العيش في الظلام

تحليلات 15:00 18.03.2019
أحمد الحناكي
 
لو فقد المبصرون نظرهم لمدة ساعة واحدة لما تشاجروا مع كفيف مدى حياتهم. عشت مع والدتي الحبيبة في بيت واحد حتى سلمتني وديعة إلى زوجتي في يوم الزفاف وما زلت أذكر ذاك اليوم جيداً، وكيف لا أذكره! إذ كنت أضم والدتي وهي تودعني وأنا أنفجر بكاءً، مع أنني سأعيش مع مالكة قلبي وشريكة عمري، لكن حبي لها وشعوري الداخلي بأنها ستعيش أكثر وحدة في ظلامها الدائم أضفى على القلب خوفاً ووحشةً وقلقاً وألماً وتأنيباً وجلداً لضميري.
 
نشأت كما غيري من الناس مع والدتي «الكفيفة» منذ أن كان عمرها ستة أشهر، ولكن هناك فارقا من دون شك، فلم تلتق عينانا أبداً وتعابير السعادة أو التعاسة أو الألم أو الغضب تتباين بشكل مختلف عن من يملكون البصر، غير أن والدتي عوضت أشياء كثيرة بأخرى تميزت بها، منها تلك الحساسية المفرطة وذلك الذكاء الحاد وعاطفة ملتهبة وحب يملك كل قلبها مكرس لابنيها الاثنين أخي وأنا.
 
يعتصرني الذنب أحياناً كما لو كنت مسؤولاً عن فقدانها البصر، وتقول والدتي «إنك كنت في الرابعة أو حواليها من العمر عندما قلت لي خذي واحدة من عينيّ لكي ترين بها».
 
كانت وما زالت صديقتي التي تستنبط وتسبر أغواري وتفهم مشاعري حتى من دون أن اتكلم، ولطالما دارت بيننا حوارات حول الحياة وحول كل شيء، فقد كانت تريد أن تصبح كالمبصرين على رغم نقص بعض المعطيات، والأجمل من كل ذلك هو شعورها المرهف تجاه الناس جميعاً، فإعاقتها علمتها أن البشر جميعاً متساوون، طبعاً مع الأخذ بالحسبان أنها امرأة وهو ما يجعلها أكثر حساسية وتفهماً للآخرين أي كانت ألوانهم أو عرقياتهم أو دياناتهم، لم يكن ذلك فقط، بل إن أصدقائي أصبحوا أبناء لها، فكانت بإحساسها المرهف تعرف من هو القريب ومن هو البعيد، وقلبها ينبض بمشاعر مسروقة من مشاعري وتغفر لكل الناس أي شيء سوى النيل من أبنائها.. فهذا دونه خرق العتاد. وعندما ازورها أتأملها طويلاً شاعر بأنني صغير أمام معاناتها وكفاحها ونضالها السابق حتى ربّتنا وأنشأتنا وعلّمتنا، أشعر لها بالامتنان والجميل والعرفان والولاء، إذ إنها قدمت الكثير ولا تنتظر مقابلاً إلا حباً.
 
بطبيعة الحال، فإن جميع الأمهات في هذا الكون يتشابهن بلغة الحب لأطفالهن، لأنها قضية غريزية غير موجودة لدى الرجل، وأمي واحدة من هؤلاء، لكن الأمر المختلف بالنسبة لها أنها أمي وثانيا أنها كفيفة، وسواء بقناعة أم تعلم أم تعصب أم سموها كما تشاؤون، أنحاز مع المكفوفين وأتعاطف معهم بكل جوارحي.
 
قبل شهر ذهبت مع مجموعة من الأصدقاء الأعزاء إلى منزل صديقنا الأكبر صالح الصويان (أبو نزار) لزيارته، إذ وقع بعد تعثره في المنزل ووجدناه في أحسن حال، الجميل في هذا الرجل هو هذه المثابرة والجلد على القراءة والمتابعة، وعندما جلسنا معه كان هو من يتحفنا بالجديد على رغم أنه أصبح فاقداً للبصر تماماً في سنته الأخيرة، وقبلها كان ضعيف البصر تماماً، وقال لنا -ونحن في حضرته- إن أكثر ما افتقده بعد ضعف البصر أنه اشتاق لرائحة الكتب، وأنه يدلف أحيانا للمكتبة ثم يشم ورق الكتب التي لها رائحة متميزة لا تنسى.
 
«الأديب الأرجنتيني خورخي بورجس استمر شغفه للكتاب حتى بعد أن فقد بصره مبكراً، حتى إنه كتب قصائد لتلك الكتب التي لا تراه ولا يراها، وتولى حراسة 80 ألف كتاب في المكتبة الوطنية في بوينس آيرس، إذ كان مديراً لها في أواسط الخمسينات، يعرف دروبها، ويهتدي وحده إلى كل كتاب فيها، يمرر أصابعه عليه فيميزه ويعرفه، ويبصر ذلك الكفيف كل شيء في المكان المفضل بالنسبة إليه، عاش بين الكتب قارئاً وموظفاً، وحين أرادت سلطات بلاده في مرحلةٍ ما معاقبته نقلته إلى وظيفة أخرى بعيداً عن حيزه الأثير المكتبة الوطنية. (الإمارات اليوم)».
علييف يتحدث عن حرب غزة

أحدث الأخبار

كاف يقرر اعتبار اتحاد الجزائر خاسرا 3-صفر بعد أزمة قميص نهضة بركان
18:00 26.04.2024
محام : أرمينيا تمارس استراتيجية التطهير العرقي
17:23 26.04.2024
أمريكا تستعد لسحب قواتها من تشاد والنيجر
17:00 26.04.2024
محام بمحكمة العدل : أرمينيا شردت ملايين الأذربيجانيين
16:31 26.04.2024
فريق إزالة الألغام يزور اغدام
16:03 26.04.2024
انتهاء الاجتماع الثنائي بين علييف وشولتز
14:52 26.04.2024
ما هي تفاصيل اتفاقية السلام المرتقبة بين أذربيجان وأرمينيا ؟ خبير سياسي يجيب
14:20 26.04.2024
علييف : أجندتنا الخضراء تتطور
13:15 26.04.2024
انطلاق اجتماع علييف مع شولتز
13:00 26.04.2024
علييف : تجهيزات استضافة أذربيجان لقمة المناخ مستمرة
12:32 26.04.2024
وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت وصاية الحكومة
12:30 26.04.2024
مجموعة بريكس لن تتخلى عن إنشاء عملة موحدة
12:15 26.04.2024
علييف يلقي خطابًا خلال مشاركته في منتدي بطرسبرغ الخامس عشر للمناخ
12:11 26.04.2024
علييف يشارك في منتدي بطرسبورغ الخامس عشر للمناخ في ألمانيا
12:01 26.04.2024
ليبيا وإثيوبيا تبحثان عودة تعاونهما في مختلف المجالات
12:00 26.04.2024
طلاب في مواجهة حكومات الغرب... عندما تكشف غزة عورة الحرية
11:45 26.04.2024
رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا
11:30 26.04.2024
حماس وفتح ستعقدان لقاء في بكين لمناقشة إنهاء الانقسام الداخلي
11:15 26.04.2024
انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي بخان يونس خلال 5 أيام
11:00 26.04.2024
الولايات المتحدة تبدأ مناقشة انسحاب قواتها من النيجر
10:43 26.04.2024
اللحوم تلحق بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية
10:30 26.04.2024
للوصول إلي القمر ... منافسة شديدة بين الولايات المتحدة والصين – تحليلات
10:25 26.04.2024
الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحققين مستقلين
10:16 26.04.2024
العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل مشنقة حول رقبة واشنطن نفسها
10:00 26.04.2024
العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغزة
09:45 26.04.2024
الإمارات تتعاون مع إندونيسيا للحد من تسرب النفايات إلى المحيطات والأنهار
09:30 26.04.2024
إقالة رئيس البرلمان البلغاري
09:15 26.04.2024
5 دول تخطط لقرار مشترك للاعتراف بدولة فلسطين
09:00 26.04.2024
حزب الله ينفي مقتل نصف قادته
17:00 25.04.2024
ماكرون يحذّر: "أوروبا تموت
16:20 25.04.2024
انفجار وتصاعد للدخان جرّاء هجوم على سفينة قرب عدن
16:00 25.04.2024
أرمينيا تتهم أذربيجان بزرع ألغام في قراباغ
15:46 25.04.2024
السعودية والكويت ترحبان بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن الأونروا
15:30 25.04.2024
الجيش الأمريكي يتصدى لهجوم حوثي في البحر الأحمر
15:15 25.04.2024
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة
15:00 25.04.2024
دافكوفا تتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمقدونيا الشمالية
14:45 25.04.2024
بين أفول نظام دولى وميلاد آخر.. سنوات صعبة
14:19 25.04.2024
وصول سفينة عسكرية تركية إلى ميناء مقديشو
14:00 25.04.2024
مركز تركي- عراقي ضد العمال الكردستاني
13:45 25.04.2024
استمرار الاكاذيب الأرمينية ضد أذربيجان في محكمة العدل الدولية
13:25 25.04.2024
جميع الأخبار