المعتوه فاقد الأهلية للحكم!

ومن شدة الأسف أن أنظمة عربية تتحالف معه بشكل غير مبرر رغم هذا الفضح والانكشاف له في بلاده وحول العالم.

تحليلات 10:20 14.01.2018

"نار وغضب.. داخل بيت ترمب الأبيض"، عنوان الكتاب الذي يثير ضجة في أمريكا والعالم للصحفي والكاتب الأمريكي مايكل وولف، موقف ترامب العدائي من الكتاب ومؤلّفه كان سبباً مهمّاً في الدعاية له ونفاد النسخ المطبوعة منه فور نزولها الأسواق الجمعة في الخامس من يناير/كانون  الثاني الجاري، وسعي محامي ترمب لمنع نشر الكتاب أضاف تشويقاً عليه ورغبة في الاطلاع على مضمونه وعجّل في الدفع به للمكتبات قبل موعده الرسميّ بأربعة أيام.

الحماقة الترامبية المعتادة جاءت بفوائد مهمة لـ وولف وكتابه وجعلت ما ورد فيه من فضائح عن الرئيس المشكوك في أهليته للحكم يلفّ العالم أجمع، ويساهم في تقريبه من احتمالية التحرك نحو إخراجه من الرئاسة، أو على أقلّ تقدير قطع الطريق عليه لعدم فوزه بفترة ثانية وأخيرة.

فشل هيلاري

"نار وغضب" تصدّر أكثر الكتب مبيعاً مطلع العام الجاري، وكان تقديري أن كتاب هيلاري كلينتون، "ماذا حصل؟"، عن خسارتها في انتخابات الرئاسة الذي صدر يوليو/تموز الماضي سيحدث ضجة  وسيكون أهمّ كتاب في 2017؛ لكنه لم يكن كذلك بعكس كتاب مايكل وولف. من الواضح أن صفحة هيلاري طُويت في تاريخ السياسة الأمريكيّة، ولم تعد تملك التأثير القوي، والجمهور ملّ منها كسياسية ومشاركة في الحكم وشخصية عامة، وهذا من ضمن أسباب ترجيح كفة ترامب عليها وفوزه المفاجئ بالرئاسة رغم أنه أضعف منها ولم يكن يستحق الاقتراب من البيت الأبيض وليس دخوله، ومن كتاب وولف نعرف أنه وحملته لم يكونا واثقين من الفوز، وكانا يتحضّران للهزيمة، باستثناء مدير حملته ستيفن بانون الذي كان واثقاً من الفوز.

المواطن الأمريكي العادي أراد التغيير، ولم يجد في هيلاري ما يجعله يختارها، هي بنظره الامتداد التقليدي للرئيس السابق أوباما فكان انحيازه إلى ترمب القادم من عالم التجارة إلى عالم السياسة من خارج عائلات السياسة المعروفة والذي يهاجم واشنطن ومنظوماتها التقليدية في الحكم ولا يترك أحداً دون أن يمسّه أذى لسانه، وهذا جذب إليه الفئات محدودة التعليم والثقافة والوعي. أمريكا أيضاً لديها فئات يمكن التأثير عليها بالأسلوب الديماغوغي مثل بلدان العالم الثالث تماماً، واتخاذ ترمب أسلوباً خطابياً شعبوياً غرائزياً يخاطب به حاجات ومطالب الجمهور العادي الذي تشغله الفواتير أكثر من السياسة جذب إليه كتلاً تصويتية إضافية، واليوم يظهر أن رهان الديمقراطيين على هيلاري لم يكن صائباً، رهانهم كان أجدى على منافسها الرصين السيناتور بيرني ساندرز صاحب التوجه الاشتراكي والسياسي والمثقف والذي يمتلك رؤية إصلاحية مختلفة عن هيلاري والتيار الذي يدعمها في الحزب الديمقراطي، ولم يكن في مسيرته مناطق خلل يمكن استثمارها ضده، كما حصل معها حيث وظفها ترامب جيداً وحشرها في زوايا عدة أمام الرأي العام.

كتاب وولف يضيف صفحة جديدة في كشف ترامب كرئيس، ويؤكّد ما يتردد كثيراً أنه ليس صالحاً لهذه المهمة، معتوه، لا يقرأ، لا يهتم بالمتابعة لما يجري حوله وفي العالم، مثل طفل، مزاجي، سريع الملل والغضب، غير مهتم بالشأن السياسي، ولا بمختلف القضايا، ويدعم ما رصده الكتاب أن معلومات تسربت مؤخراً عن جدول أعماله اليومي تقول إنه يقضي وقتاً طويلاً خلال يوم عمله في مشاهدة التلفزيون والتغريد، "3 ساعات صباحاً"، ثم يأخذ أوقاتاً أخرى متقطعة خلال يوم العمل. رئيس ليس على قدر المسؤولية في إدارة القوة العظمى وقيادة العالم، وهو والذين معه سواء من غادر منهم البيت الأبيض، أو من لا يزال فيه، مجموعة من الحمقى وجدوا أنفسهم فجأة يتحملون مسؤولية كبرى، وهم ليسوا بمستواها، ويظهر ذلك في العدد القياسي من الإقالات والاستقالات في البيت الأبيض لكبار مستشاريه وموظفيه ومسؤوليه ما يعكس الفوضى والارتباك وعدم الاستعداد لقيادة الدولة العظمى، وقريباً قد يترك منصبه واحد من العقلاء النادرين، وهو وزير الخارجية ريكس تلريسون أحد أرفع أركان حكومته، لتباين المواقف بينهما في قضايا السياسة الخارجية، ومن أبرزها أزمة الخليج، والتصعيد مع كوريا الشمالية وإيران، وحتى وزير الدفاع جيمس ماتيس يعاني من التقلبات المزاجية له.

أمريكا في أيدي رئيس متقلب متغير سريع الغضب كثير الخلافات والاشتباكات مع المحيطين به ومع ناقديه ويتهم كل من يختلف معه بالكذب والتزييف، ويخوض حرباً ضد وسائل الإعلام لأنها تكشف سلبياته، ويعطي أذنه وعقله لصهره الصهيوني جاريد كوشنر ليكون صاحب رأي مؤثر في كثير من القرارات، منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، وهو أخطر ما صدر عن ترامب شرق أوسطياً.

أدلة جديدة

الكتاب في تقديري يؤكد المؤكد والمتداول خلال الأشهر التسعة الأولى من الرئاسة، والميزة أنه يقدم أدلة على لسان المحيطين بـ ترامب عبر المقابلات مع كثير منهم والتي وصلت إلى 200 لقاء، ومن أهمها ما جرى مع ستيف بانون مستشاره الإستراتيجي السابق الذي كان مقرباً جداً منه، وكان مدير حملته الذي أنقذه من التهاوي بعد استقالة بول مانفورت، وله دورٌ كبيرٌ في فوز ترامب، وهو يميني عنصري متطرف، وتمت إقالته في أغسطس/آب الماضي بعد احتدام الصراع مع كوشنر، وقد وجه لـ ترمب ضربات انتقامية قوية في حديثه مع وولف وكذلك لابنه الأكبر الذي وصمه بخيانة الوطن لأنه التقى محامية روسية سراً في برج ترامب ليحصل على معلومات تضر هيلاري، وكلامه أوجع ترامب فأخذ يجرّسه بأسلوب شوارعي متحدثاً عن أنه طائش وفقد عقله وأنه بكي مثل الأطفال حينما أقاله، وأنه مثل الكلب الآن، من المذهل أن يكون أمثال هؤلاء هم من يقررون مصير الكوكب بما تحت أيديهم من قوة ونفوذ هائلين.

خلاصة الكتاب أننا أمام مزيد من الانكشاف لرئيس قذفت به الديمقراطية في ظروف لا تزال يكتنف بعضها الغموض، فلن يكون وحده من فاز باعتباره عبقرياً جداً وذكياً جداً كما يصف نفسه رداً على اتهامه بفقدان الأهلية، لا بد أنه واجهة لتيارات رأت فيه شخصاً مناسباً للعمل من خلفه في تنفيذ أجندة متطرفة عنصرية عدوانية ضد دوائر عالمية ولعل العرب الدائرة الأكثر تضرراً.

ومن شدة الأسف أن أنظمة عربية تتحالف معه بشكل غير مبرر رغم هذا الفضح والانكشاف له في بلاده وحول العالم ولا تريد التخفيف من مستوى العلاقة معه، ارتباط مرضي، أو مكابرة وعناد، حتى لو أهان العرب في قضية القدس كما لم يهنهم رئيس من قبل، يتعاملون معه كأنه سيبقى للأبد حامياً لهم، فات عام من رئاسته، والعد التنازلي للسنوات الثلاث المتبقية يبدأ 20 الجاري، ومستوى شعبيته متدنٍّ، 37% فقط، وهو الأقل شعبية بين رؤساء أمريكا في عامهم الأول خلال نصف قرن.

 يبتزّ العرب ويستنزف ثروات شعوبهم بإرادة أنظمة تابعة، وافتقادها للشعبية، واحتكارها السلطة دون اختيار حر يجعلها تواصل الاعتقاد المتوهم بأن بقاءها ومستقبلها بأيدي أمريكا ورئيسها. أنظمة تسلم قيادها ومصائر شعوبها وبلادها ومقدساتها وحقوقها التاريخية لشخص فاقد الأهلية للحكم بشهادة المقربين منه، هي علاقة بحاجة لتحليل نفسي أكثر منه سياسي.

أنظمة الطوائف جعلت العرب دولاً وشعوباً وموارد وثروات وقضايا كأنهم هنود حمر جُدد، وما على اللصوص الجدد في أمريكا غير تجهيز الشباك لاصطيادهم.

عن الكاتب
طه خليفة
كاتب وصحفي مصري، وعضو نقابة الصحفيين المصريين، وكاتب بالعديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، وشغل موقع مدير تحرير جريدة "الأحرار" المصرية.
 
 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
جميع الأخبار