إن السياسة التي تتبعها فرنسا معروفة منذ زمن طويل للعالم التركي. كما أنه ليس سراً وجود أكبر اللوبي الأرمني في فرنسا، وأن المجتمع الفرنسي يقع تحت تأثير جماعات الضغط الأرمنية وأن فرنسا تقود سياسة مؤيدة للأرمن.
يمكن التأكد من اتباع المسار المؤيد للأرمن بالذات في كل شيء في فرنسا. لنأخذ الزيارة الأخيرة لرئيس هذا البلد، إيمانويل ماكرون إلى يريفان لحضور القمة الفرنكوفونية. وبالنظر إلى العلاقات الأذربيجانية الأرمنية المتفاقمة، وللمحافظة على التوازن والالتزام بمعايير الأعراف الدولية، وكان من الصواب من الناحية الدبلوماسية أن يزور الرئيس الفرنسي أذربيجان أيضاً إلى جانب أرمينيا. على عكس الزعيم الفرنسي، عندما يزور والمسؤولون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة وروسيا المنطقة، يزورون أيضاً كلاً من أذربيجان وأرمينيا. يعتبر هذا النهج موضوعياً ومنطقياً من الناحية الدبلوماسية، لأن كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا هما رئيسان مشاركان في مجموعة العمل لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
يقوم رئيس النظام الانفصالي في قاره باغ الجبلية باكو ساهاكيان بزيارات متواصلة لفرنسا. لا تتخذ الحكومة الفرنسية، بصفتها وسيط في مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أي إجراء لمنع مثل هذه الزيارات غير القانونية.
كذلك يقوم رؤساء بلديات المدن في فرنسا بزيارات استفزازية لأراضي أذربيجان المحتلة ويوقعون شتى أنواع الاتفاقات مع ممثلي النظام الانفصالي. ولا تتخذ حكومة فرنسا أي إجراء بشأن هذه القضية فحسب، بل تشجّع هذا النوع من انتهاك القانون سراً. وقعت أكثر من 10 مدن فرنسية بيانات الصداقة مع النظام الانفصالي، مخالفة بذلك قوانين فرنسا نفسها. كما تصنع فرنسا العقبات في علاقات الاتحاد الأوروبي مع أذربيجان.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن مواطني أذربيجان الذين يسافرون إلى فرنسا بصورة قانونية غالباً ما يواجهون تحقيقات غير معقولة في نقاط الحدود الفرنسية، مما يدل على السياسة أحادية الجنب للسلطات الفرنسية.
لا شك في أن هذا الموقف للحكومة الفرنسية يتعارض مع مبادئ وضعت على أساس مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ويتعارض مع الأهداف التي حددتها هذه المجموعة. إن المعايير المزدوجة التي تمارسها الموسسات الفرنسية تعارض التسوية السلمية لصراع قاره باغ الجبلية. وبالنظر إلى التزام فرنسا منذ فترة طويلة بالموقف المؤيد للأرمن، فإن عضويتها في مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد أصبحت موضع الشكوك فيها. تشعر الدوائر السياسية والمجتمع لأذربيجان بقلق إزاء سياسة باريس. إن البلد الذي يتبع رئيسه سياسة في مصالح اللوبي الأرمني لا يمكن أن يكون رئيساً مشاركاً في تسوية نزاع قاره باغ الجبلية، حيث أن فرنسا فقدت صورة وسيط محايد تماماً. تثير السياسة الفرنسية في جنوب القوقاز تساؤلات حول اهتمامها بالتوصل إلى تسوية موضوعية وسلمية للنزاع الأرمني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية.
يجب على فرنسا أن تفهم بوضوح أن المصالح الوطنية لأذربيجان تقع فوق كل شيء، وأن باكو الرسمية ملتزمة بهذا الموقف. يجب على باريس الرسمية أن تعترف علنا أنها تعترف بالسلامة الإقليمية لأذربيجان اعترافاً واضحاً.
في وقت إنشاء مؤسسة الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عارضت أذربيجان بشكل قاطع الرئاسة الفرنسية المشاركة. في ذلك الوقت، التزمت فرنسا بسياسة محايدة ومتوازنة. لكن يبدو أن فرنسا لا تتعامل مع التزاماتها وتظهر التحيز تجاه أذربيجان.
هناك اللوبي الأرمني القوي في فرنسا يرعى المرشحين خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لذلك ليس هناك سبب لتوقع الموضوعية من الرئيس الفرنسي الحالي.
على الرغم من السياسة الصارمة للحكومة الفرنسية ضد الانفصال في كورسيكا، تتجاهل السلطات الفرنسية تماماً حالات انتهاك السلامة الإقليمية لأذربيجان.
وبالنظر إلى جميع هذه العوامل، ينبغي استبعاد فرنسا من الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
حسين سفروف