رد المحلل السياسي الأذربيجاني ودكتور الفلسفة في العلوم السياسية والأستاذ في أكاديمية إدارة الدولة لدى رئيس جمهورية أذربيجان السيد زاؤور ممادوف على أسئلة بوابة يوميات أورأسيا بخصوص الاستفتاء التركي وعلق عليه بصورة مفصلة مشيراً إلى أنه لم يكن استفتاءاً أول في البلاد وأنه هناك النظام الإداري الرئاسي في العديد من الدول.
زاؤور ممادوف
لم يكن يوم الأحد يوماً هاماً جداً لتركيا فقط، بل لأوروبا أيضاً حيث فاز رجب طيب أردوعان على المعارضة وأنجز الإصلاح الدستوري. وهذا الدستور الجديد هو بداية للمرحلة الجديدة في التاريخ التركي.
الانقسامات في المجتمع:
صوت أقل بقليل من 51% من إجمالي عدد سكان البلاد ب80 مليون وهذا يعني الفرق بين الطرفين المنافسين يعدل ب1 مليون فقط وفي الحين لم تصوت المدن الكبرى في البلاد لصالح التعديلات.
كما أدت نتائج الاستفتاء إلى الانقسامات داخل الأحزاب السياسية أيضاً حيث تلاحظ مؤشراتها في حزب الحركة الوطنية. يبدو أن زعماء غير رسميين لهم تأثير كبير على أنصاره.
تركيا والاتحاد الأوروبي:
من المتوقع أن تبدأ المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي قريباً جداً وإلا أن تركيا ستجري الاستفتاء الآخر لوقف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي تخدم مصلحة كلا الطرفين حيث تهتم تركيا في توسيع الأسواق لمنتجات زراعتها وصناعتها الخفبفة وتوسيع نطاق فعاليات شركاتها الإنشائية. تستفيد أوروبا من توسيع أسواق الاتحاد الأوروبي وتوفير القوى العاملة للشركات الأوروبية الكبيرة.
كما تلعب تركيا دوراً هاماً في نقل موارد الطاقة إلى أوروبا. ولكن في نفس الوقت تلعب السياسة دوراً رئيسياً في التطورات السياسية حيث كما تبين نتائج الاستفتاءات الاجتماعية والتقديرات المختلفة أن حوالي 80% من الأتراك يعارضون العضوية في الاتحاد الأوروبي. وكذلك من المستحيل أن توافق أوروبا على عضوية تركيا في الاتحاد المسيحي. كما تتوقع إعادة حكم الإعدام في تركيا وهذا القرارأيضاً سيثير نقاشات عديدة وهناك الكثير من المؤيدين إلى جانب الكثير من المعارضين أيضاً. هناك بعض الولايات الأمريكية التي يسري مفعول حكم الإعدام فيها.
ليس هذا بأول استفتاء في البلاد:
يحتاج التحليل الصحيح للاستفتاء إلى التأمل في التاريخ السياسي لتركيا حيث أجريت عدة استفتاءات في تاريج جمهورية التركية والاستفتاء يوم الأحد هو استفتاء سابع.
تم إعداد دستور عام 1991 من قبل مجلس الأمة التركي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الإمبراطورية العثمانية. كان مصطفى كما أتا ترك الذي انتخب رئيساً للجمهورية في عام 1923 من مؤسسين أساسيين للدستور.
بموجب الدستور الشعب هو مصدر الحكم بدل السلطان كما كان في الدولة العثمانية. عقد اجتماع مجلس الأمة التركي لإعداد الدستور وإعلان الجمهورية ومبادئ استقلال الدولة. سرى مفعول الدستور الذي تم اعتماده عام 1924 إلى 1961 خلال 36 سنة حيث وقعت التغيرات العديدة التي حولت تركيا إلى بلد عصري وعلماني وديمقراطي.
أجري الاستفتاء بعد الانقلابين العسكريين في عام 1961 وعام 1982 لإقرار الدستور الجديد. عند إقرار الدستور الأول في عام 1961 تم تشكيل البرلمان من المجلسين وفي الدستور لعام 1982 ألغي مجلس الشيوخ. صوت 38 % من الناخبين ضد الدستور الجديد في الاستفتاء الأول مع تأييد ب98% لدستور عام 1982 في الاستفتاء الثاني.
اختلفت بعض أحكام دستور عام 1961 عن أحكام دستور عام 1924 وتتلخص الاختلافات في تقوية الجهة الإدارية وتغيير بنية مجلس الأمة وإدارة محكمة الدستور إلى جانب توزيع السلطة وإنشاء محكة الدستور التي تزيد استقلالية السلطة القضائية.
أجري الاستفتاء الثالث في عام 1987 حيث قدم إلغاء المرحلة الانتقالية التي يحظر حق مشاركة الزعماء المرتبطين بالأحزاب السياسية والعسكريين في السياسة للتصويت الشعبي في الاستفتاء حيث فاز المؤيدون بتفوق ضئيل جداً ب76 ألف أي أيده 51.16% و49% عارضه.
في الاستفتاء الرابع عام 1988 طرحت التعديلات في مادة واحدة للدستور لإجراء الانتخابات في الولايات قبل الانتخابات العامة بسنة ويعتبرهذا الاستفتاء الاول الذي عارضه 65% من الناخبين.
أجري الاستفنءان الأخيران في 2007 و2010. أقر الدستور الحالي لتركيا في عام 1982 بموجب نتائج استفتاء عام 2007 أقرت التعديلات في الدستور حول الانتخابات المباشرة لرئيس الجمهورية.
صدق البرلمان التركي في 21 يناير 2017 على 18 تعديلاً في الدستور حيث تم توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية مع تعديل جوهري في بنية الحكم. في عام 2019 سيلغى منصب رئيس الوزراء وستركز صلاحيات رئيس الوزراء في يد رئيس الجمهورية. كما سيترأس رجب طيب أردوغان الحزب الحاكم. وكان في عام 2014 يوقف أردوغان صلاحياته كرئيس حزب العدالة والتنمية.
في أوروبا مسموح وفي تركيا ممنوع؟
هناك النظام الرئاسي المعتمد في العديد من الدول في العالم بما فيها في أمريكا اللاتينية وأوروبا. يمتاز النظام الرئاسي بأنه رئيس الجمهورية هو في نفس الوقت رئيس الوزراء ويدير السياسة الداخلية والخارجية هلى حد سواء ويعتبر القائد العام للقوات المسلحة.
ما هو الأهم؟
على العموم ليس النظام الإداري مهماً والأهم هو نظام التوازن والردع والذي له أهمية خاصة في الجمهوريات الرئاسية التي يمكن لرئيس الجمهورية خرقه. ومن الواجب أن تعتمد العلاقات بين البرلمان ورئيس الجمهورية على نظام الردع والتوازن والتعلق المتبادل. يحق للبرلمان أن يقيد من فعاليات الرئيس والرئيس بدوره يمكن أن يستعمل حق النقد على قرارات البرلمان. ويتوجب على البرلمان والرئيس أن يتعاونا ويتفاهما وحتى إذا كانت تسيطر الأحزاب المحتلفة على فرعي الحكم.
عموماً، في عام 2019 ستصبح تركيا جمهورية رئاسية. ومهما يكون هذا النظام يعمل جيداً وإلى أين سيجر تركيا سنرى في المستقبل.