مع قدوم شهر مارس من كل عام، تتجدد الإحتفالات في مختلف بقاع العالم باليوم العالمي للمرأة والتي ناضلت عبر التاريخ الطويل من أجل الحصول على حقوقها المشروعة في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتي ظلت لقرون طويلة أسيرة لثقافات محلية ودعوات تطالب بعدم ولوج المرأة لمجالات طالما سيطر عليها الرجال ولم يكن مسموحاً للمرأة بدخول تلك المجالات، حيث أثبتت الوقائع التاريخية أن للمرأة أدواراً فاعلة في عمليات نهضة الأمم والدول لا تقل فاعلية عن الأدوار التي يقوم بها الرجال منذ بدء الخليقة مروراً بالحضارات المختلفة والتي ساهمت المرأة في بناء دعائمها مع الرجال مرورا بالأحداث العالمية الكبرى التي بلورت دور المرأة، ولعلنا نتذكر كيف قامت المرأة بدور التنمية والبناء في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية لتصبح هذه الدولة في غضون عقود قليلة أحد أكبر اقتصادات العالم، وكذلك لم يختلف الأمر كثيراً في بريطانيا التي قدمت رئيسة حكومتها لسنوات عدة مارجريت تاتشر دروساً في القيادة والإدارة لتستحق عن جدارة لقب المرأة الحديدية... ونماذج كثيرة أخرى تؤكد الدور المتعاظم للمرأة على المستوى العالمي.
وعند النظر للدولة المصرية، لا يمكن إغفال دور المرأة عبر تاريخ مصر الطويل منذ الحضارات المصرية القديمة والدور التاريخي لإياح حتب وحتشبسوت ونفرتاري وغيرهن مرورا بالدور الثوري والبطولي للمرأة المصرية أثناء ثورتي القاهرة الأولى والثانية إبان الحملة الفرنسية 1798-1801 وكذلك الدور القوي للمرأة أثناء حملة فريزر 1807 وصولاً لتحالف قوى الشعب الذي طالب بالإستقلال خلال ثورة 1919، وفي تاريخنا المعاصر برزت أدواراً رائعة للمرأة المصرية خلال ثورة يناير 2011 من خلال الوعي الجمعي النسوي والذي اكتمل في ثورة 30 يونيو 2013 للمطالية بعودة الدولة المصرية. وقدمت المرأة نماذج سطرها التاريخ بأحرف من ذهب، وهنا يمكننا التأكيد علي أن المرأة المصرية في الدولة الجديدة صارت لها حقوقا متساوية تماما مع الرجل في كل المجالات وشجعها على ذلك وجود قيادة تؤمن بقدراتها وبيئة تشريعية تعترف بحقوقها، حيث تقلدت أرفع المناصب وشاركت في كافة مجالات التنمية والبناء من أجل نهضة مصرية حقيقية.
وبالإنتقال إلى جمهورية أذربيجان، نجد أن المرأة قد حصلت على حقوق مشروعة ومساوية للرجل منذ فترة طويلة، ومع مرور السنين، اكتسبت المرأة مزيداً من تلك الحقوق، حيث تم منح حق النساء في التصويت عام 1918؛ لتصبح أذربيجان أول دولة مسلمة تمنح النساء حق التصويت. والسنوات الأخيرة تقلدت المرأة العديد من المناصب السياسية المرموقة كرئيس البرلمان السيدة صاحبة جعفروفا، ونائب رئيس لجنة الانتخابات المركزية. ومنصب نائب رئيس المحكمة الدستورية، وهنا لا يمكن إغفال دور السيدة الأولى في أذربيجان النائب الأول لرئيس الجمهورية السيدة مهريبان علييفا، ورئيسة مؤسسة حيدر علييف، وسفيرة النوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعِلم والثقافة (يونسكو)، ولمنظمة العَالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، والتي كانت والدتها رائدة علم الدراسات الشرقية عايدة إيمانقوليفا باحثة ورائدة في مجال جذور الثقافات واللغة والاستشراق. وقد شكلت السيدة الأولى أدواراً حضارية داخل أذربيجان كعضو في البرلمان، وضمن مؤسستها الخيرية أصدقاء الثقافة الأذربيجانية، التي تأسست في عام 1995، وفي العام 2004 دشنت مؤسسة حيدر علييف، التي تحمل اسم الزعيم الوطني للشعب الأذري، وتمكنت بنشاطها من القيام بالكثير من المساهمات الإنمائية في المجتمع والثقافة والاقتصاد وغيرها من المجالات الحضارية.
صفوة القول، أن المرأة وهى تحتقل بيومها العالمي نجدها حاضرة في كلا من التجربتين المصرية والآذربيجانية لتقدم نموذجاً راقياً في المشاركة والتفاعل الإيجابي مع الرجل من أجل بناء الوطن وقيادة المستقبل من خلال العمل الجاد والسعى المستمر لتخطي الصعاب وإثبات النظرية التي تقول أن المرأة إذا منحت الفرصة فهي قادرة على فعل ما لا يمكن أن يفعله الرجال في كثير من الميادين.
بقلم د.أميرة عبد الحكيم
كاتبة وباحثة
عضو لجنة المحافظات بالمجلس القومي للمرأة في برلمان جمهورية مصر العربية