بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في النصف الشمالي من قطاع غزة، وصدرت الأوامر لمئات الآلاف من السكان بالإخلاء والتوجه للجنوب، وبعد وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر، حوّلت القوات الإسرائيلية انتباهها نحو الجنوب، وأمرت الناس مرة أخرى بالفرار.
ومنذ فبراير، توغلت القوات الإسرائيلية في كل أنحاء غزة تقريباً، باستثناء منطقة صغيرة في وسط القطاع ومدينة رفح على الطرف الجنوبي؛ حيث نزح أكثر من نصف سكان غزة. تقول السلطات الصحية في غزة إنه تم التأكد من مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، نحو 40% منهم من الأطفال، ولا يزال هناك آلاف الجثث تحت الأنقاض. وأصيب أكثر من 75 ألف شخص، ما يعني أن نحو 5% من السكان قُتلوا أو أصيبوا، دون احتساب الوفيات الناجمة عن الجوع والظروف غير الصحية وانهيار خدمات الرعاية الصحية.
في بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً. وسمحت تدريجياً بدخول المساعدات، أولاً من خلال معبر مع مصر مخصص للأفراد، ثم عبر نقطة تفتيش قريبة مع إسرائيل نفسها. ويصعب توزيع أو نقل الإمدادات التي تدخل القطاع بسبب الانفلات الأمني مع تفكك السلطات المدنية. للمجاعة ثلاث مراحل تقريباً: نقص حاد في الغذاء مما يؤدي إلى تفشي سوء التغذية، وفي النهاية الموت الجماعي بسبب الجوع والمرض.
ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي - وهو أداة لمراقبة الجوع في العالم - فقد تجاوزت غزة بالفعل المعيارين الأولين؛ نقص الغذاء وسوء التغذية، وأصبح الموت الجماعي وشيكاً ما لم تزد المساعدات بشكل فوري، ويتوقع أن تتفشى المجاعة بحلول شهر مايو المقبل. وذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي منذ أشهر أن غزة تعاني من أكبر حالة لانعدام الأمن الغذائي تشهدها على الإطلاق، طبقاً لما نقلته وكالة رويترز.
وفي تقريره الصادر في مارس، أشار التصنيف إلى أن 100% من سكان غزة يعانون من نقص حاد في الغذاء، وبالنسبة لنصف السكان، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة 20% المرتبطة بالمجاعة، فقد وصل نقص الغذاء إلى أعلى مستوى، وهي الفئة الخامسة أو الكارثة. وبالإضافة إلى الجوع، تشعر وكالات الإغاثة بالقلق إزاء نقص الرعاية الصحية والصرف الصحي، ولم تعد هناك مستشفيات تعمل بكامل طاقتها في الشمال، ولا يوجد سوى عدد قليل منها يعمل في الجنوب.
وداهمت إسرائيل المستشفيات وحاصرتها مراراً، قائلة إن مسلحي حماس يستخدمونها قواعد، وهو ما تنفيه الطواقم الطبية. ويؤدي الاكتظاظ إلى انتشار الأمراض، ويجد العديد من الأشخاص صعوبة بالغة في العثور على مراحيض نظيفة أو أماكن للاستحمام بشكل دائم أو لا يمكنهم الوصول إليها على الإطلاق.
مع تكدس نحو نصف سكان القطاع في رفح حالياً، يقول البعض إنه لم يعد هناك مكان للفرار إليه، وتقول إسرائيل إن وحدات حماس المسلحة الرئيسية وقادتها يحتمون في المدينة، وإن الاجتياح البري ضروري لهزيمتهم، ووعدت بالتنسيق مع مصر وإجلاء المدنيين شمالاً داخل غزة دون تقديم أي تفاصيل.
وذكرت الأمم المتحدة أن الهجوم على رفح سيتسبب في كارثة إنسانية. ويقول فلسطينيون إنهم يخشون أن يكون هدف إسرائيل النهائي هو تهجيرهم من غزة إلى مصر، وهو ما تنفيه إسرائيل.