هل يحمل قرار الأمم المتحدة بشأن الغوطة الشرقية أي معنى؟

تحليلات 08:00 04.03.2018

منذ 5 سنوات، والغوطة الشرقية في ريف دمشق تتعرض لحصار خانق وغارات جوية كثيفة من قِبل قوات النظام السوري وحليفته روسيا.

وبلغت حصيلة الهجمات المتزايدة خلال الأسبوع الماضي، نحو 400 قتيل مدني، إذ استهدف النظام السوري على وجه الخصوص المناطق التي توفر متطلبات الشعب الأساسية كالمراكز الطبية والأفران، ما يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها أهالي الغوطة الشرقية.

من الواضح أن النظام السوري وحليفه الروسي يطبقان في الغوطة الشرقية نفس الاستراتيجية التي اتبعاها لترحيل أهالي حلب (شمال) والمناطق الأخرى التي كانت واقعة تحت سيطرة المعارضة.

وفي 22 ديسمبر2016، استكملت عمليات إجلاء المدنيين وقوات المعارضة من الأحياء الشرقية لمدينة حلب ، التي كانت تحاصرها قوات النظام السوري والمجموعات الإرهابية الأجنبية الموالية له، ومع خروج المحاصرين، باتت كامل الأحياء الشرقية لحلب خاضعة للنظام وحلفائه.

ويسعى النظام من خلال تكثيف هجماته على الغوطة، إنهاء تواجد المعارضة في دمشق وريفها بشكل كامل، دون الاهتمام بعدد الضحايا، إذ ربما يعمل عن قصد لاستهداف أكبر عدد من المدنيين، بهدف إجبار من تبقى منهم على مغادرة المنطقة.

كما يطبق النظام في الغوطة نفس الاستراتيجية التي طبقتها روسيا في الشيشان، وإسرائيل في فلسطين، إذ تعتمد هذه الاستراتيجية من خلال المجازر على نشر الخوف والذعر في نفوس أهالي المناطق المحاصرة وإجبارهم على مغادرة مدنهم.

** انتهاك واضح للقوانين الدولية ومفاوضات أستانة وسوتشي

يبدو جليا أن النظام السوري وحليفه الروسي اللذان انتهكا كافة القوانين الدولية في الغوطة الشرقية المتمثلة في ضرورة حماية أرواح المدنيين، وحظر استخدام الأسلحة الكيماوية، وعدم استهداف المراكز الطبية، ينتهكان أيضا مقررات مباحثات أستانة (بكازاخستان) وسوتشي (بروسيا).

وتعد روسيا طرفا في تلك المباحثات، كما تعتبر الغوطة واحدة من مناطق خفض التصعيد والتوتر بموجب هذه المباحثات.

وتعتبر الهجمات المكثفة على الغوطة الشرقية مؤشرا واضحا على عدم احترام روسيا وإيران الضامنتين للنظام السوري، الالتزامات الواقعة على عاتقهما تجاه تركيا التي تعد ضامنة لأطراف المعارضة السورية في المباحثات، ما يؤدي إلى زعزعة ثقة الجانب التركي بنظيره الروسي.

** ماذا تفعل الأمم المتحدة في الغوطة؟

تأسست الأمم المتحدة 1945، عقب الحرب العالمية الثانية، بهدف الحفاظ على السلام الدولي، والوقوف بوجه الحروب، إلا أن عدم اتخاذها دورا فعالا في إنهاء الصراع بسوريا، يفضي إلى النظر بعين الشك إلى قرار مجلس الأمن الأخير (السبت) بخصوص إعلان هدنة مؤقتة بالغوطة لمدة 30 يوما.

أولا، لا يحمل هذا القرار أي قوة إلزامية، حيث لا يتضمن فرض عقوبات على الأطراف في حال انتهاكها للهدنة، ما يعني أنه لن يشكل عائقا أمام النظام السوري وحلفائه لاستمرار الهجمات على الغوطة، خاصة وأنها تعتبر إحدى مناطق خفض التوتر التي تم الاتفاق عليها سابقا في مفاوضات أستانة وسوتشي.

وثانيا، يتذرع محور روسيا وإيران والنظام السوري، بحجة أن "اتفاقيات الهدنة ومناطق خفض التصعيد لا تشمل الإرهابيين" بهدف إضفاء الشرعية على هجماتها التي تشنها على مناطق المعارضة، ولهذا السبب يبدو احتمال مواصلتها الهجمات على الغوطة كبيرا بالرغم من قرار الهدنة الصادر عن مجلس الأمن.

ومنذ بدء الاحتجاجات في سوريا عام 2011، يعمل نظام بشار الأسد على كسب الشرعية في قمع الثورة من خلال الإدعاء بأنه يحارب الإرهابيين.

وفي هذا الإطار يحاول النظام السوري كسب تأييد الرأي العام الدولي من خلال مزاعم مفادها أن المعارضة السورية المعتدلة تتشابه مع تنظيمي "داعش" و"القاعدة" والإرهابيين من جهة، ويسعى للتغطية على جرائم الحرب التي نفذها ضد المدنيين من الشعب السوري، من جهة ثانية.

بالنظر إلى طبيعة العلاقات الدولية القائمة على مبدأ "المصلحة"، نجد أن إمكانيات مجلس الأمن محدودة جدا في وضع حد للحرب في سوريا.

فبالرغم من كون مجلس الأمن الجهة الدولية الوحيدة المخولة باتخاذ قرار استخدام القوة للحفاظ على السلام العالمي، إلا أن آلية اتخاذ القرار فيه تجعل من استخدام هذه الصلاحية أمرا شبه مستحيل.

تتمتع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) بحق النقض "الفيتو"، وهو ما شاهدناه مرارا وتكرارا في جلسات المجلس الخاصة بالشأن السوري، نتيجة تضارب مصالح الدول دائمة العضوية؛ في سوريا، تماما كما هو الحال في كافة مناطق الصراع حول العالم، ما يجعل من "صلاحية استخدام المجلس للقوة وقت الضرورة" أمر لا يمكن تطبيقه على الصعيد العملي.

ونتيجة مشاركة دولتين تتمتعان بحق النقض كروسيا والولايات المتحدة في الصراع بسوريا، أدى هذا الأمر إلى إعاقة اتخاذ مجلس الأمن لقرار من شأنه وقف الحرب في البلاد، وثني نظام الأسد عن استخدام كافة أنواع الأسلحة ضد شعبه بما فيها الأسلحة الكيماوية.

وبهدف محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، تأسس التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لكن لا يتكون تحالف دولي آخر لمحاربة نظام الأسد الذي قتل من المدنيين أضعاف ما قتله تنظيم "داعش".

والسبب في عدم تشكل تحالف دولي لمحاربة الأسد، يعود إلى عاملين رئيسين، أولهما، الفيتو الروسي، والثاني إعطاء الولايات المتحدة الأولوية لدعم مساعي تنظيم "بي كا كا/ ب ي د" في إنشاء منطقة حكم ذاتي شمال سوريا، بدلا من محاربة نظام الأسد.

** إسهامات محدودة للأمم المتحدة

عجز الأمم المتحدة عن اتخاذ خطوات من شأنها إنهاء الصراع في سوريا، ترافق بمساهماتها المحدودة في إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في مناطق الاشتباكات ودعم اللاجئين.

والسبب في وصف إسهامات الأمم المتحدة بـ"المحدودة"، يكمن في إعاقة أطراف الحصار، الأمم المتحدة من إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، كما هو الحال في الغوطة الشرقية.

فمنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والنظام السوري يمنع وصول مساعدات الأمم المتحدة إلى الغوطة الشرقية، لكن مع تزايد الضغوط الدولية، سمحت قوات الأسد خلال فبراير/ شباط الجاري بمرور دفعة محدودة من المساعدات، إلا أنها كثفت من غاراتها وهجماتها على الغوطة بعد ذلك.

ويعارض نظام الأسد وحليفه الروسي، وصول مساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، لأنهما يعتبران أن هذه المساعدات تزيد من عنصر المقاومة لدى أهالي الغوطة.

كما يعتبر ملف دعم اللاجئين مجال آخر يبرز المساهمات "المحدودة" للأمم المتحدة، حيث تعتبر المساعدات التي قدمتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، للنازحين واللاجئين السوريين قليلة جدا، مقابل تحمل الدول المستضيفة للاجئين مثل تركيا والأردن ولبنان العبء الأكبر.

نطاق آخر عجزت فيه الأمم المتحدة عن إيجاد حل للأزمة السورية، هو مفاوضات جنيف، حيث انطلقت نسختها الأولى في يونيو/ حزيران من عام 2012، ووصل عدد جولاتها 8 أواخر عام 2017، قبل أن تعقد الجولة التاسعة في يناير/كانون ثان الماضي.

ولم تنجح مفاوضات جنيف، في اتخاذ أي خطوات ملموسة لإيجاد حل للأزمة السورية، ما أدى لإطلاق بدائل أخرى من قِبل تركيا وروسيا و وإيران مثل مفاوضات أستانة وسوتشي.

لكن من جهة أخرى، قد تكتسب مفاوضات جنيف الأهمية مجددا، نتيجة عدم التزام روسيا بمسؤولياتها المترتبة عليها ضمن إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم إقراره بموجب مفاوضات أستانة.

ويمكن القول إن الأمم المتحدة عجزت منذ 1945 وحتى اليوم عن أداء دورها الأساسي، حيث فشلت في إيجاد حلول للكثير من الصراعات حول العالم، كما هو الحال في الحرب الداخلية في سوريا، إثر تضارب مصالح الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ما أسفر عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين من أبناء الشعب السوري.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
جميع الأخبار