قال محللون باكستانيون إن التعاون الاقتصادي والدفاعي المتنامي بين الولايات المتحدة والهند سيكون له تأثير إقليمي كبير، إلا أن باكستان يجب ألا تقلق بشأن التطورات الأخيرة عقب الزيارة الأمريكية الحالية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وأول أمس الإثنين، اتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض على ضرورة "تعزيز" التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
وقال حامد مير المحلل الأمني في إسلام أباد للأناضول، إن التقارب الأمريكي الهندي ليس بالأمر الجديد، بل إنه امتداد للتعاون الجاري بين البلدين منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأشار إلى أن "نيودلهي هي الحليف القديم لواشنطن، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تقويض النفوذ الإقليمي والعالمي المتزايد للصين".
وتعود أهمية الهند بالنسبة إلى الولايات المتحدة لسببين رئيسين، أحدهما اقتصادي والآخر استراتيجي، وفقا للخبير الذي اشتهر بإجرائه لقاء صحفيا مع أسامة بن لادن عام 1997.
وعن البعد الاقتصادي، أوضح مير أن "الهند كونها ثاني دول العالم من حيث عدد السكان في العالم بعد الصين، تمتلك سوقا ضخما يجذب الكثير من الشركات الأمريكية ورجال الأعمال".
كما تشكل الهند الخيار الاستراتيجي الأول والأهم بالنسبة إلى واشنطن، وذلك في إطار جهودها الرامية إلى تقويض النفوذ الصيني، بحسب المصدر نفسه.
ويرى عبد الخالق علي المحلل السياسي الذي يتخذ من كراتشي مقرا له، أن "واشنطن مستمرة في سياستها طويلة الأمد المتمثلة في دعم نيودلهي في صراع النفوذ ضد بكين".
وقال علي للأناضول "ليس هناك أصدقاء أو خصوم دائمون عندما يتعلق الأمر بمصالح واشنطن، وإن هدف واشنطن من تعزيز التعاون الدفاعي والاقتصادي مع نيودلهي ليس باكستان بل الصين".
وأكد الخبير أن "لباكستان أهمية استراتيجية وأمنية كبيرة لا يمكن للولايات المتحدة تجاهلها، لا سيما في إطار التعاون الدفاعي والأمني المشترك بين البلدين منذ أكثر من 70 عاما، وبالتالي فلا داعي لقلق إسلام أباد بشأن التطورات الأخيرة".
- صفقة بيع طائرات أمريكية دون طيار للهند لا يهدد أمن باكستان
والأحد الماضي، أكدت الولايات المتحدة أن صفقة بيع طائرات دون طيار بغرض المراقبة إلى الهند لا تهدد أمن جارتها باكستان، بحسب وسائل إعلام محلية.
ونقلت صحيفة "ذا داون" الباكستانية (خاصة) عن مصادر لم تسمّها في البيت الأبيض، قولهم بأن "بيع 22 طائرة دون طيار إلى نيودلهي بقيمة ملياري دولار لا يمثل ضررا على إسلام أباد".
ورغم موافقة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة الماضية على صفقة الطائرات للهند، إلا أنه لن يتم الحديث رسميا عن كافة تفاصيلها.
وتعد تلك الصفقة أول اتفاق شراء من هذا النوع بالنسبة إلى دولة ليست عضوا في حلف شمال الأطلسى "ناتو"، وفق صحيفة "إكسبريس" البريطانية (خاصة).
وعزت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية (خاصة)، رغبة واشنطن في دفع علاقاتها مع الهند نحو مزيد من التعاون إلى "شعور إدارة ترامب بقلق من حدوث مزيد من زعزعة استقرار المنطقة، على خلفية إدخال طائرات دون طيار ذات تكنولوجيا فائقة في جنوب آسيا، حيث تتصاعد التوترات بين الهند وباكستان، ولا سيما في إقليم كشميرالمتنازع عليه" وذي الأغلبية المسلمة.
فيما أشارت صحيفة "إكسبريس" البريطانية الجمعة الماضية، إلى أن البحرية الهندية تحديدا تريد الطائرات دون طيار غير المسلحة، لتستخدمها في مراقبة المحيط الهندي.
وظلت الهند على مدار السنوات الخمس الأخيرة، أكبر دولة مستوردة للسلاح في العالم، وفق ما أشار تقرير حديث لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (مركز دولي مقره السويد)، ويعرف اختصارا باسم "سيبري".
واستأثرت نيودلهي بنسبة 14 % من إجمالي الصادرات العالمية من الأسلحة في الفترة المشار إليها، متفوقة في ذلك على جارتيها الصين وباكستان، في حين حاز السلاح الروسي الجزء الأكبر من وارداتها، تلاه الأمريكي ثم الإسرائيلي.
- لقاء ترامب ومودي
وقال ترامب عقب اجتماعه مع مودي في واشنطن إنه "من المهم إزالة العوائق التي تواجه تصدير البضائع الأمريكية في أسواقكم (الهند)، وأن نقلص عجزنا التجاري مع بلادكم".
وأعرب الرئيس الأمريكي عن تطلعه إلى زيادة صادرات الطاقة الأمريكية مع تنامي الاقتصاد الهندي.
وقال إن ذلك يشمل "العقود طويلة الأمد لشراء الغاز الطبيعي الأمريكي، والتي يتم التفاوض عليها الآن وسوف نوقعها معهم"، قبل أن يضيف مازحا: "نحاول الحصول منهم على أسعار أعلى بقليل".
كما نوه بتعاون البلدين في مجال "تدمير المنظمات الإرهابية، والعقائد المتطرفة التي تقودها".
وكشف عن أن الجيش الهندي، سينضم إلى كل من الجيشين الأمريكي والياباني في تنفيذ "أكبر مناورة بحرية تم تنفيذها على الإطلاق في المحيط الهندي الواسع"، من دون تحديد موعدها.
وشكر ترامب، الشعب الهندي على دعم جهود بلاده في "فرض عقوبات جديدة" على كوريا الشمالية "التي تتسبب بمشكلات هائلة".
من جانبه، أعرب مودي عن رغبته في تعميق الشراكة بين بلاده والولايات المتحدة، واصفا البلدين بأنهما "محركات عالمية للنمو، والنمو الاقتصادي هو هدف مشترك لكلينا".
وأشار إلى أنه قد بحث مع الرئيس الأمريكي زيادة التعاون في مجالي الدفاع والأمن ومحاربة حواضن الإرهاب.
وأوضح أنه وجه الدعوة للرئيس الأمريكي ترامب لزيارة الهند، من دون إعلان موعد الزيارة.
- تصنيف أمريكا زعيم حزب المجاهدين في كشمير ضمن قائمة "الإرهاب"
وقبيل وصول رئيس الحكومة الهندية إلى واشنطن، أعلنت الخارجية الأمريكية أن "صلاح الدين" يشكل خطرا لارتكاب أعمال إرهابية".
غير أن صلاح الدين ينظر إليه في كشمير على أنه بطل يهدف إلى تحرير المنطقة من السيطرة الهندية.
وفي أعقاب القرار خرج حوالي 200 شخص إلى شوارع مظفر أباد بباكستان احتجاجا على قرار الولايات المتحدة، رافعين لافتات تظهر مساندتهم لزعيمهم صلاح الدين.
ولم يعط المحلل الأمني "مير" وزنا كبيرا للقرار الأمريكي الأخير بتصنيف يوسف شاه المعروف بسيد صلاح الدين زعيم حزب المجاهدين في كشمير ضمن قائمة "الإرهاب".
وأفاد بأن هذه الخطوة سوف تمهد الطريق أمام وساطة أمريكية محتملة إزاء النزاع القائم في كشمير.
وتعارض نيودلهي في الوقت الذي تؤيد فيه إسلام أباد وساطة من طرف ثالث لحل نزاع كشمير المستمر منذ 70 عاما.
واعتبر الخبير التصنيف الأمريكي لزعيم حزب المجاهدين في كشمير ضمن قائمة "الإرهاب"، خطوة لإرضاء الهند، وضربة دبلوماسية لسياسة كشمير الباكستانية شكلا، إلا أنها خطوة ترمي مضمونا إلى تعزيز مبدأ أن كشمير ليست نزاعا ثنائيا بين الدولتين النوويتين فحسب.
وبذلك أرسل ترامب رسالة مبطنة للهند تؤكد أهمية وجود طرف ثالث للوساطة في قضية كشمير، بحسب المحلل "مير".
ولفت أن "عقوبة مصادرة أملاك سيد صلاح الدين في أمريكا، ومنعه من السفر إليها، لن يضره نهائيا، حيث إنه لا يملك أي أصول هناك من ناحية، ولا يحتاج للسفر إلى الولايات المتحدة من ناحية أخرى".
وبدأ النزاع على الإقليم بين باكستان والهند منذ نيلهما الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، حيث نشبت 3 حروب في أعوام 1948، و1965، و1971، أسفرت عن مقتل قرابة 70 ألف شخص من الطرفين.
ومنذ عام 1989، قتل أكثر من 100 ألف كشميري، فضلا عن اغتصاب أكثر من 10 آلاف امرأة في ظل حكم السلطات الهندية، بحسب جهات حقوقية.
وصدر عن الأمم المتحدة 12 قرارا متعلقا بكشمير منذ بداية الأزمة عام 1947، رسخت جميعها بشكل كامل مبدأ حق تقرير المصير لشعب الإقليم، الأمر الذي اشترطت باكستان بأن يعهد تنفيذه إلى الأمم المتحدة، فيما ترفض الهند ذلك حتى اليوم.
ويشهد الجزء الخاضع لسيطرة الهند وجود جماعات مقاومة تكافح منذ 1989 ضد ما تعتبره احتلالا هنديا لمناطقهم.