كانت الأسابيع القليلة الماضية تذكيراً قاتماً بأن الكوارث الطبيعية لا تعرف حدودا. ويمكنها أن تضرب البلدان في أنحاء مختلفة من العالم في وقت واحد، حيث أن منظر الناس وسبل كسب العيش المدمرة جراء الكوارث الطبيعية في آسيا أو أمريكا الشمالية تثير الرعب. وتسبب الفيضانات الموسمية الكثيفة، والإعصار هاتو، والعاصفة الاستوائية هارفي وإعصار إيرما، طرح الأسئلة حول ما يمكن القيام به من أجل التخفيف من مخاطر الظروف الجوية القاسية وتحسين عمليات الإغاثة.
وتقع الكوارث أكثر مراراً وشدة. وقد جاء في القرير الأخيرللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لآسيا والمحيط الهادئ حول القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث لأجندة التنمية المستدامة لعام 2030: أن الكوارث الطبيعية الواقعة بين عامي 1970 و2016 أودت بحياة مليوني شخص وأضرت باقتصاد المنطقة بقدر 1.3 تريليون دولار. تعود أسباب أكثر من 90% من الوفيات إلى الزلازل وأمواج تسونامي والأعاصير والفيضانات. ويتحمل الفقراء والضعفاء العبء الأكبر من هذه الكوارث، ويعانون من خسائر في الأرواح أكثر بخمسة أضعاف عن بقية السكان.
وبحلول عام 2030، سيقيم 50% من سكان آسيا في المدن. إن الجمع بين الزحف العمراني غير المخطط وإنشاء المدن الجديدة تؤدي إلى جمع العدد الكبير من السكان والكميات الكبيرة من الموارد الاقتصادية فيها هذا ما يزيد خطرتعرضها للكوارث في المستقبل والتي لا يمكن التنبؤ بها. ويعيش أكثر من 50% من السكان للمدن الكبرى فعلاً في مناطق معرضة للكوارث حيث يسود عدم المساواة. يجب أن يكون تركيزنا على تحديد السيناريوهات المحتملة، وتحديد مستويات تحمل المخاطر وإيجاد القدرة على الاستجابة في الأماكن التي أنها غير كافية. ويتعين على أصحاب القرارات تعزيز الروابط بين العلوم والسياسات لتمكين البلدان من التعامل بفعالية مع هذه المخاطر. ويقدم التقرير مجموعة واضحة من التوصيات بشأن كيفية ضمان القدرة على الصمود وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.
لا يمكن مبالغة في تقدير أهمية الإنذار المبكر. في عام 2004، شهد العالم التسونامي في المحيط الهندي. وقتل أكثر من 250.000 شخص، وكان واحدا من أكثر الكوارث الطبيعية فتاكاً وقعت في أي وقت مضى. وخلافا للمحيط الهادئ، لا يوجد في المحيط الهندي نظام للإنذار المبكر للسكان للمناطق الساحلية. وبفضل المساهمة الرئيسية بمبلغ 10 ملايين دولار من تايلند، تمكن الصندوق الاستئماني للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ للإنذار بالتسونامي والكوارث والتأهب للمناخ من سد هذه الفجوة. ولكن لكي يكون نظام الإنذار بأمواج تسونامي مستداما، فإنه يحتاج إلى معالجة أخطار ساحلية متعددة. ويمكن أن التعاون الإقليمي يساعد في تبادل الابتكارات الحيوية في مجال العلم والتكنولوجيا من أجل تعزيز نظم الإنذار المبكر بالمد الزلزالي. وقد ساعد الصندوق الاستئماني للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ على زيادة إمكانيات الناس على الصمود من خلال تحسين الإنذار المبكر بالكوارث ودعم نقل المعارف من البلدان التي لديها قدرات قوية لإدارة مخاطر الكوارث إلى بلدان آسيا والمحيط الهادئ الأخرى. ونضرب مثالاً واحداً فقط، ساعد الدعم التقني والمعدات الحديثة والتكنولوجيات الحاسوبية على تحديث المركز الوطني لبيانات الزلازل في ميانمار، لموجب المعايير الدولية لمراكز الإنذار بأمواج تسونامي.
تقوم اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ، بالتعاون مع وزارة خارجية تايلند، بفعاليات في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان "الحد من مخاطر الكوارث في آسيا والمحيط الهادئ: الإنجازات في التعاون الإقليمي من أجل الاستعداد لمواجهة التسونامي والكوارث والتأهب للمناخ" وكذلك تواصل دراسة هذه القضايا. وسيعقد هذا الاجتماع في 21 أيلول / سبتمبر 2017، وسيعرض كذلك بحث اللجنة ومساهمة الصندوق الاستئماني للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ في زيادة قدرة الناس على مواجهة الكوارث، حتى لا يكون أحد خارج مساعي تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
شمشاد أختر
الدكتورة شمشاد أختر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لآسيا والمحيط الهادئ.