موقف النخب الليبرالية العربية من تركيا عموما و"غصن الزيتون" خصوصا

مصدر الانزعاج من تركيا الحديثة كونها قدمت نموذجا حضاريا ناجحا للتفاهم والتعايش السلمي بين الدين والدولة، والشعب والدولة.

تحليلات 10:00 01.04.2018

لا نجانب الصواب عندما نقول بأن النخب القومية والليبرالية والعلمانية العربية بغالبيتهم العظمى، لم يتفقوا على شيء مطلقا مثل اتفاقهم على مناصبة تركيا العداء! لا يغير من ذلك اختلاف دوافعهم ومنطلقاتهم ومصالحهم وأرضياتهم الفكرية ومشاربهم الأيديولوجية.

تعاني النخب الليبرالية العلمانية العربية منذ انطلاق الربيع العربي، وتحرك الشعوب العربية للمطالبة بالحرية والكرامة، ازدواجية في المعايير والمواقف. فهي مضطرة إلى تأييد المطالب الشعبية ولو ظاهريا، وهي في الوقت ذاته تدرك أن الشارع العربي محافظ بطبيعته، وبالتالي فإن أي استحقاق ديمقراطي سوف يأتي بالإسلاميين إلى السلطة، وهذا يؤرقهم ويقض مضاجعهم، ويجعلهم أمام خيارين أحلاهما مر. فإما القبول بالإسلاميين في السلطة، أو الانحياز للأنظمة الاستبدادية التي استولت على كل مرافق الحياة، وسدت جميع المنافذ أمام أي مشاركة في الحياة السياسية، لمن لا يدور في فلك الحاكم.

مصدر الانزعاج من تركيا الحديثة كونها قدمت نموذجا حضاريا ناجحا للتفاهم والتعايش السلمي بين الدين والدولة، والشعب والدولة. هذه العلاقة ما زالت ملتبسة مضطربة، وما فتئت تولّد الأزمات والمشاكل في أغلب البلاد العربية والإسلامية.

بعد نجاح حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2002 بنسبة مكّنته من تشكيل الحكومة بمفرده، وقيادة حملة النهضة والتطوير والتحول الديمقراطي نحو المجتمع المدني، دق ناقوس الخطر في مراكز هندسة السياسة الدولية.

لكن حزب العدالة والتنمية وحكومته بقيا مقبولين ما دامت تركيا تحت السيطرة، إلى أن جاء استحقاق الانتخابات الرئاسية عام 2007. وقرر وزير الخارجية، والشخصية الثانية في حزب العدالة والتنمية عبد الله غل ترشيح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، وحصلت الموافقة من طرف رئيس الوزراء ورئيس الحزب رجب طيب أردوغان، الذي كان يرى ترشيح شخصية محايدة حلا، من أجل عدم التصادم مع النظام المؤسس في وقت مبكر، إلا أنه قبل بالأمر أمام إصرار رفيق دربه على الترشح.

تم انتخاب مرشح حزب العدالة والتنمية عبد الله غل رئيسا للجمهورية رغم جميع محاولات العرقلة، بليّ أعناق النصوص الدستورية، وتحميل القوانين ما لا تحتمل.

لكن انتخاب عبد الله غل شكل بداية مرحلة جديدة من الصراع القاسي والحرب الضروس، بين حزب العدالة والتنمية وكتلته الشعبية من جهة، ومراكز القوى التي يشكلها النظام المؤسس أو ما يسمى الدولة العميقة من جهة أخرى. بداية إرهاصات تلك الحرب تجلت في قيام المحكمة الدستورية العليا بفتح دعوى قضائية لإغلاق حزب العدالة والتنمية، بحجة كونه بؤرة لمعاداة العلمانية.

نجا الحزب من طائلة الإغلاق بفارق بسيط، لكن المعركة لم تتوقف. فقد بدأ الكيان الموازي الذي تمثل جماعة الشيخ فتح الله غولن رأس الجليد الظاهر منه، حربا شعواء ضد الحزب والحكومة وشخص الرئيس أردوغان وعائلته، شكلت المحاولة الانقلابية الفاشلة بتاريخ 15 تموز / يوليو 2016 ذروتها.

بالتزامن مع المعارك السياسية الداخلية، كانت هناك معارك أخرى على الصعيد الخارجي، فالدعم السياسي لحزب العدالة والتنمية بدأ يختفي، والحديث عن نضال أردوغان وتخطيه الصعاب ونجاحاته الاقتصادية وانفتاحه السياسي، اختفى.

فجأة تحول أردوغان من رمز أسطوري للنجاح والنضال وتخطي الصعاب، إلى دكتاتور يصادر الحريات، يغلق الأحزاب ويكمم الأفواه، ويزج الصحفيين في السجن!

ثمة محاولات بذلت من أجل استنبات ربيع تركي على غرار الربيع العربي، منها على سبيل المثال لا الحصر أحداث غيزي بارك، حيث بذلت في سبيل ذلك جهود كبيرة وأمول طائلة، ساهمت فيها مؤسسات إعلامية عالمية، ودعمتها دول عربية خليجية. لكن تلك المحاولات بدل أن تثمر حركة معارضة، تسببت في التفاف شعبي أكبر حول الحكومة، تجلى في تصدي الشعب الأعزل للجيش المدجج بالسلاح، بل دفعت حزب الحركة القومية نحو حلف استراتيجي مصيري مع حزب العدالة والتنمية، فأصبحت مهمة أعداء أردوغان صعبة للغاية.

أكثر من ذلك، فقد شاركت عدة دول أعضاء في حلف الناتو في دعم الانقلاب الفاشل ليلة 15 يوليو / تموز، حيث لا تزال أسئلة المحكمة حول الاتصالات التي جرت ليلة الانقلاب بين السفارة الأمريكية وعناصر لعبوا دورا رئيسيا في تدبير الانقلاب، دون جواب.

ثمة تعليمات صدرت من مراكز هندسة السياسة العالمية بوجوب تطويق التجربة التركية التي أضحت مصدر إلهام للشعوب المقهورة.

قد نتفهم خوف النظام الرسمي العربي من التجربة التركية، حيث يصنفونها خطأ وزورا بأنها تمثل الإسلام السياسي. فما بال النخب الثقافية والفكرية وخصوصا الليبرالية منها، التي تدعو إلى الانفتاح والديمقراطية والحرية دون قيود؟!

يقر الليبراليون العرب بأن تركيا تحملت ولا تزال العبء الأكبر للأزمة السورية، ويعلمون جيدا بأن تركيا أفضل دولة من حيث حسن معاملة جميع من لجأ إليها، من سوريين وغيرهم.

يسلم هؤلاء بأن تركيا تعرضت وما تزال لهجمات إرهابية راح ضحيتها مئات المواطنين الأتراك، ومعهم سياح عرب وأجانب، وأن من حقها حماية أمنها الاستراتيجي.

يعلم هؤلاء جيدا خطورة المشروع الأوجلاني الإرهابي المدمر، لكنهم نكاية بتركيا يدعمون توجهاته الانفصالية، رغم خطورتها على وحدة البلدين العربيين العراق وسورية.

كثير من هؤلاء الكتاب لا يرون غضاضة في التدخل الأمريكي والروسي في سورية، ولا يستنكر بعضهم حتى التدخل الإيراني أيضا. هذه الدول جاءت بجيوشها من بعد آلاف الكيلومترات، من أجل أهداف إمبريالية توسعية.

أما عندما تقوم تركيا التي تربطها بسوريا حدود برية بطول 911 كيلومترا، بعمل عسكري بهدف حماية أرضها وأمنها الاستراتيجي فتقوم الدنيا ولا تقعد!

الأمريكيون حسموا خيارهم بالتعاون مع كيان إرهابي انفصالي يهدد وحدة بلدان المنطقة، ورفضوا التعاون مع تركيا حليفهم الاستراتيجي وشريكهم في حلف الناتو! ما اضطر تركيا إلى الانفتاح على روسيا، لكن هذا الانفتاح لا يعني بحال أنها توافق على ما يقوم به الروس من انتهاكات وجرائم فظيعة في سورية.

تركيا دخلت "عملية أستانا" من أجل خفض وتيرة الصراع المسلح في سورية، وتخفيف مضار التدخل العسكري الروسي، فحصلت على نجاح جزئي في بعض مناطق خفض التصعيد التي تم الاتفاق عليها من خلال تلك العملية.

تركيا ليست دولة عظمى، وليس لديها القدرة العسكرية على منافسة أمريكا أو روسيا أو حتى إيران في سورية.

تركيا لا تملك خيار الدولة المارقة مثل إيران، فقد استطاعت إيران أن تلعب دور الدولة المارقة المتمردة على القانون الدولي، بغطاء أمريكي وموافقة روسية ودعم أوروبي.

إيران تصول وتجول في سورية منذ سبع سنوات دون اعتراض يذكر من أحد، بل على العكس تماما، فقد بذل المبعوث الأممي دميستورا جهودا مضنية في سبيل جعل إيران طرفا أساسيا في أي عملية سياسية تخص المسألة السورية! بينما قوبلت تركيا باعتراض شديد ضد عملياتها العسكرية، سواء عملية درع الفرات، أو عملية غصن الزيتون.

بذلت تركيا جهودا مضنية من أجل تجنيب مدينة حلب دمارا قادما على يد الروس، لكنها فشلت في إقناع فصائل المعارضة المسلحة بسبب انعدام وحدة الصف والقرار، وإصرار عناصر جبهة النصرة على عدم الخروج من المدينة، ووقوف أغلب فصائل الجيش الحر مع عناصر النصرة في أسوأ قرار عرفته الثورة السورية، ما أعطى الذريعة للروس لتدمير المدينة متبعين نموذج غروزني وسياسة الأرض المحروقة.

يستدل البعض بعدم تعرض مدينة الباب وبقية مناطق درع الفرات للقصف، على أنه صفقة تم من خلالها بيع مدينة حلب!

أي منطق هذا؟!

وهل كانت حلب تحت سيطرة الأتراك حتى يقايضوها؟!

تركيا دولة محتلة..

المحتل يأخذ ولا يعطي. الأمريكيون تمركزوا في مناطق النفط والغاز الطبيعي، والروس بنوا قواعدهم في منطقة الساحل الاستراتيجية، فأين تمركزت القوات التركية؟!

تمركزت القوات التركية في المناطق التي تحقق لحدودها الأمن والاستقرار، وتمنع المشروع الأوجلاني الانفصالي الذي يهدد وحدة سوريا قبل تركيا.

الأتراك ما زالوا ينفقون على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، يعيدون إنشاء البنى التحتية المدمرة، يبنون المدارس والمستشفيات، يعيدون مرافق الحياة، ليعود المواطن السوري إلى بلده وأرضه، أي من الدول الأخرى فعلت ذلك؟!

تتمنى غالبية السوريين من خارج منطقة درع الفرات وغصن الزيتون، أن يتم ضم مناطقهم إلى منطقة درع الفرات.

يأبى ليبراليو السلطة على اختلاف مشاربهم النزول إلى أرض الميدان، بل يصرون على البقاء في بروجهم العاجية، يصدرون أحكامهم من خلال منظارهم الأيديولوجي، الذي يحجب عنهم الواقع ويمنعهم من رؤية الحقيقة.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
جميع الأخبار