سيجتمع كبار المسؤولين الحكوميين من جميع انحاء اسيا والمحيط الهادئ فى بانكوك هذا الاسبوع لحضور القمة الوزارية الاولى حول البيئة فى اسيا والمحيط الهادئ.
تعتبر القمة فرصة فريدة في النوع للجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة المعنية بشئون آسيا والمحيط الهادئ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لمناقشة قضايا البيئة المحيطة مع قادة المنطقة وكيفية تحقيقهم الكفاءة في استخدام الموارد وعدم التلويث لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تتصدر الاجتماع المسائل التالية: كيف يمكننا استخدام مواردنا أكثر كفاءة لمواصلة التنمية الاقتصادية بطريقة لا تلحق ضررا على بيئتنا المحيطة ولا تسبب التلوث المؤثر على الصحة العامة وصحة النظام البيئي. ومن المؤكد أنه هناك إمكانيات كبيرة للتحسين في هذا المجال.
وتعتبر الموارد مثل الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية والفلز والمعادن ضرورية لبناء الاقتصاد. غير أن كفاءة استخدام الموارد في المنطقة قد تراجعت في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة. إن آسيا هي للأسف أقل المناطق كفاءة في استخدام الموارد في العالم. وفي عام 2015، استخدمنا الموارد أكثر بثلث لإنتاج كل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي عما كانت عليه في عام 1990. وتستخدم البلدان النامية خمسة أضعاف للموارد لكل دولار من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع بقية العالم، و10 أضعاف أكثر من البلدان الصناعية في المنطقة. ويؤدي عدم كفاءة استخدام الموارد إلى الهدر والتلوث اللذين يؤثران بشكل أكبر على الموارد الطبيعية والصحة العامة وهما العنصران الأساسيان لضمان النمو الاقتصادي المستدام.
ومع استمرار التسارع في وتيرة النمو الاقتصادي واتساع نطاقه في جميع أنحاء المنطقة، أصبح التلوث مجالا بالغ الأهمية للعمل. وفي حين أن التحدي المتمثل في التلوث هو التحدي العالمي، فإن مؤثراته تتبين في معظم البلدان النامية. ويعيش نحو 95 في المائة من البالغين والأطفال المتأثرين بالأمراض المرتبطة بالتلوث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. تنتج آسيا والمحيط الهادي المزيد من المواد الكيميائية والنفايات أكثر من أي منطقة أخرى في العالم وتمثل الجزء الأكبر - 25 من أصل 30 - من المدن التي تبلغ الجزئيات الصغيرة فيها أعلى مستوياتها - 2.5، والتي يمكن أن تسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية والسرطان. إن أكثر من 80 في المائة من أنهارنا ملوثة بشدة، في حين أن خمسة من أكبر نبوع المياه في الطبقات المحيطية البرية تقع ي بلدان منطقتنا. وبموجب التقديرات بلغت تكلفة التلوث البحري في الاقتصادات الإقليمية معدلاً مذهلاً ب1.3 مليار دولار أمريكي.
وإذا تركت هذه الاتجاهات دون الاهتمام، فإنها تهدد بالقضاء على المكاسب الاقتصادية التي تحققت بشق الأنفس وستعيق التنمية البشرية. ولكن في حين تبدو هذه التحديات مستعصية للقضاء عليها، فإن المنطقة لديها قدرات هائلة وفرص كبيرة للاستفادة منها. وتحتفظ البلدان الكثيرة بسجلات متينة للتحول الاقتصادي الناجح. ويجب الآن تطوير القدرة على التشجيع للاستدامة البيئية بكونها ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في جميع بلدان المنطقة.
هناك بعض التغيرات العميقة الجارية في آسيا والمحيط الهادئ. وتشهد المنطقة أكبر الهجرة من الريف إلى الحضر في التاريخ. ومن شأن تطوير هذه اللناطق الحضرية الجديدة بالمباني التي تتسم بالكفاءة في استخدام الطافة، ومنظومة الصرف الصحي، وإدارة النفايات الصلبة أن يبذل قصارى الجهد لتحقيق هذه الأجندة.
ويمكن أن تعني تنمية "اقتصاد التبادل" الاستخدام الأفضل للأصول مثل المركبات والمنازل وغيرها، مما يقلل كثيرا النفقات المادية والتلوث. وقد يؤدي الاعتماد على الطاقة المتجددة على نطاق واسع إلى التقلص في استخدام الوقود الأحفوري. كما أن التقدم في صناعة التحويل وتكنولوجيا المواد والطباعة والتصنيع ثلاثي الأبعاد يمكن أن يضمن أيضا زيادة التعميم في الموارد.
يوفر الانتقال إلى التكنولوجيات "الخضراء" والابتكارات البيئية الفرص الاقتصادية وفرص العمل. وفرت الطاقة المتجددة فرص العمل ل 9.8 مليون شخص في جميع أنحاء العالم في عام 2016. ويمكن تحويل النفايات إلى فرص اقتصادية، بما في ذلك فرص العمل. وفي مدينة سيبو - ثاني أكبر المدن في الفلبين، أثمرت إدارة النفايات الصلبة المتضافرة: فقد انخفضت النفايات بنسبة 30 في المائة في عام 2012؛ أدت معالجة النفايات العضوية في الضواحي إلى انخفاض تكاليف النقل وفترة الاستخدام الأطول في مدافن القمامة. وقد استفاد الفقراء إلى حد كبير من مئات الوظائف التي تم توفيرها.
وعلى صعيد السياسة العامة، من الأهمية بمكان إدراج أهداف كفاءة الموارد ومنع التلوث في جداول الأعمال الإنمائية الوطنية، وينبغي وضع تدابير قانونية وتنظيمية محددة الأهداف لإنفاذ معايير كفاءة الموارد. فعلى سبيل المثال، أنشأت حكومة الصين نظاما وطنيا للتشريعات والقواعد والأنظمة أدى إلى اعتماد نظام وطني إلزامي لمراجعة الإنتاج الأنظف، ظل قائما منذ أكثر من 10 سنوات. وتقدر الفوائد الاقتصادية المباشرة لهذا النظام بأكثر من 3 بلايين دولار سنويا.
وعلاوة على ذلك، نحتاج إلى إصلاح عاجل للآليات المالية. وتحصص المبالغ القليلة من النقود لدعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والاقتصاد المؤثر في استخدام الموارد - ولا يزال يوظف الجزء الأكبر من الاستثمارات الحالية في الاقتصادات عالية الكربونات وكثيفة الموارد التي تلوث البيئة المحيطة. لم يتم بعد دمج مبدأ التلوث والنؤثرات البيئية بشكل كامل في آليات التسعير ومودلات الاستثمار. ويعد توافر الآليات المبتكرة للتمويل والأساليب المتكاملة للتسعير أمرا هاما لتوسيع نطاق الاعتماد على الاقتصاد بالموارد المؤثرة وترجيحه. فعلى سبيل المثال، أصبح من الممكن الاعتماد على أجهزة الغاز الحيوي على نطاق واسع في فييتنام بفضل تسخير أموال صناديق التمويل للمناخ العالمي. وقد بدأت عدة بلدان في المنطقة في من الدول الرائدة في ممارسة المعاملات الشاملة والمنهجية التي تشمل التمويل المستدام في مراكز تنمية الأسواق المالية، مثل إندونيسيا وسري لانكا، وينبغي أن نستخلص الدروس الإيجابية المفيدة من هذه التجارب .
ويجب الاعتراف بكفاءة الموارد ومنع التلوث باعتبارهما هدفا هاما للعمل من جانب الأنظمة العلمية والتكنولوجية والابتكارية. وهذا أمر مهم بالنسبة للتطوير المستمر للتكنولوجيا، ولتوسيع نطاق التكنولوجيات. وتبين البحوث أن البلدان النامية يمكن أن تخفض الطلب السنوي على الطاقة بأكثر من النصف، من 3.4 في المائة إلى 1.4 في المائة، على مدى السنوات ال12 القادمة. ومن شأن ذلك أن يترك استهلاك الطاقة أقل بنحو 22 في المائة مما كان سيحدث بخلاف ذلك - وهو تخفيض يعادل استهلاك الطاقة بكامله في الصين اليوم.
نحن بحاجة إلى الانتقال إلى مسار أكثر كفاءة في استخدام الموارد وخال من التلوث حيث يدعم ويعزز البيئات السليمة الصحية. وتكلفة التقاعس عن إدارة الموارد بكفاءة ومنع التلوث مرتفعة جدا وتهدد الاقتصادات وسبل العيش والصحة في جميع أنحاء المنطقة.
شامشاد أختر، الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة للأمم المتحدة (إسكاب)
إريك سولهيم، المدير التنفيذي، برنامج الأمم المتحدة للبيئة المحيطة.