بلديات تونس.. هل بدأ انهيار "الجدار العازل" بين اليسار والإسلاميين؟

تحليلات 09:00 01.07.2018

مثل "اتفاق العروسة" بين مرشحين فائزين في الانتخابات البلدية الأخيرة بتونس من قائمة الجبهة الشعبية وقائمة حركة "النهضة"، منتصف يونيو / حزيران الجاري، حدثا مهما في تاريخ العلاقات بين الجبهة اليسارية والحركة الإسلامية.

كما مثل تصويت منتسبين إلى التيار الديمقراطي (وسط يسار معارض / 3 نواب من 217) لمصلحة مرشحين من حزب "نداء تونس" (ليبرالي)، للحصول على رئاسة بلديات، سابقة مهمة في العلاقة البينية بين الأحزاب التونسية.

سارعت قيادة الجبهة الشعبية إلى التنصل من اتفاق بلدية العروسة بمحافظة سليانة (شمال غرب)، واعتبرت أنه "موقف تم بشكل انفرادي ومحلي ودون التشاور مع الهيئات القيادية"، ومن ثم لا يلزمها.

لكن محللين ومتابعين سياسيين يعتبرون أن الأمر شكل بداية النهاية لعلاقات شابها التنافر والعداء بين الإسلاميين واليساريين منذ سنوات.

وتتشكل الجبهة الشعبية (15 نائبا) من 11 حزبا تتبنى الأفكار الشيوعية الماركسية اللينينية والأفكار القومية البعثية والناصرية.

ويعتبر البعض أن الصراع بين أحزاب الجبهة وحركة النهضة هو امتداد لصراع شهدته الحركة الطلابية التونسية في النصف الثاني من السبعينيات وكامل ثمانينيات القرن الماضي، بين التيارات الماركسية والقومية من جهة والتيار الإسلامي من جهة أخرى.

وقرر التيار الديمقراطي الأحد الماضي، تجميد نشاط بعض مستشاريه البلديين بعد تصويتهم لمرشحي الحزبين الحاكمين (النداء والنهضة) في بلديتي سيسب بحافظة القيروان (وسط) وكسرى بمحافظة سليانة،

التيار اعتبر أنهم "خرقوا قرار المجلس الوطني للحزب بعدم التصويت للحزبين" في الانتخابات التي أجريت في 6 مايو / أيار الماضي.

** العلاقة المناطقية المباشرة

المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة، يعتبر أن "الحكم المحلي والفعل السياسي القاعدي على الأرض لا تحكمه في الغالب الأيديولوجيات مثلما هو الأمر على مستوى المركز".

ويرى بوعجيلة، للأناضول، أن "ما يحكم الناس هو علاقتهم المباشرة ببعضهم البعض وخدمة منطقتهم".

ويفسر الالتقاء المباشر بين الفائزين في الانتخابات عن قائمتي النهضة والجبهة الشعبية في مدينة العروسة بـ "المشترك الكفاحي والنضالي الذي جمعهم في مواجهة الفساد والاستبداد والتهميش زمن النظام السابق".

ويشير بوعجيلة إلى اشتراك اليساريين والإسلاميين في النضال ضد حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011)، الذي أطاحت به ثورة شعبية.

في عام 2015، تشكلت "جبهة 18 أكتوبر للحقوق والحريات"، إثر إضراب عن الطعام لمدة شهر خاضته ثماني شخصيات سياسية في العاصمة بينهم حمة الهمامي رئيس حزب العمال، المتحدث باسم الجبهة الشعبية، وسمير ديلو القيادي في حركة النهضة.

وإثر نقاش دام أشهرا بين مختلف تيارات "جبهة 18 أكتوبر للحقوق والحريات"، تمت صياغة نصوص مشتركة حول حقوق المرأة والعلاقة ين الدولة والدين والعلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين.

** إدارة خدماتية

يستغرب أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي موقف قيادة الجبهة الشعبية الرافض لـ "اتفاق العروسة"، والرافض للتعامل مع حركتي النهضة ونداء تونس.

ويقول الحناشي للأناضول: "الأمر غريب، فحزب العمال المكون الرئيسي للجبهة، تحالف في فترة مع حركة النهضة، كما تحالفت الجبهة مع نداء تونس (عام 2013) لإسقاط حكومة الترويكا (ائتلاف بين النهضة وحزبين والمؤتمر والتكتل العلمانيين)".

وأصدر المجلس المركزي للجبهة الشعبية بيانا في 11 مايو / أيار الماضي، قال فيه إن الجبهة "لن تتحالف في تشكيل المجالس البلدية لا مع حركة النهضة ولا مع حزب نداء تونس المسؤولين عما وصلت إليه البلاد من تدهور اقتصادي واجتماعي وسياسي".

ويضيف الحناشي "المفروض أن هذه إدارة محلية طابعها ليس سياسيا بل خدماتيا.. تكون المسألة السياسية جانبا ويلتقي الناس على برنامج الحد الأدنى على خدمة المواطن، بعيدا عن التسويق الأيديولوجي".

** كلفة القطيعة

ويحذر الحناشي من أن "كلفة القطيعة بين الإسلاميين واليساريين كبيرة على المشهد السياسي، وحتى على مستقبل البلاد.. مسار الانتقال الديمقراطي، لكنني متفاءل بتغير الأمور في الفترات القادمة".

ويرى أن "المشكل هو انعدام الثقة بين قيادات الأطراف السياسية، رغم أنها تلتقي مثلا في البرلمان، لكن على أصعدة أخرى نجدها تنبذ بعضها البعض".

ويدعو إلى "ميثاق وطني يلتقي فيه الجميع حول حد أدنى، وأن تطور الأحزاب مفاهيمها وبرامجها ونظرتها إلى الآخر من أجل أن نتعايش".

ويتابع: "الأمور في تونس محكومة بتعايش هذه الأطراف، وخاصة الطرفين الرئيسيين.. العلمانيين بمختلف توجهاتهم والإسلاميين بمختلف توجهاتهم".

ويشدد الحناشي على أنه "يجب على القيادات السياسية المختلفة أن تعي ضرورة التعايش واعتبار أن الاختلافات الأيديولوجية تعيشها كل المجتمعات، ولكن لا تصل إلى القطيعة".

** رهان على المثقفين

المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة يذهب في الاتجاه ذاته بالتحذير من "كلفة القطيعة بين الإسلاميين واليساريين على مسار تحقيق أهداف الثورة التونسية".

ويعتبر أن "المستفيد الوحيد من هذا الانقسام هو المنظومة القديمة، التي استخدمت اليسار سنة 2013 للعودة، ما جعل حركة النهضة نفسها تسعى إلى الالتقاء بالمنظومة وتشكيل تحالف معها إثر انتخابات 2014".

لكن بوعجيلة يقلل من أهمية دور القيادات الحزبية في تحقيق أي التقاء بين الإسلاميين واليساريين اليوم.

ويرى أن "هذا مطلوب من المثقفين والمناضلين النوعيين في اليسار الوطني والإسلاميين الوطنيين".

ويتابع: "فالقيادي الحزبي سيظل في أتون المناكفات السياسية، لكن المناضلين الميدانيين، الذي وقفوا مع بعض في السابق لمواجهة الاستبداد، في حاجة للعودة إلى صياغة سردية لمقاومة المنظومة القديمة التي أثبت الواقع أن عودتها كانت لإفساد الصورة ومسار الانتقال الديمقراطي".

ويشدد على أن "الإسلاميين مطالبون بمراجعات والقبول بالتعدد، واليساريون مطالبون بمراجعة تقول إنه يمكن للإسلاميين أن يكونوا حلفاء في بناء الدولة المستقلة التي تقاوم الفساد وتركز ديمقراطية ثابتة لها مضمونا وطنيا واجتماعيا وثقافيا في مواجهة الماضوية وفي مواجهة الاختراق الصهيوني الإمبريالي".

ويرى بوعجيلة أن "النقاط المشتركة بين الإسلاميين والقوميين واليساريين ما تزال كبيرة".

ويضيف أن "اليسار خسر عندما التقى مع المنظومة القديمة (يقصد نداء تونس) في 2013 للإطاحة بالترويكا، وكذلك الإسلاميون يخسرون اليوم في التقائهم بالمنظومة القديمة (ائتلافهم مع نداء تونس)".

ويذهب إلى أن "هذا يقوم به المناضلون المحليون الذين سيفاجئوننا بالتقاءات غريبة، مثلما حدث في العروسة، وأيضا مثقفو هذه التيارات، فهم أكثر استعدادا لكتابة نصوص وطنية كبرى تذهب في هذا الاتجاه".

يختم بوعجيلة باعتبار أن "حركة النهضة أكثر قابلية لهذه التطورات من الأطراف الأخرى، وكان جليا هذا في مباركتها لاتفاق العروسة دون تحفظ".

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
جميع الأخبار