وأقر مجلس النواب الأميركي الثلاثاء بأكثرية ساحقة (419 صوتا مقابل ثلاثة أصوات) مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على موسكو ويبعد أكثر إمكانية تطبيع العلاقات الثنائية التي يسعى إليها الرئيس دونالد ترمب.
وتنعكس هذه العقوبات الجديدة على وحدة الموقف الأميركية الأوروبية في وجه روسيا منذ أن ضمت موسكو القرم عام 2014 وبعد حرب أوقعت أكثر من عشرة آلاف قتيل في شرق أوكرانيا، إذ تجيز معاقبة شركات أوروبية.
وستبحث دول الاتحاد الأوروبي ردا محتملا في اجتماع في بروكسل الأربعاء.
كما تشمل المذكرة القانونية التي ما زال ينبغي إقرارها في مجلس الشيوخ، عقوبات على إيران تستهدف خصوصا جهاز الحرس الثوري المتهم بدعم الإرهاب، وعلى كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافة أن الرئيس فلاديمير بوتين سينتظر حتى يقر الكونغرس بمجلسيه العقوبات الأميركية الجديدة قبل أن يقرر بشأن الرد عليها، موضحا "بما أنه مشروع قانون لن نعطي تقييما جوهريا في الوقت الحاضر" مضيفا "لننتظر حتى يصبح هذا قانونا".
وحذر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف بأن "هذه الأعمال لن تمر بلا رد" حسبما نقلت عنه وكالة "تاس" الرسمية الروسية، وأكد أن موسكو لن "تنساق للعواطف" بل ستعمل في سبيل "التوصل إلى تسويات بشأن مسائل مهمة لروسيا وكذلك، على ما أعتقد، للولايات المتحدة، مثل مكافحة الارهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل".
وقطع النواب الأمريكيون الطريق على الرئيس ترمب الساعي إلى مد اليد إلى نظيره الروسي، ردا على حملة "تضليل وقرصنة" اثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام الفائت اتهمت موسكو بتدبيرها.
كذلك أشار النواب الأميركيون في سياق تبرير العقوبات إلى ضم القرم والتدخل الروسي في أوكرانيا.
ورحب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو بـ"قرار مهم" مؤكدا على تويتر أن "الثمن المترتب على الاعتداء يجب ان يرتفع!".
وإلى تعزيز التدابير التي تستهدف الاقتصاد الروسي، ينص مشروع القانون على آلية غير مسبوقة تثير استياء البيت الأبيض وتقضي باحتفاظ النواب بحق التدخل في حال قرر ترمب تعليق عقوبات سارية على روسيا.
وفي حال أقر مجلس الشيوخ النص، يحق لترمب رفضه وعندها يتعين جمع أكثرية الثلثين في الكونغرس لتجاوز الفيتو الرئاسي. وقضت العادة أن يتفادى الرؤساء هذه الإهانة بإعلان الدعم المتأخر للتشريع المعني.
ومن باريس إلى برلين مرورا ببروكسل، أثارت المبادرة الأميركية الاستياء لأنها اتخذت من طرف واحد، بعدما كان يجري حتى الآن التنسيق بين أوروبا والولايات المتحدة قبل فرض عقوبات على روسيا حول القرم حرصا على وحدة الصف بين جانبي الأطلسي في مواجهة موسكو.
ودعت المفوضية الأوروبية إلى وجوب الأخذ بمخاوفها وقال رئيسها جان كلود يونكر في بيان إن مشروع القانون الأميركي قد "ينجم عنه مفاعيل أحادية ستترتب عليها عواقب على مصالح الاتحاد الأوروبي على صعيد أمن الطاقة".
وأضاف يونكر "في حال لم يتم الأخذ بمخاوفنا بالشكل الكافي اليوم، فإننا على استعداد للتحرك بالشكل المناسب في غضون بضعة أيام"، مرددا تهديدا صدر عنه في أيار/مايو بعد محادثات مع الرئيس الأميركي.
وأعربت عدة دول أوروبية في مقدمتها ألمانيا وفرنسا عن الغضب لأن القانون سيتيح للرئيس الأميركي فرض عقوبات على الشركات العاملة على خطوط غاز من روسيا من خلال الحد مثلا من إمكانية وصولها إلى المصارف الأميركية أو استبعادها من الأسواق العامة في الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنياس روماتيه إن "مشروع القانون هذا، في حال إقراره، سيسمح بفرض تدابير على كيانات أوروبية وبالتالي، فإن مدى تطبيق هذا النص خارج الأراضي (الأميركية) يبدو غير قانوني بنظر القانون الدولي".
وفي إيران قال رئيس إيران حسن روحاني الأربعاء إن بلاده سترد على أي انتهاك أميركي للاتفاق حول البرنامج النووي.
وصرح أثناء اجتماع مجلس الوزراء بحسب ما أورد التلفزيون العام "إذا داس العدو على قسم من الاتفاق (أو)، إذا داس على الاتفاق برمته، فسنفعل الشيء نفسه".