إغلاق الجزيرة.. العار الذي لن يُنسى

هي كلمة واحدة إذن جلبت اهتمام كثيرين لا يعرفون من الخليج سوى كلمتين مفتاحيتين: البترول والجزيرة.

تحليلات 09:28 03.08.2017

في الوقت الذي كان فيه الرّأي العام الإسباني يتأمّل وربّما يتأهّب لتصديق التّهم المُوجّهة لقطر، أماطت مضامين قائمة الشّروط التي نشرتها دُول الحصار اللّثام عن زيْفِ هذه التّهم وتلفيق مالا يليق بزماننا من الأكاذيب المفضوحة. وقد طغى التّهكّم من  شرط إغلاق الجزيرة وجرّ النّاقدين (و حتى الذين لم يكونوا يوما عالمين بسياسات قطر) إلى التّعرّف على تفاصيل قمّة الرّياض.

هي كلمة واحدة إذن جلبت اهتمام كثيرين لا يعرفون من الخليج سوى كلمتين مفتاحيتين: البترول و الجزيرة. واضح أن هذه الجزيرة مؤسسة بمكانة دولة، تربّعت على عرش تصنيف القنوات الصّادحة  بالفصحى ونالت مكانة لا بأس بها لدى متابعي الشّأن العربي و متعلّمي اللغة العربية النّاطقين بغيرها أكثر. هي الجزيرة إذن تتقدّم صورة قطر  لدى هذه الفئة من المهتمّين بالثقافة واللّغة العربية، فبماذا ترتبط صورتا السعودية والإمارات في أذهانهم؟

التنكر للهوية

لاشكّ أنّ تآمر العرب على لغتهم، حكومات و شعوبا، (قَسرا كان أو طوْعا) لا يمكن تفسيره سوى بالغباء أو بالتنكّر للهوية وهدر لثروة كان من المُمكن أن ترفع شأن هذه الأمّة إلى مصافي الأمم التي استثمرت تاريخها و دُرَرِ حضاراتها. ورغم هذا التّفريط و الهدر لثروة اللّغة (والأمر لا يختلف عن باقي ثروات العرب المهدورة) ما زال عدد لا بأس به من جميع أصقاع العالم يتهافت على تعلّم هذه اللغة المُصنّفة في المراتب الخمس الأولى الأكثر تداولا. و ممّا لاشكّ فيه أيضا، أن العمل على ضرب الهويّة العربية و اللّغة كهدف استراتيجي لا يُمكن أن يأتي أكله في المجتمع الأمّ بسهولة بفضل السلوك الدّفاعي الغريزي لدى الإنسان.

لكن المؤسف في الأمر انّ إهمال هذا المجال في سياسات الأمة قاطبة وعدم بذل مجهود يليق باستقطاب الآخر يجعل الرّاغبين في تعلّم اللّغة العربية من خارج أراضيها يواجهون صعوبات كثيرة تنتهي بأغلبهم  الى التّخلي عن هذه التّجربة. وأوّل ما يصدم طالب العربية النّاطق بغيرها هو كثرة اللّهجات النابعة منها و جهل العرب أنفسهم بقواعد لغتهم المُتعلّقة أساسا بالنحو والصّرف و الرّسم. قواعد يشقى الطالب منهم في تعلّمها ولا يلقى لها صدى لا على أرض الواقع ولا حتى في الفضاء الإعلامي الذي يدّعي تجاوز المحلية ومراعاة احتياجات الآخر المقبل على لغته و ثقافته. 

في المُقابل، دعونا نُلقي نظرة خاطفة عن اهتمام الأمم الأخرى بلُغاتها وحرصهم على نشرها.

الوعي الأمريكي

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وَعت الولايات المتحدة الأمريكيّة أن تفعيل الاهتمام باللّغة الانجليزية أمر يتجاوز القيمة المعرفية والثقافية، بل هي أداه حرب وجب تطويرها لتسهيل الغزو و الدفاع والاستقطاب و حتى الجاسوسية. فعملت على المعالجة العلمية لبعض النقاط المتعلقة بتقييم إتقان اللغة وأرست مع الوقت أُطُرا معيارية تخرج بتقييماتنا لشخص يعرف لغة ما من جيد أو متوسط أو ضعيف إلى وحدات قياس كُبرى مُتعارف عليها عالميا بدرجات مختصرة بحروف A,B,C… وصغرى تنحدر منها مثال C1,C2,C3، ما نُطلق عليه اليوم درجات اختبارات التويفل و الآيلتس مثلا.

وأسوة بهذه الخطوة الذّكية، نهجت البلدان الأوربية العظمى مؤخّرا على منوال التجربة الأمريكية وأرسوا الإطار المرجعي الأوربي المشترك للغات CEFR. مبادرات تعمل جميعها على توحيد مقاييس التّقييم اللّغوي  لكلّ لُغة، تُشبه وحدات قيس المسافات و الوزن ...فمثلا من أجل انتداب أشخاص لعملٍ ما، يكفي أن يذكُر باعث العرض أنه من بين الشروط هو الحصول على مستوى C1 في الإنجليزية و B3 في الفرنسية. و بالتالي، يختصر المُشغّل الوقت الكثير في التقييمات النسبية للمترشّحين ويحسم أمره بحصر الاختيار في المُترشحين الذين يتوفّرون على هذه الشروط مهما كانت جنسياتهم.

تصوّروا أنّه وسط هذا التّدافع على ترسيخ اللّغات في مجتمعاتها الأم و العمل على نشرها و فتح كل الأبواب لاستقطاب الآخر، ما زالت بلداننا العربيّة تتعثّر ولم تتوصّل بعد إلى دعم مشروع قومي يُرسي إطارا لغويا مرجعيا يستر حال الأمة على الأقلّ في هذا الجانب.

صحيح أنّ هناك بعض المحاولات المتناثرة لكنّها تكاد تقودنا إلى تصديق استنتاج مُرّ "اتّفق العرب على أن لا يتّفقوا".

الجزيرة وتعليم اللغة

ووسط هذا الفشل تتوه مبادرات النّهوض باللغة و إقناع الأجيال الصّاعدة بقيمة هذه الثّروة التي يقبل عليها أجانب يقتفون أثر الكلمة الصّواب و النّطق السّليم. فقر معرفي تفطّنت له الجزيرة مُبكّرا، فعملت على دعمه، وأنشات موقعا مُتميّزا جعل من خدماته تعليم العربية للناطقين بغيرها مُراعيا كالعادة؛ المهنية العالية والتوجّه الى فضاء الجمهور الرّحب عربا كانوا أو عجما.

من الطبيعي إذن أن يضع العديد من الرّاغبين في تعلّم اللغة العربية ثقتهم في هذه المُؤسسة، ويتأثّرون حتى بأداء بعض نجومها إعجابا. ربّما مُشكلة قطر هي أنها سعت مُبكّرا إلى الرّيادة في مجال الإعلام والثقافة والمعرفة في بيئة خالية من التّنافس، مجال لم يراهن عليه خُصومها واستثمروا في ما جادت به قرائحهم. فاستفردت الإمارات بالارتفاع بأبراجها وتوفير مالذ وطاب و حُرِّم بسخاء وبالشكل الذي يجعلها نقطة لقاء عالمي لكل طالبي اللّذة والمولعين بمراكمة الأموال بطرق لا يعلمها إلا الله.

أمّا السعودية فحضورها في الأذهان هنا لا يتجاوز كونها بلد التناقضات. أشبه بالقفص الذهبي فهو البلد الذي يسطّر نظام حياة خانق لإناث مملكته باسم الدّين ويفرش رجاله الأشاوس السّجاد الأحمر و ينحنون أمام ابنة ترامب وزوجته باسم السياسة، ومُغدقين عليهن أموال البلد باسم السياسة والصفقات أيضا.

عن الكاتب
عبير الفقيه
كاتبة ومترجمة تونسية، تقيم في إسبانيا، عضو المنتدى العربي الثقافي الإسباني
 
 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
جميع الأخبار