لماذا قرر ترامب نقل السفارة إلى القدس؟

تحليلات 09:00 10.12.2017

ميخائيل ماجد، الكاتب الصحفي والخبير في الشئون الشرق الأوسطية. حصرياً ليوميات أوراسيا

إن مسألة وضع القدس هي واحدة من أكثر المسائل إيلاماً بالنسبة للشرق الأوسط.  تعتبر إسرائيل القدس عاصمة للبلاد. على العكس، فإن الفلسطينيين على يقين من أن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة لدولة فلسطينية. وفي عام 1980، أقر البرلمان الإسرائيلي قانوناً ينص على أن القدس عاصمة وحيدة غير القابلة للتجزئة لدولة إسرائيل. ورداً على ذلك، أقر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 478 الذي يعتبر القانون الإسرائيلي فيه انتهاكا للقانون الدولي. امتنعت الولايات المتحدة التي كانت حليفة وثيقة لاسرائيل عن التصويت.

صحيح أنه في عام 1995 اعتمد الكونجرس الأمريكي قانونا حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ولكن هذه الوثيقة لا تزال لم تدخل حيز النفاذ. وأرجأ جميع الرؤساء تنفيذ القانون بسبب المخاوف من حدوث العاصفة السياسية الأخرى في الشرق الأوسط. والآن قرر ترامب الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمةً لإسرائيل والبدء في الاستعدادات لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. لماذا فعل ذلك؟

قبل كل شيء، تجدر الإشارة إلى قرب الرئيس ترامب إلى الجماعات اليمينية اليهودية (حسب المعايير الإسرائيلية) في الأعمال والسياسة. والروابط في هذا المجال وثيقة جداً وابنة ترامب إيفانكا متزوجة من أحد أغنى اليهود الأمريكيين  جاريد كوشنر الذي هو أحد وكلاء مفوضين للرئيس وله تأثير قوي على سياساته. لايفانكا نفسها أيضا تأثير كبير على سياسة ترامب، وأنها اعتنقت اليهودية وغيرت اسمها إلى "يائيل". وكما يعتبر شيلدون أديلسون وهو أحد أغنى الرجال في الولايات المتحدة وأحد أغنى اليهود في العالم وصاحب إمبراطورية كازينوهات وأحد الرعاة الرئيسيين للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة صديقاً مقرباً من  عائلة ترامب. في الوقت نفسه، شيلدون أديلسون مرتبط بعائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتانياهو. عائلاتا ترامب وناتانياهو قريبتان جدا. وهذه هي عشيرة ودية من حيث المبدأ تقف على مسار قاس ضد العرب،  وكذلك لاسيما ضد إيران. يبدو للوهلة الأولى أن القرار مرتبط بهذه الظروف.

ولكنني أميل إلى الاعتقاد بأن لديه أسباب أخرى، وربما أكثر أهمية. والحقيقة هي أنه على الرغم من التصريحات المعادية لإيران ترامب (على وجه الخصوص، سعى إلى إلغاء الاتفاق النووي وفرض عقوبات ضد هذا البلد)، في الواقعة لم تفعل الولايات المتحدة شيئا ضد إيران. وهذا ليس بصدفة تماماً.

وحتى الآن وعلى الرغم من كل تصريحات ترامب ازدادت إيران قوة. في الواقع، هناك عدد من الدول مثل العراق وسوريا واليمن تقع في منطقة النفوذ الإيراني وتسيطر عليها إيران إلى حد كبير من خلال شبكة من الميليشيات الشيعية. وبالإضافة إلى ذلك، تخضع سياسات هذه البلدان للإيرانيين. سبب "الحزام الشيعي" الممتد من حدود إيران إلى البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال الدول الثلاث المذكورة  تغير توافق القوى في الشرق الأوسط، وهو أمر يزعج إسرائيل جدا. تستعد النخبة الإسرائيلية للحرب. يضرب السلاح الجوي الإسرائيلي تقريبا كل يوم الإيرانيين وحلفائهم  (قوات الحكومة والميليشيات الشيعية اللبنانية) في سوريا. يتمتع حزب الحرب في إسرائيل الآن بقوة كبيرة. وتطالب إسرائيل بانسحاب جميع القوات الإيرانية والمؤيدة لإيران من سوريا وإلا تهدد بشن الحرب. لكن الأسد لا يستطيع أن يخوض الحرب بدون دعم إيران وحزب الله وغيرهما من القوات المؤيدة للحكومة السورية. فإنه لا يستطيع أن يحمي البلد ولأنه ضعيف جدا. هذا هو طريق مسدود، وبالتالي من هنا ينجم خطر الحرب.

ومع ذلك، لاترضي القيادة الأمريكية حرب ضد سوريا وإيران في هذا الوقت. لأنه إذا نجح الإسرائيليون في سحق أعدائهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إحياء داعش. وبالإضافة إلى ذلك، في سوريا تنظيم القاعدة القوي جدا (واسمه الآخر هو جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام) ولديه الوحدات العسكرية التي قوامها 000 20 عسكري في شمال البلد. وإذا انهزمت الحكومة السورية  تتمكن القاعدة من شن الهجوم.

هنا تختلف مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. تعتبر الولايات المتحدة داعش مشكلة رئيسية وتطمح القضاء عليه في أقرب وقت ممكن. لجزء من النخبة الأمريكية إيران الشيعية والأسد (على الأقل حتى الآن) هما السد الذي يمنع تدفق التطرف السني في شخص داعش والقاعدة والحركات المماثلة الأخرى. يمكن أن يسبب السد تهيجاً، ولكن من الخطورة أيضا تدميره بالقنابل. لكن اسرائيل تعتبر إيران عدواً رئيسياً له  مدعياً أن "الإيرانيين أذكياء ومتعلمون ودهاة مثلنا"، في حين يتحدث الإسرائيليون عن داعش بازدراء ويدعون أن "بضعة آلاف من المسلحين ببنادق الكلاشينكوف لا تمثل لنا تهديداً كبيراً ".

ولعل قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية هو محاولة لتهدئة إسرائيل ومنع أو تأجيل حربها ضد الإيرانيين وسوريا.

وفي الوقت نفسه، فإن القرار الذي اتخذه ترامب على الأرجح لا يفيد المصالح الاستراتيجة لأمريكا. لقد تم بالفعل تقويض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بشكل ملحوظ واكتساب إيران قدرة حيث كانت الولايات المتحدة تهيمن في الماضي القريب. ولا شك في أن هذا القرار أيضا سيزيد سخط العالم العربي. وليس من قبيل المصادفة أن تستخدم إيران بنشاط موضوع فلسطين. وهذا وضع مثالي لتعزيز نفوذ إيران.

وليس من قبيل المصادفة أيضاً وكما تفيد Reuters أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس أعربا عن معارضتهما لنقل البعثة الدبلوماسية. ويعتقد المسئولان أنه مثل هذه الخطوة قد تعرض الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين وأفراد عائلاتهم للخطر في الشرق الأوسط وفي البلدان التي يسكنها المسلمون.

أما بالنسبة لمشاكل ترامب داخل الولايات المتحدة، فمن غير المرجح أن هذا القرار قد يحقق له فوائد كبيرة في هذه الجبهة. وفقاً لاستطلاعات الرأي أن 59% من الأميركيين يفضلون ألا يأخذ ترامب طرفاً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بينما 63% ومنهم 44% من الجمهوريين يعارضون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. لذلك، إذا أراد ترامب تعزيز موقفه في الولايات المتحدة مع هذه الخطوة وصرف نظر المجتمع عن قضية العلاقات مع روسيا، فإنه من غير المرجح أن تنجح في محاولته هذه.

الإعداد والترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

روسيا تحرز تقدما جديدا في الاشتباكات الحدودية قرب خاركيف
16:00 12.05.2024
انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
15:00 12.05.2024
رئيس ليتوانيا يأمل في الفوز بولاية جديدة في انتخابات
14:00 12.05.2024
سلطان عمان في زيارة دولة إلى الكويت
13:00 12.05.2024
رئيس وزراء اليونان يزور تركيا
12:00 12.05.2024
اندلاع حريق في مصفاة نفط في روسيا
12:00 12.05.2024
يشبه المهاجرين بثعبان
11:00 12.05.2024
بايدن يضع شرطاً لوقف حرب غزة
10:00 12.05.2024
العراق يطيح بشبكتين دوليتين للإتجار بالبشر
09:00 12.05.2024
هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
جميع الأخبار