الفرس والترك والعرب... رؤية مستقبلية

مقالات 10:00 12.03.2024

تبدو العلاقات بينهم الآن أكثر وضوحا من أى وقت مضى وأنقرة وطهران دعامتان وليستا خصمين للقضية الفلسطينية. 

حرصت على استخدام الأسماء القومية بدلا من التعبيرات القانونية فى الإشارة إلى الأمم الثلاث، وذلك لإبراز الهويات المختلفة لأهم دولتين فى الجوار العربى ــ باستثناء إسرائيل بالطبع لما عليها من مآخذ لا تسقط بالتقادم وجرائم لن تغيب عن ذهن البشرية ــ مع علمنا الكامل وإدراكنا الواضح أن إسرائيل دخيلة من حيث المنشأ والسياسة والتعامل مع أصحاب الأرض من أبناء الشعب الفلسطينى الباسل.

فإسرائيل لا أتوقع منها تغييرا، مهما كانت المظاهر، ومهما بلغت الغطرسة، ومهما فعلت بدعم من الحلفاء الغربيين فى تحدٍ صارخ للرأى العام العالمى، ولذلك فإننى أركز هنا على الدولتين الأخريين إيران وتركيا، والفارق بينهما واضح، فالأولى دولة لها أجندة سياسية مغلفة بإطار دينى، أما الأخيرة فهى دولة ذات تاريخ مشترك مع العرب حافل بالصعود والهبوط فلقد جثمت على صدر دول الأمة لأكثر من سبعة قرون تميزت بالقهر والتخلف والاستنزاف والتسلط ومقايضة الغرب الأوروبى دائما بسيطرتها فى البلقان والشرق الأوسط حتى امتد نفوذها إلى بعض دول المغرب العربى فى أفريقيا إلى أن برز حاكم فى مصر هو الوالى محمد على الذى سعى إلى تحجيم نفوذها وتقييد سطوتها، فاجتمعت عليه الدول الأوروبية باتفاقية لندن عام 1840 لتحجم دولته بالحدود المصرية التاريخية دون التوسع الذى كان يسعى إليه جيش إبراهيم باشا ابن والى مصر، والذى دكت سنابك خيله هضبة الأناضول فى تهديد مباشر للخلافة العثمانية.

أما إيران، وهى التى أصبحت دولة إسلامية شيعية منذ عصر الشاه إسماعيل الصفوى بما يؤكد أن التشيع العربى أسبق من نظيره الإيرانى بقرون عدة، فالتشيع العربى يرجع إلى ما بعد واقعة التحكيم بين على ومعاوية فى القرن الأول الهجرى، بينما الأمر فى إيران أكثر حداثة وأقصر عمرًا من سابقه العربى.

منذ قيام الثورة الإسلامية فى طهران ووصول الملالى إلى الحكم ونحن نشهد تدخلا إيرانيا واضحا فى السياسة الإقليمية باعتبارهم ورثة حكم الشاه الذى كان يعد شرطى الخليج لعقود عدة، فتوهم الملالى أن الدور الإيرانى لكى يستمر ويمتد فإن عليه أن يتبنى مبررات بديلة كما كانت عليه الأوضاع فى عهد الشاه فكانت نظرية تصدير الثورة الإسلامية بمنطوق فارسى هى اللغة الجديدة التى امتدت من جنوب لبنان إلى جنوب الجزيرة العربية إلى محاولات التسلل إلى العراق على الرغم من الحرب الطويلة التى جرت بينهما فى عصر صدام حسين، فضلا عن التحالف القوى مع الدولة السورية بثقلها العربى ومكانتها القومية.

وها نحن نشهد الآن مسرح الأحداث بعد ما جرى فى غزة من جرائم غير مسبوقة فى تاريخ البشرية، إذ أثبتت العمليات العسكرية من جانب إسرائيل وعدوانها على الأطفال والنساء، أنه قد جاوز الظالمون المدى، فإذا بحزب الله يقوم بعمليات محدودة، ولا بأس فهذا حقه، إلا إذا كان يدافع عن لبنان الوطن الحقيقى الذى ينتمى إليه.

وقد حرصت إيران فى هذه الفترة على تكرار عدم رغبتها فى التورط الكامل فى الحرب الدائرة ومحاولة غسل اليدين من الأحداث المختلفة لأن لطهران أجندة خاصة هى فارسية بالدرجة الأولى، ولن تكون أبدا عربية أو فلسطينية.

أما عن الترك فحدث ولا حرج إذ إن أردوغان لاعب ماهر يفتح الجبهات فى براءة وهدوء، لقد زار فى أثناء الأحداث الأخيرة فى غزة دولة اليونان الغريم التاريخى للترك، وزار مصر المنافس الاستراتيجى فى شرق المتوسط وتحدث باهتمام عن الصومال فى إشارة إلى العباءة الإسلامية الكبرى التى يرتديها مع عمامة الخلافة العثمانية بما لها وما عليها، وهو يحظى بعلاقات قوية عسكرية واقتصادية مع إسرائيل، ولكن يجاهر بعدائها ويدين تصرفاتها وتلك هى المراوحة الذكية من جانب حكومة أنقرة فى هذه الظروف المعقدة فى المنطقة، فإذا رأينا أن ننظر إلى المستقبل واحتمالاته فإننا نرصده فى النقاط التالية:

أولا: بعدما جرى فى السابع من أكتوبر عام 2023 هرع الفرس إلى غسل أيديهم مما يجرى، كما أحجم حزب الله عن التورط الكامل فى العمليات العسكرية، ووقف الترك فى منتصف الطريق مكتفين بالإدانة الخطابية والتصريحات العامة، وبقيت إسرائيل موغلة فى جرائمها فى ظل غطرسة إرهابية لم يشهد لها التاريخ نظيرا.

ثانيا: إن دولتى الجوار العربيتين للشعب الفلسطينى مصر والأردن تمثلان ركيزة تبدو كالصخرة التى تتحطم عليها أحلام إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية والمضى فى التهجير القسرى لدفع الفلسطينيين لترك وطنهم، وبذلك تتوهم إسرائيل أنها تستطيع تصفية القضية الفلسطينية على حساب أرض عربية جديدة متوهمة أن ردود الفعل ستكون منعدمة مفترضة أن الشعوب يمكن أن تفرط فى أرضها تحت منطق القوة المرحلية، وهذا أمر يختلف مع سياق التاريخ منذ بزوغ فجره.

ثالثا: إن الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية تبدو فى أسوأ أوضاعها وأكثرها اضطرابا وتخبطا، فهى تمد إسرائيل بكل ما تحتاج إليه، لكنها فى الوقت ذاته ترى أن توسيع دائرة الحرب فى الشرق الأوسط أمر يوقع ضررا بليغا بالمصالح الأمريكية فى وقت تتجه فيه إلى الانكماش العسكرى فى الخارج والتوقف عن الدخول فى جبهات جديدة، إنها الإدارة التى ترى أن حل الصراعات من بعد سيكفيها عن التدخل المباشر، وهذا أمر لا ضمان له فى كل الأحوال.

رابعا: إن الشعب الفلسطينى أدرك متأخرا أن وحدة الكلمة والصف لكل طوائفه العقائدية والسياسية هى نقطة بداية الانطلاق نحو الغايات المطلوبة للتحرر الوطنى والدولة المستقلة والعاصمة فى شرق القدس، وقد أدى اجتماع موسكو أخيرا بين قادة الفصائل إلى إدراك عميق لما يعترى القضية الفلسطينية فى هذه الظروف التى تبدو حاكمة أمام كل الأطراف.

خامسا: إن إسرائيل حاليا فى أضعف المراحل منذ نشأتها، فلقد أدركت شعوب العالم الكذبة الكبرى التى روجت لها إسرائيل، وهى أنها دولة عصرية حديثة تواجه طوفان الغضب الإرهابى من الجانب الآخر، وقد بدا واضحا للجميع أن الفلسطينيين أصحاب حق، ولذلك فإن ساعة الفرج مقبلة، وسيبدأ النصر من غزة وتتوهم إسرائيل أنها تحقق انتصارا بالآلة العسكرية الحديثة التى تملكها ولا يحوز مثلها الفلسطينيون الذين تنكر لهم كثر، وزايد عليهم كثر أيضا.

وستبقى دول الجوار، خصوصا إيران وتركيا، دعامتين يجب أن تكونا إضافة إيجابية للوجود العربى، وليستا خصما منه. إن مستقبل العلاقات العربية مع الفرس والترك تبدو الآن أكثر وضوحا من أى وقت مضى، فالقضية الفلسطينية قضية عربية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية إسلامية شرق أوسطية، وتتحمل الدول العربية العبء الأكبر فى هذا الصراع الدامى بين أصحاب الأرض وبين المغتصبين القادمين من شتى بقاع الدنيا. 

مصطفي الفقي 

سياسي وكاتب مصري 

خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل

أحدث الأخبار

سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
تراب رضاييف: دعوة أذربيجان يمكن أن تكون فرصة ذهبية لإحلال السلام في المنطقة
16:00 07.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس وزراء سلوفاكيا
13:45 07.05.2024
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
علي أحمدوف : ثلث دول العالم تعاني من مشكلة الالغام
13:30 07.05.2024
الولايات المتحدة ... اعتقال 2500 خلال المظاهرات المؤيدة لفلسطين
13:15 07.05.2024
قطر: حديقة القرآن تحصل على الاعتماد الدولي في صون الموارد النباتية
13:00 07.05.2024
شي يحث ماكرون على مساعدة الصين في تجنب حرب باردة جديدة
12:45 07.05.2024
حماس توافق على مقترح مصري- قطري لوقف النار
12:30 07.05.2024
مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء
12:15 07.05.2024
شولتس يعلن الاتفاق على استخدام عائدات الأموال الروسية المجمدة لشراء أسلحة لأوكرانيا
12:00 07.05.2024
روسيا: سنتعامل مع مقاتلات إف- 16 في أوكرانيا على أنها تحمل أسلحة نووية
11:45 07.05.2024
حماس تحذر إخلاء رفح تطور خطير وسيكون له تداعيات
11:30 07.05.2024
حرب غزة تلقي بظلالها على العلاقات بين إيران وسوريا
11:15 07.05.2024
جهود مصرية لاحتواء التصعيد بين حماس وإسرائيل
11:00 07.05.2024
تركيا.. ضبط 3 آلاف و380 قطعة أثرية في إزمير
10:45 07.05.2024
أردوغان يرحب بإعلان حماس قبولها وقف إطلاق النار
10:30 07.05.2024
جميع الأخبار