يمكن اتخاذ مواقف محتلفة تجاه الماضي السوفيتي. ولكن لا شك في أن القاعدة القانونية للعهد السوفيتي هي أساس لشرعية تواجد المؤسسات الحكومية ما بعد العهد السوفيتي وقانونيته.
لا يوافق البعض في أوكرانيا المعاصرة على أن يقبلوا هذه الحقيقة البسيطة والواضحة جداً. في 31 مارس 2015 أقر مجلس الوزراء لأوكرانيا 4 قوانين حول الانفصال عن الشيوعية وهي:
· تخليد الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية 1939-1945؛
· الكشف عن أرشيف المؤسسات القمعية التابعة للنظام الشيوعي الاستبدادي 1917-1991؛
· إدانة النظامين الشيوعي والاشتراكي-القومي (النازي) في أوكرانيا وحظر نشر رموزها؛
· الوضع القانوني للمناضلين من أجل استقلال أوكرانيا في القرن العشرين.
تنص هذه الحقيبة لقوانين الانفصال عن الشيوعية على المسئولية الجنائية للأشخاص الذين يبدون الأفكار الشيوعية بصراحة وينفون "جرائم النظام الشيوعي التوتيليتاري". مثلاً تفرض العقوبة على الشخص الذي يؤدى "الأممية" التي كانت نشيداً للاتحاد السوفيتي حتى عام 1944 بالسجن لمدة 5-10 سنوات ومصادرة أملاكه وهذه العقوبة تزيد قسوة على العقوبات لانتهاك حرمة المرأة وتقارن بغقوبات على أشد الجرائم قسوة.
جرت وتجري في إطار عملية الانفصال عن الشيوعية قلب تماثيل العهد السوفيتي وتغيير تسمية المدن والمناطق السكنية والقرى والميادين والجادات والشوارع دون الأخذ بالحسبان التكاليف الباحظة لهذه العملية في بلد فقير جداً. هناك طلبات عديدة من "معهد الذاكرة الوطنية" حول حظر عيد النصر 9 مايو وعيد العمل والربيع 1 مايو وعيد المرأة 8 مارس لاعتبارها بقايا الماضي التوتيليتاري.
لم يكتف السياسيون الأوكرانيون بهذه "الإصلاحات" المعادية للشيوعية حيث صرح وزير العدل الأوكراني بافيل بيترينكو أنه ينوي إدخال التعديلات في قانون الانفصال عن الاشيوعية والتي تنص على وقف مفعول التشريعات التي أقرت في العهد السوفيتي. وصرح السياسي الأوكراني: "أدعو البرلمان لإدخال التعديلات المحددة في قانون الانفصال عن الشيوعية وإصدار القرار أن التشريعات التي تم اعتمادها على أساس قوانين جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية أو اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية تنهى سريان مفعولها"
وزير العدل الأوكراني بافيل بيترينكو
هكذا يقضي المشرع الرئيسي للبلاد بقصد أو بلا قصد على القاعدة القانونية التي تعتمد عليها الدولة الأوكرانية ويحرمها من الشرعية ومعنى تواجد الدولة نفسها وهذا هو مؤشرات خيانة الدولة. وهذه الخيانة التي يتهم "المصلحون" الأوكرانيون منافسيهم السياسيين فيها دون أي أساس.
في هذه الحالة تصبح ذاتية البلاد مشكوكة فيها وبطلانة. حيث أن أوكرانيا من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة في عام 1945. والشرعية السوفيتية والدولية هي التي رسمت حدود أوكرانيا الحالية بما فيها انتماء عدد من الولايات في غرب أوكرانيا وفي نهاية الأمر شبه جزيرة القرم. وإذ اتبعنا منطق وزير العدل فهذا يعني أن قانون جمهورية أوكرانيا السوفيتية المؤرخ في 17 يونيو 1954 والذي ينص على أن ولاية القرم وضعت في قائمة الولايات الأوكرانية ينهي مفعوله أيضاً.
يواصل هذا النوع من الإصلاحية السطحية ولاتأمل فيها زرع الهرج والمرج والفوضى في جميع مجالات حياة المواطنين وتمثل أزمة النظام العميق للدولة الأوكرانية.
."من الممكن ألا تشارك هيئة التحرير موقف المؤلفين ولاتتحمل المسئولية على المقالات الصادرة في قسمي "آراء الخبراء" و"مركز الأخبار التحليلية