سوريا عند خط النهاية الضوء في نهاية النفق

تحليلات 19:45 23.04.2018

الحدث الأهم الذي وقع مؤخراً في سوريا ليس هي ضربة أمريكية ، ولا حتى  تصدها الناجح نسبياً. على الرغم من أن هذا مهم للغاية بالتأكيد.

 ولكن  الأهم من كل ذلك بكثير، هو السبب الذي أجبر الأميركيين وتوابعهم لاتخاذ إجراءات استثنائية، بما في ذلك الاستفزازات التحضيرية في شكل "الأسلحة الكيميائية" بتغطية إعلامية شاملة في وسائل الإعلام بغية التحضير المدفعي السياسي الثقيل في جميع أنحاء العالم، وبعد ذلك فقط وجهت الضربة المزعومة. نعم، نتحدث عن النجاح العسكري المتتالي للقوات الحكومية،  بدعم من القوات الجوية الفضائية الروسية والوحدات العسكرية الإيرانية

كان تحرير غوطة الشرقية، أكبر منطقة يسيطر عليها الإرهابيون في ذلك الوقت، داخل الأراضي الواقعة تحت إشراف الحكومة السورية، ذريعة لهذه المغامرة الصاخبة للعسكريين   الأمريكان.  يمكن أن نفهم الأمركيين، إذا أخذنا باعتبار مشاعرهم: تصبح ثمار سنوات عديدة من الجهد رماداً  كما تبين أكثر وضوحا حيث ترك المتشددون أكبر الجيب الواقع عملياً في العاصمة السورية، دون الكثير من المقاومة.

ربما يقول أحد  إن غوطة الشرقية لم تكن مهمة جداً للإرهابيين الموالين لأمريكا. نعم،ألم تكن بعض الهجمات بقذائف الهاون في وسط دمشق، وهجمات تخريبية صغيرة ضد الجيش السوري مهمة على ضوء التطورات الواقعة على الجبهة السورية؟

نعم ، هذا مهم جدا. نبدأ من أن السيطرة على محيط هذا الجيب تطلبت جهوداً كبيرة من القوات المسلحة السورية. وأنه كان يحول دون تحويل وحدات الجيش والشرطة إلى مناطق أخرى، حيث أنها مطلوبة للغاية بطبيعة الحال. تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى الحلقة  الداخلية للحصار، كانت وحدات الجيش توفر حماية منطقة التحكم الكبيرة بعدة كيلومترات المشبعة بنقاط التفتيش والدوريات والاستخبارات العسكرية، وهلم جرا.

 

بالإضافة إلى تحرير وحدات وقطع الجيش العربي السوري من القيام بالمهام الإضافية اختفى تهديد شن الهجوم المفاجئ على دمشق، والذي يمكن أن يكون حاسماً في حالة التقليل من قوة المسلحين ونجاح وحداهم. أي أن العدو كان قريباً جداً من مركز الحياة السياسية في سوريا لدرجة أن نجاح تكتيكي صغير سيكتسب على الفور أهمية استراتيجية هامة.

 وكمثال على مثل هذه التطورات يمكن أن نشير إلى أن هجوم المسلحين في يناير قطع  العلاقة مع القاعدة  في مدينة حرستا (إدارة النقل للقوات الحكومية وموقع مرابطة قوات المدرعات التابعة للحكومة). ونتيجة لذلك،  أدت هذه العملية الصغيرة، وفقا للمعايير التقليدية،   إلى اتخاذ الجيش السوري الاجراءات واسعة النطاق إلى حد ما من ناحية عدد القوات المنتشرة ووسائل الهجوم المضاد.

بالتأكيد أنه تخطيط لهذه الهجمات، إن كان لصرف النظ، من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية بأخذها بعين الاعتبار في إعداد التوقعات على المدى الطويل لمواجهة الجيش السوري وحلفائه. والآن، في حين تحييد هذا التهديد، لن تكون هناك أي فرصة تقريباً للاستيلاء على زمام المبادرة العسكرية.

نضيف إلى ذلك، تحسين الخدمات اللوجستية في المنطقة إلى حد كبير، وتطبيع (النسبي، طبيعاً) ظروف حياة  السكان المتبقين للمنطقة، إلى جانب إدخال الموارد المحررة إلى الاستخدام الصناعي والزراعي، وإلخ.

  لا يجوز تقليل أهمية هذا النصر مهما كان. بالطبع، ليست هذه المنطقة بحلب أوبدير الزور، وإنما يعتبر هذا النصر خطوة هامة جدا في تحسن مستمر ومطرد في الوضع العسكري في سوريا. وإذ أخذنا بالاعتبار أنه يطلق أيدي الجيش السوري ويصبح مقدمة الهجوم الناجح الآخر الممكن (والمرجح جدا)، فإنه تتصبح أسباب بذل الأمريكان والبريطانيين الكثير من الجهود لمنع مثل هذا التطور.

حسنًا، بعد أن احدثنا عن النجاح الهام التالي والهام للجيش العربي السوري، دعونا نحاول التنبؤ بكيفية تطور الوضع. وأكثر من ذلك أنه بحلول منتصف الصيف، روسيا سيكون لها الحرية المطلقة في العمل على المسار السوري وقد تكون أكثر صرامة وديناميكية.

لكن نحاول أولاً، الرد على بعض الأسئلة.

وبما أن روسيا لا تتصرف في سوريا في فراغ مطلق، فعلينا، أولاً، أن نأخذ بالاعتبار الرد الذي يجب أن نعول عليها في هذه الحالة أو غيرها. لذا، تثير مواقف ثلاث جهات مشاركة في الصراع بصورة مباشرة، أو تقع على مقربة من مناطق القتال المتوقعة اهتماماً كبيراً.

موقف الولايات المتحدة وحلفائها واضح جدا: معارضة بحزم أي نجاح للجيش السوري في المنطقة. والسؤال الوحيد هو إلى أي مدى يمكن أن تذهب واشنطن في محاولاتها لمواجهة السلطة الشرعية في سوريا في سعيها لتحقيق النظام والشرعية في بلدها.

 وكما أظهرت الأحداث الأخيرة، فإن الأميركيين هم الآن في "نصف الموقف" العجيب: من الضروري إظهار عزم وتأكيد مكانة الولايات المتحدة وهيمنها، لكنها تتصرف مع التطلع إلى ردود الفعل التي من المؤكد أن تؤدي إلى عواقب سياسية داخلية غير مرغوبة بها، أو حتى  إلى خيار التصعيد العسكري باشتراك القوى النووية العالمية وهذا غير المرغوب أكثر. وبينما من الصعب  التخيل في مقياس الاستفزاز الذي يجب أن تقوم الاستخبارات الأمريكية بها، لكي يتمكن الرد الأمريكي الذي يعقب ذلك من القضاء على الجيش السوري.

صحيح أن هناك خيار واحد، لكنه غير مرتبط بشكل مباشر بسوريا. أعتقد أن العديد خمن على الفور: هذا هو دونباس. قد تتمكن الولايات المتحدة من خلق مشاكل لروسيا هناك، لتضطر إلى التركيز على الاتجاه الأوكراني والانسحاب السلمي من سوريا. ولكن هناك تحذير: بعد كأس العالم في موسكو وإنجاز المرحلة الأولى من  جسر القرم، بالتأكيد ستحس روسيا نفسها أقل مقيدة في إجراءاتها في الاتجاه الأوكرانية. وهذا يعني أنه من الممكن الرد المناسب الذي من غير المرجح أن يتمكن الجيش الأوكراني من تحمله دون التعرض لأضرار كبير.

 ولذلك، علينا اتخاذ الحيطة في التقديرات: يمكن أن تؤدي المخاطرة من قبل الأميركيين إلى هزيمة خطيرة على كل الجبهات، ولكن التقاعس عن العمل يحرمهم  أكثر من مكتسباتها في سوريا، وكما تؤدي تدريجياً إلى ضرورة إخلاء مؤلم للقوات الأمريكية من المنطقة.

من الجدير بالذكر، أن دونالد ترامب ألمح أكثر من مرة على الانسحاب السريع للأمريكيين من سوريا. ومن الواضح أنه هناك مسافة كبيرة بين الحديث  والانسحاب الفعلي، ويكفي أن نذكر أن باراك أوباما قد وعد بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، في حملة الترشح لفترة ولايته الأولى. كما تعلمون، ما زالت القوات الأمريكية موجودة هناك، لذا يجب إدراك مثل هذه التصريحات بحذ للغاية. ولكن من السديد أن تستعد الإدارة الأمريكية أيضاً لأسوأ نوع  لتطور الأحداث.   

وهناك لاعب آخر يراقب التطورات عن كثب وهو إسرائيل. موقفه واضح: فأنه اتخذ موقف شديد السلبية تجاه إيران التي تشارك وحداتها العسكرية في الصراع إلى جانب دمشق الرسمية. لكن حدود صبره والثمن الذي يرغب في دفعه مقابل إبعاد العامل الإيراني عن التسوية السورية لم تكن واضحة.

مع درجة عالية من اليقين، يمكننا أن نفترض أن إسرائيل ستقبل بهدوء تصعيد المعارك في الشمال والشمال الشرقي من سوريا. الحرج بالنسبة له هو الجنوب الغربي، حيث تلتحق الأراضي السورية مباشرة بالحدود الإسرائيلية. تحكم الآن المجموعة الكاملة من التشكيلات على هذه المنطقة، بما في ذلك الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية. من غير المرجح أن تكون هذه المجاورة مريحة لإسرائيل، لكن من الواضح أنها في الوقت الحالي لا تمثل تهديداً عسكرياً كبيراً لتل أبيب. ويمكن أن يؤدي التغيير المحتمل لـداعش على "حزب الله" المؤيد لإيران قرب القنيطرة إلى رغبة الإسرائيليين في قصف أي شيء مرة أخرى.

ولاعب إقليمي مهم آخر هو تركيا. ويجب الاعتراف بأن موقف أنقرة قوي جدا: روسيا، من حيث المبدأ، ليست مهتمة بتدهور العلاقات مع تركيا، والولايات المتحدة، على الرغم من كل الصعوبات في السنوات الأخيرة، تظل غير راضية عن أردوغان وليس عن تركيا التي تناسبها  تماما كشريك جيوسياسي هام في المنطقة. ولهذا السبب، من غير المحتمل أن يوافق الأميركيون على انهيار نهائي للعلاقات مع أنقرة، ويبدو أن سيناريو تدخل الوحدات التركية والأمريكية في مواجهة عسكرية مباشرة غير وارد تماماً.

وتدرك تركيا كل هذا ولذلك تتصرف بشكل موثوق بنفسها تماماً، وتتفاوض للحصول على تنازلات أكثر من التحالف المؤيد لسوريا، وتتصرف صراحة ضد المصالح الأمريكية في صراعها الدائم مع الأكراد. كانت نتيجة سياسة أردوغان هذه إنشاء منطقة تباطؤ مشروط في منطقة إدلبيا  تسيطر تركيا مباشرة على جزء كبير من شمال سوريا.

على الأرجح، من الصعب تحديد هوية تركيا في هذا الصراع كحليف أو منافس. ومع ذلك، لم يعد نتوقع ضربة مباشرة في الظهر، إذا لم تتغير المواقف الجيوسياسية للأطراف فجأة بشكل جذري. إن أنقرة حليفنا في حالة هجوم الجيش السوري على المواقع الكردية، ومنافسنا في إدلب،  وعلى أساس الحساب المتوسط هي "الشريك"  الذي سيتعين علينا الاتفاق معه على جميع القضايا وليس دائماً بتفضيل مصالحنا الوطنية.

 من الواضح أنه هناك لاعبون آخرون مهتمون بهذا أو ذاك الاتجاه لتطور الأحداث السورية. منهمم على سبيل المثال، السعودية التي تخشى أيضا من احتمال تعزيز المواقع الإيرانية في سوريا. ويقال إن قيادة هذه الملكية العربية الكبرى مستعدة لوقف تمويل المسلحين والاستثمار في استعادة الاقتصاد السوري مقابل انسحاب القوات الإيرانية من سوريا. لكنها لا تزال صفقة مشكوك فيها: فمن غير المرجح أن تقوم دمشق بمقايضة الآلاف من المقاتلين الإيرانيين من أجل الوعود السعيدة للسعوديين والتي لا يساوي سعرها أغلى من سعر الورقة التي كتبت هذه الوعود عليها. من يشك في ذلك، عليه أن يتذكر على الأقل كيف خدعت الرياض روسيا لبضع سنوات بوعودها بعقود الأسلحة الكبيرة مقابل عدم تزويد إيرن بنمظام إس-300 وغيرها من الأسلحة الحديثة.

والأهم من ذلك: في أي تطور للأحداث على الجبهات السورية، من المستحيل أن نتوقع وجود القوات السعودية فيها. ولنكفي على هذا  .

إذن، كيف يمكن أن تتطور الأحداث على الجبهات السورية عندما تؤخذ جميع هذه العوامل في الاعتبار؟

 

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
أسعار النفط تتراجع مع زيادة المخزونات الأمريكية
10:30 08.05.2024
السفيرة أذربيجانية في بريطانيا : أذربيجان وأرمينيا تسيران نحو السلام الدائم
10:15 08.05.2024
ما هي تداعيات اجتياح رفح علي المنطقة؟
10:00 08.05.2024
تيك توك ترفع دعوى لوقف بيع التطبيق أو حظره في أمريكا
09:15 08.05.2024
أنباء عن تولي شركة أمريكية إدارة معبر رفح بعد الحرب
09:00 08.05.2024
الشرطة الهولندية تفض احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في جامعة أمستردام
17:00 07.05.2024
الرئيس البلغاري يصل اذربيجان في زيارة رسمية
16:30 07.05.2024
جميع الأخبار