تركيا والصراع على الطاقة شرقي البحر المتوسط

بدأت الاكتشافات بالتأثير بشكل غير مباشر على موازين القوى بالمنطقة، إذ ستساهم في فسح المجال أمام دول المنطقة لتصبح دولا مصدرة للطاقة

تحليلات 17:00 11.03.2018

لعب اكتشاف احتياطي الهيدروكربونات، شرقي البحر الأبيض المتوسط، خلال السنوات الأخيرة، دورا مهما في إعادة تشكيل الديناميات الإقليمية في المنطقة.

وبدأت هذه الاكتشافات بالتأثير بشكل غير مباشر على موازين القوى بالمنطقة، إذ ستساهم في فسح المجال أمام دول المنطقة لتصبح دولا مصدرة للطاقة.

كما أدى بحث الدول الغربية عن أسواق بديلة عن الغاز الروسي، إلى تعقيد موازين القوى بالمنطقة أكثر فأكثر، إذ تميل الكفة إلى الدول التي تتبع استراتيجية صحيحة بدرجة أكبر من الدول القوية بالمنطقة.

في هذا الإطار، تزداد أهمية الخطوات التي تتخذها كل من تركيا وإسرائيل ومصر ولبنان وجمهورية قبرص اليونانية وجمهورية شمال قبرص التركية في مجال الطاقة.

نتيجة أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي المستمرة منذ سنوات طويلة شرقي المتوسط، تم اكتشاف أول مصادر الطاقة في المياه الإسرائيلية عام 1999، ولاحقا في عام 2010 اكتشفت إسرائيل أيضا أكبر حقل للغاز الطبيعي ويحمل اسم "لفيتان".

في العام التالي، اكتشفت قبرص الرومية حقل "افروديت" في المنطقة التي أعلنتها منطقة اقتصادية خاصة من جانب واحد، أما مصر فقد اكتشفت في 2015 أكبر حقول الغاز بالمنطقة ويحمل اسم "ظهر".

ويعد السبب الرئيس في التوترات الأخيرة شرقي المتوسط، إلى المسار الذي ستتبعه هذه الدول في تصدير الغاز الطبيعي للأسواق الخارجية.

حسب القوانين الدولية، تمتلك الدول حقوق التصرف في مناطقها الاقتصادية الخاصة، والتي تمتد على مسافة مئتي ميل بحري من سواحلها، إذ يمكن نسب النزاعات بين دول المنطقة إلى تقاطع مناطقها الاقتصادية مع بعضها البعض.

في هذا الإطار، اعترضت السفن الحربية التركية الأسبوع الماضي، سفينة تنقيب إيطالية تابعة لشركة "إيني" للطاقة، بعدما دخلت بتوكيل من قبرص الرومية إلى المنطقة الاقتصادية التركية الخاصة.

وقبل هذه الحادثة، كانت وزارة الخارجية التركية قد أكدت في 11 فبراير/ شباط الماضي، على حساسيتها الكبيرة تجاه حدودها باعتبارها خطا أحمرا.

وقالت في هذا الصدد: "تواصل إدارة قبرص الجنوبية الرومية ممارسة الأنشطة الهيدروكربونية من جانب أحادي شرقي المتوسط، على الرغم من كل التحذيرات التي وجهناها إليها، متجاهلة بذلك الحقوق الأصلية التي يملكها القبارصة الأتراك الشركاء في ملكية الجزيرة، على الثروات الطبيعية".

وأضافت أن إدارة قبرص الجنوبية تهدف إلى مباشرة الأعمال في المحضر رقم 3 الواقع فيما يسمى بالمنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لها.

وأكدت على أن "أي وضع قد يطرأ نتيجة لذلك، سيكون المسؤول الوحيد عنه هو الجانب الرومي، الذي يصر على مواصلة الأنشطة الهيدروكربونية في الجزيرة من جانب أحادي".

وأردفت الخارجية التركية "أن السبب الرئيس في عدم التوصل إلى حل للمشكلة القبرصية، هو تصرفات الجانب الرومي اللامبالية، إذ لا يتورع عن تشكيل تهديد على الأمن والاستقرار شرقي المتوسط".

كما دعت الخارجية التركية شركات الدول الأخرى، لعدم التعاون مع إدارة قبرص الجنوبية في مجال الأنشطة الهيدروكربونية.

وإذا ما دققنا في التطورات الأخيرة، شرقي المتوسط اعتبارا من ديسمبر الماضي وحتى الحادثة آنفة الذكر، نرى أن سبب تصعيد التوترات يكمن في تحرك دول المنطقة بما يتوافق مع مصالحها الخاصة، لا سيما إسرائيل ومصر.

فضلا عن أنها ستدخل مصاف الدول المصدرة للطاقة، إلى جانب توقيعها اتفاقيات مع شركات الغاز الطبيعي الدولية للتنقيب عن المزيد من مصادر الطاقة.

يعتبر افتتاح مصر حقل "ظهر" للإنتاج في الماضي القريب أولى علامات تغير موازين القوى في المنطقة، إذ تشير هذه العوامل إلى أنها ستلعب دورا هاما في المنطقة بالمستقبل.

أما إسرائيل فإنها تصدر الغاز الطبيعي حاليا إلى مصر فقط، كما أنها تسعى من ناحية أخرى لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر دول المنطقة.

وتمتلك تل أبيب ثلاثة خيارات في هذا الشأن، أولها عبر تمديد أنابيب إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، والثاني، استخدام منشآت الغاز الطبيعي المسال في مصر لإيصالها إلى السوق الأوروبية، أو إنشاء خط جديد عبر اليونان.

ومن الواضح أن هذه المسارات ستؤثر في موازين القوى بشكل كبير، حيث ستعمل إسرائيل على اختيار المسار الأنسب لها من الناحية التجارية والتقنية والسياسية.

كما يسعى لبنان أيضا لاكتساب دور فعال شرقي المتوسط من خلال فتحه المجال أمام شركات عالمية مثل "توتال"، و"إيني"، و"نوفوتيك" للتنقيب في مناطقه الاقتصادية الخاصة.

إلا أن بعض المحاضر الواقعة في هذه المناطق تتقاطع مع المناطق التي تدعي إسرائيل تابعيتها لها، ما يؤدي إلى تصعيد النزاع بين الجانبين بين الحين والآخر.

من جهة أخرى، تعتبر أنشطة الشطر الرومي من قبرص دافعا لتدخل السفن الحربية التركية، إذ شكل تكليفها لشركة "إيني" الإيطالية للتنقيب عن الغاز في المحضر الثالث، القشة التي قصمت ظهر البعير، لكونها نفس المنطقة التي منحت فيها جمهورية شمال قبرص رخصة تنقيب لشركة النفط التركية.

كما يمكن تفسير رد تركيا بالسفن الحربية على الانتهاك الأخير على أنه رسالة في الأصل إلى الدول الأخرى في المنطقة.

أثبتت تركيا مجددا خلال الحادثة الأخيرة أنها لن تتهاون على الإطلاق في حماية حدودها.

إن أولويات تركيا في أسواق الطاقة تتمثل في استغلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي بالشكل الأنسب، والتحول إلى مركز تجارة للطاقة، والتقليل من اعتمادها على الخارج في مجال الطاقة.

تواصل تركيا إبراز نفسها كواحد من أهم اللاعبين في المنطقة من خلال مناطقها الاقتصادية الخالصة، وموقعها الجغرافي الهام، كما تعتبر الاستراتيجيات التي تتبعها في مجال الطاقة من أهم العوامل التي ستسفر عن تقوية مواقفها أكثر فأكثر في المستقبل.

** الكاتب إردال تاناس قره غُل، عضو الهيئة التدريسية في قسم الاقتصاد بكلية العلوم السياسية في جامعة يلدريم بيازيد، وباحث اقتصادي في مركز "سيتا" للدراسات.

 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
جميع الأخبار