بعد أيام قليلة من استفتاء إقليم كردستان على استقلاله عن العراق في دولة مستقلّة ذات سيادة، تستعدّ إسبانيا لتشهد حدثاً مماثلاً بانفصال إقليم كتالونيا، الذي يناضل أبناؤه منذ القرن الماضي لتحقيق حلم الدولة، ، بحسب ما نشرت صحيفة "الخليج أونلاين".، التي أشارت الى أنه "في السادس من أيلول 2017، تبنّى برلمان كتالونيا قانوناً لتنظيم استفتاء حول انفصال الإقليم عن الحكومة المركزية في مدريد، والذي من المقرّر تنظيمه غداً الأحد الأول من تشرين الاول، رغم العديد من التحذيرات من السلطات المركزية في مدريد".
ويقع إقليم كتالونيا في الشمال الشرقي لإسبانيا، تفوق مساحته 32 ألف كم، أي ضعف مساحة إقليم كردستان العراق، وهو سادس أكبر منطقة من حيث المساحة في إسبانيا، التي تعجّ بـ 17 إقليماً مختلفاً تتمتع جميعها بالحكم الذاتي.
وينقسم الإقليم إلى 4 مدن؛ وهي برشلونة أكبر المدن، والتي يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين نسمة، وهي أيضاً "عاصمة الإقليم"، ومدن تراجونا، لاردا، جرانادا.
وتعتبر مدريد إقليم "كتالونيا" شريانها الاقتصادي، بحسب الصحيفة، لذا يجادل القوميون الكتالونيون بأن مقاطعتهم الصناعية تدعم بقية اقتصاد إسبانيا، وأن ثقافتهم ولغتهم الفريدة تبرر قيام دولة مستقلة.
إذ تعدّ اللغة الكتالونية لغة رسمية فى الإقليم، إلى جانب الإسبانية، ويتم التشجيع على استخدامها في التعليم والإعلام، وأغلب سكان الإقليم يتحدّثون اللغتين، كما تنتشر اللغة الكتالونية أيضاً في فالينسيا، في الجنوب، وجزر البليار، ومنطقة روزالين في فرنسا، لذلك يعتبر القوميون في كتالونيا أن هذه المناطق تشكّل "الدولة الموعودة".
كما أدّى تراجع الاقتصاد الإسباني في السنوات الأخيرة، والانكماش، وحالة البطالة، أدى إلى تأجيج النزعة الانفصالية في كتالونيا، حيث يعتقد الكثيرون أن الإقليم يدفع أكثر مما ينبغى لحكومة مدريد المركزية، إذ وبحسب الحكومة الإسبانية فإن مجمل ما تلقّته الحكومة من الإقليم في العام 2013 بلغ نحو 20 مليار يورو.
وسبق أن أجرت حكومة كتالونيا استفتاء غير ملزم على الاستقلال عام 2014، حيث صوّت 80% بـ "نعم"، في حين اعتبرت الحكومة الإسبانية وقتها أنه ليس من حق كتالونيا دستورياً الانفصال.
تاريخياً ظهر الشعور بالهوية الكتالونية التي تحوّلت إلى رحلة نضال طويلة من أجل الاستقلال السياسي في القرن التاسع عشر، وعندما أصبحت إسبانيا جمهورية في عام 1931، منحت "كتالونيا" حكماً ذاتيا واسعاً خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
وكان سقوط برشلونة، عاصمة الإقليم، ييد قوات ديكتاتور إسبانيا، فرانشيسكو فرانكو، في عام 1939، نهاية الحكم الذاتي، ومعه بدأت سلسلة إجراءات قمع قاسية ودموية بحق سكان الإقليم، إذ ألغى فرانكو الحكم الذاتي، وتعرّضت القومية الكتالونية للقمع، وأصبح استخدام اللغة الكتالونية محظوراً، حتى وفاته عام 1975.
ولكن مع عودة الديمقراطية في إسبانيا، بعد وفاة فرانكو، أصبح لإقليم كتالونيا، وعودة الحكم الملكي بقيادة الملك السابق خوان كارلوس، والد الملك الحالي فيليب في العام 1979، أعاد منح كتالونيا الحكم الذاتي، وسمح لهم بالتعبير عن هويتهم وثقافتهم.
ومن المتوقع أن تخسر إسبانيا في حال سلّمت بنتيجة الاستفتاء، التي تميل نحو الانفصال، 15% من مساحة أراضيها، إضافة إلى ما تتلقاه سنوياً من إيرادات مالية من الإقليم.
كما قد يلهم الانفصال أقاليم أخرى كإقليم الباسك الحدودي، الذي يطالب بالاستقلال عن إسبانيا، بالإضافة إلى جزر الكناري في المحيط الأطلسي.
لكن إقليم كتالونيا سيكون ملزماً بدفع تعويضات مادية للحكومة الإسبانية، وسيخسر وجود العديد من الشركات الدولية في حال تغيير القوانين التي يعمل بها حالياً، كما سيكون ملزماً بتقديم طلب انضمام جديد لعضوية الاتحاد الأوروبي، وسيكون قبول عضوية الدولة الموعدة مرهوناً بقبول جميع الأعضاء بما في ذلك إسبانيا.