"إعلان النصر" في سوريا.. تكتيك بوتين لإعادة انتخابه

كتبه يوري بارمين، خبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي (رياك)، الذي يغطي شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تحليلات 10:00 02.01.2018

يشكل تقليص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته في سوريا تكتيكا سياسيا، في إطار حملته الانتخابية الرامية إلى إقناع الجمهور محليا ودوليا، بأنه نزع فتيل الحرب في سوريا ونجح بإلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش".

ويظهر ذلك جليا في تحركاته الأخيرة، بما في ذلك أول زيارة قام بها لقاعدة "حميميم" الجوية الروسية في محافظة اللاذقية غربي سوريا، بهدف إظهار أنه الطرف المنتصر في هذه المعركة.

وفي مارس / آذار 2016، تقدم الرئيس الروسي بإعلان مماثل عن انسحاب القوات جزئيا من سوريا، لكن تم تكثيف الوجود العسكري في البلاد، وهذا هو السبب في أن المراقبين يشككون في نوايا بوتين هذه المرة.

وبينما يعكس القرار الواقع المتغير على الأرض، حيث إن القتال ليس مكثفا كما كان عليه قبل عام فقط، فإنه يخدم أيضا طموحات بوتين في الداخل، وكذلك على الساحة العالمية.

إعادة الانتخاب

ويتطلع بوتين إلى أن يتم انتخابه مجددا في مارس / آذار 2018، وقد بدأت حملته الانتخابية الرئاسية للتو، ولا شيء يقف بينه وبين ولاية أخرى تستمر 6 سنوات في الكرملين سوى التحدث خلال الحملة عما يتوقعه العالم من الرئيس الروسي في السنوات الست المقبلة.

ولم يحقق بوتين إنجازا كبيرا على الجبهة الداخلية التي تعتبر أساسا لكسب دعم الروس، إلا أن إنجازات سياسته الخارجية جعلته يظهر في صورة السياسي القوي.

وبعبارة أخرى، فمع تواصل الصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الروسي ازداد استخدام النظام الروسي للعمليات العسكرية، سبيلا لتعزيز صورته عالميا وتقوية الدعم الداخلي.

ويترسخ اعتبار العظمة القومية مقابلا للرفاه الاقتصادي، أساسا لدى الفكر الروسي الجديد.

وتحتل سوريا أهمية كبيرة بالنسبة إلى طموحات بوتين السياسية، حيث تمكنت روسيا من إعادة تأكيد نفسها قوة عالمية، ومنافسا قويا للولايات المتحدة.

والانتصار العسكري في سوريا، له معانٍ رمزية على مستويات عديدة، ولكن قبل كل شيء، فإنه يعيد إحساس الشعب الروسي بالفخر الوطني، وهو أمر يريد بوتين الاستفادة منه.

ونجاحات السياسة الخارجية لها أصداء قوية على الجمهور الروسي، وهي ما تبقي الرئيس متمتعا بشعبية في الداخل.

وتوقيت إعلان ذلك مهم للغاية، ويمكن القول إنه تم اختياره بعناية ليتزامن مع بداية حملته الرئاسية.

والانتصار المعلن من الجانب الروسي في سوريا يضع بوتين في دائرة الضوء مُسيرا للحوار السوري.

ومن المحتمل أن تكون فكرة صنع السلام، القضية الرئيسية لسياسة الرئيس الروسي تجاه الشرق الأوسط، خلال فترة ولايته القادمة.

وفي 27 ديسمبر / كانون الأول الجاري، قدم بوتين أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2018 إلى لجنة الانتخابات المركزية.

ـ تحويل الأنظار

وتكافح روسيا حاليا من أجل تحويل الأنظار بما يخص سوريا، وإقناع العالم بأن إنهاء الصراع في البلاد يتوقف على نجاح العملية السياسية.

وهذا يتطلب من موسكو أن تؤدي "حيلة" الدعاية بحرفية وجعلها مقنعة، خاصة أن وعود الانسحاب الروسي باتت لا تنطلي على أحد بالنظر إلى وعود مضللة مماثلة كانت في الماضي.

فيما يترجم البعض إعلانه الأخير هذا بأنه نهاية رسمية لحملته العسكرية الداعمة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بهدف كسب مودة المؤيدين لذلك.

وقد أثار إعلان بوتين غضب قوى أخرى تقاتل "داعش" في سوريا لسببين، أولا، بالنظر إلى ما قاله الرئيس الروسي، يبدو أن إعلان انسحاب روسيا الجزئي كان مؤشرا كافيا على هزيمة "داعش".

وبهذا الخصوص، يرى محللون أن غطرسة بوتين لم تعد موضع ترحيب في الأوساط السياسية، لا سيما أن روسيا طالما أوحت للعالم بأنها صاحبة القرار بشأن إنهاء الحرب السورية.

ـ التنافس الروسي الأمريكي

ثانيا، ليس الجميع مستعدا لقبول نظرية أن بوتين صاحب النصر في سوريا، الأمر الذي ترفضه أمريكا جملة وتفصيلا، حيث إنها ترى أن بوتين لا يستحق إعلان الانتصار.

وفي الواقع السياسي الجديد، الذي مفاده "من يأتي أولا يعمل أولا"، فإن أي من يدعي النصر أولا هو الذي يقف ليجني فوائده، وهو بالضبط ما يأمل بوتين القيام به، لأنه يشعر بأن له الحق في إعلان الانتصار في سوريا، حتى لو كان فقط بالكلمات.

وما هو أساسي بالنسبة إليه، هو تخليص الولايات المتحدة من أي وهم مفاده أنها يمكن أن تستفيد من فترة ما بعد الحرب.

وقد تسامحت روسيا مع الوجود الأمريكي في سوريا طوال فترة الصراع، رغم أن البيت الأبيض كان منزعجا باستمرار للعمل في ساحة المعركة بشكل غير قانوني.

والآن موسكو تطالب واشنطن بمغادرة سوريا، انطلاقا من مبدأ "عند انتهاء الحرب، يجب رحيل المقاتلين"، الأمر الذي ربما توافق واشنطن على تطبيقه على مضض.

وما يدعو للدهشة أن المنافسة بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا أصبحت حامية الوطيس، لا سيما بعد انخفاض حدة القتال فيها، وذلك في ظل حرب كلامية اندلعت بين البلدين حول "من الذي هزم داعش".

ويحاول كلا البلدين تصوير نفسه على أنه المنتصر في الحرب ضد الجماعة الإرهابية، وبالتالي يحاولان ترشيد وجودهما بعد الحرب في سوريا.

ومن المحتمل أن يحاول كلاهما إعادة تشكيل طرق وجوده في البلاد من خلال دعم الأطراف السياسية المتناحرة، حيث ستكافح موسكو وواشنطن من أجل الاحتفاظ بدور لهما في سوريا.

-----------------

** الآراء الواردة في هذا التحليل لا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية للأناضول

** كتبه يوري بارمين، خبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي (رياك)، الذي يغطي شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
جميع الأخبار