أجرى مراسل بوابة يوميات أورأسيا مقابلة صحافية حصرية مع دينيس ساموت، مديرمنظمة  LINKS غير الحكومية البريطانية للحواروالتحليل والبحوث وبين فيها آراءه حول النزاعات في منطقة القوقاز الجنوبية وتحدث عن جهود الاتحاد الأوروبي ودور الدول المجاورة في تسويتها

يوميات أوراسيا: هل يمكن لك إجراء تحليل المصالح الاستراتيجية للقوى العظمى في القوقاز الجنوبية ؟

دينيس ساموت: تعتبر أرمينيا وأذربيجان وجورجيا  اليوم من الدول ذات السيادة والمستقلة. ويجب على جميع القوى الخارجية – إن كانت الدول المجاورة مثل روسيا وتركيا وإيران، أو الدول البعيدة إلى حد ما، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي  عليها أن تبدي أولا الاحترام  لسيادة هذه الدول واستقلالها، فضلا عن وحدة أراضيها. لسوء الحظ، فيما يخص لروسيا، فأنها تباهى هذه المبادئ من خلال دعم انفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية من جورجيا، والاعتراف بهما فيما بعد كدولتين مستقلتين.

 وولكن، بعيداً عن الصراعات التي لم تجد حلها بعد، من المهم ألا تتحول المنطقة إلى منطقة المنافسة بين القوى الخارجية. وهناك مجال واسع للتعاون الإقليمي. ولكن العقبة الرئيسية أمام ذلك هي صراع قاراباغ.

ويجب على القوى الخارجية أن تجد سبلاً للمساهمة في تحقيق السلام في المنطقة. وفي المستقبل قد يكون من الممكن والضروري عقد المؤتمر الدولي  بشأن مستقبل المنطقة، تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ولكن هذا لا يمكن أن يحدث ما لم يتم إحراز التقدم في عدد من القضايا، بما فيها قاراباغ. ويساورني القلق أيضا من أن المنطقة أصبحت عسكرة إلى حد كبير. وهذا يمكن أن يؤدي فقط إلى مشاكل كبيرة في المستقبل. وينبغي أن تدعم القوى الخارجية المعاهدة حول فرض المراقبة على التسلح في المنطقة.

يوميات أوراسيا:  في رأيك، هل لدى الاتحاد الأوروبي القدرة على حل النزاعات وإقرار الوضع المستقر في القوقاز الجنوبية؟

دينيس ساموت: وقد كلف المجتمع الدولي، في الماضي في عام 1992، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وبالتحديد مجموعة داخلها تدعى بمجموعة مينسك، بالتوسط لدى طرفي النزاع في حل مشكلة قاراباغ. ويواصل الاتحاد الأوروبي الدعم لمساعي مجموعة مينسك، ولا سيما البلدان الثلاثة المشاركة في رئاستها، وهي روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، على الرغم من التقدم المحرز في التوصل إلى حل في شكل بطيئ جدا. بعد حرب بين جورجيا وروسيا عام 2008، أصبح الاتحاد الأوروبي أيضا رئيساً مشاركاً لعملية جنيف. ويساهم هذا الدور الدبلوماسي الهام الذي للاتحاد الأوروبي فيه قسط كبير، في تحقيق الاستقرار بين جورجيا والنظامين الانفصاليين في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

 ومن الناحية الأخرى، للاتحاد الأوروبي أيضا ممثل خاص للقوقاز الجنوبية، وهو السفير هربرت سالبر، الذي يزور المنطقة بصورة منتظمة. وهناك دور هام يمكن أن يقوم به الاتحاد الأوروبي، إذا أبدى طرفا الصراع في قاراباغ وهما أرمينيا وأذربيجان   استعدادهما لذلك. وهذا يعني اتخاذ التدابير لتعزيز الثقة بينهما. إن الاتحاد الأوروبي لديه الكثير من الخبرة في هذا المجال. وبمجرد التوصل إلى اتفاق بشأن قاراباغ، سيعلن الاتحاد الأوروبي بالفعل أنه مستعد للمساعدة، بما في ذلك من خلال إعادة التأهيل الاقتصادي والاجتماعي بعد انتهاء الصراع.

وقد أظهر الاتحاد الأوروبي بالفعل، من خلال مبادرة EPNK - مبادرة تدعمها مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وتنفذها منظمات المجتمع المدني في الاتحاد الأوروبي، أنه ملتزم بدعم السلام في قاراباغ الجبلية وعملية التصالح الأرميني الأذربيجاني.

يوميات أوراسيا: ماذا يمكنك أن تقول عن دور الدول المجاورة في حل الصراعات بين دول القوقاز الجنوبية ؟

دينيس ساموت: والدول المجاورة الثلاث المباشرة لمنطقة القوقاز الجنوبية هي روسيا وتركيا وايران، لها العلاقات التاريخية والثقافية طويلة الأمد مع المنطقة. وهذا يتيح لها فرصة هامة للمساهمة في مستقبل المنطقة. ومع ذلك فإن البلدان الثلاث تحمل معها أيضا العفش التاريخي الكبير. ولذلك يجب أن تكون حذرة جدا في تعاملها مع المنطقة، لأن موقفها    يمكن أن يساء فهم أفعالها بسهولة على نحو خطأ.

يوميات أوراسيا: تعمل منذ ديسمبر 2016  منصة السلام بين أرمينيا وأذربيجان. وقد وافق بعض النشطاء من أنصار السلام من أرمينيا وأذربيجان على المشاركة في هذه المنصة من أجل خلق الحوار السلمي بين المجتمعات المدنية في البلدين وهدف المنصة هو مساهمة في تسوية النزاع بين أرمينيا وأذربيجان وإقرار السلام في منطقة قاراباغ الجبلية وإقامة الهدنة  طويلة الأجل بين الأرمن والأذربيجانيين. برأيك، هل يمكن اعتبار الدبلوماسية الاجتماعية وسيلة حاسمة لحل الصراع بين الدولتين القوقازيتين الجنوبيتين؟

 دينيس ساموت: يعتبر الصراع  في قاراباغ الجبلية في الوقت الراهن أخطر تهديد للسلام في منطقة القوقاز. ويجب السعي إلى إيجاد حل سلمي بشعور من الإلحاح. وهذا ليس بتحدي  للحكومات فحسب، وإنما للمجتمع في كل من أرمينيا وأذربيجان، ويجب على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً لدعم هذه العملية بطرق مختلفة.

لقد دأبت دائما على دعم الاتصالات بين الناس المنقسمين نتيجة الصراعات، وقد عقدت الاجتماعات وأبديت المبادرات العديدة على مدى العقدين الماضيين، ولكن ما تم القيام به هو لا  يزال كقطرة  في المحيط. وهذا العمل يحتاج إلى توسع كبير. ويمكن أن تكون "منصة باكو" أحد الإطارات التي يمكن من خلالها إنجاز هذا العمل، ولكن بالطبع هناك العديد من الأطر الأخرى أيضاً.

 أجرى المقابلة يونس عبد الله ييف

الترجمة: د. ذاكر قاسموف