الفرق المحلية هي العنصر الرئيسي في جهود الإنقاذ التي يبذلها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وأضاف أن الجمعيات المحلية هي نقطة دخولنا إلى الأماكن المنكوبة، ولهذا السبب فهي عادةً أول من يستجيب للكوارث في كل ركن من أركان العالم ففي ليبيا، يوضح ديلا لونغا أن الهلال الأحمر الليبي يتواصل مع المكتب الرئيسي الدولي، والذي بدوره يقوم بعد ذلك بتنسيق الاستجابة الدولية، وإخبار الطواقم الأجنبية الموجودة على الأرض "بما هو مطلوب، وإلى أين نذهب، وكيف نستجيب.
ويقول ديلا لونجا إن استجابة الهلال الأحمر المحلي أمر بالغ الأهمية، حيث يستغرق وصول الطواقم الأجنبية إلى المناطق المنكوبة وقتًا أطول. ليس فقط بسبب ظروف البنية التحتية المحلية، ولكن أيضا لأنهم بحاجة إلى الحصول على تأشيرات لجميع أفراد الإنقاذ والحصول على إذن قانوني لإحضار الأدوية والأغذية وغيرها من الإمدادات. وقال أحمد بيرم، مستشار الإعلام والاتصالات الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين، إن التحديات العقلية التي يواجهها عمال الإنقاذ- ومعظمهم من المجتمعات المحلية - هائلة.
وحثت الدكتورة مارجريت هاريس من منظمة الصحة العالمية، التي كانت تتحدث أيضا لراديو بي بي سي، السلطات المحلية على عدم دفن الموتى في مقابر جماعية لمنع المزيد من الصدمات العقلية بين الناجين. وعندما لا يكون لديك أي فكرة عما حدث لأمك، ولطفلك ووالدك، فلن تتعافى أبدا من تلك الصدمة العقلية الرهيبة.