حذّر خبراء أفارقة من أن تنامي العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع بعض دول إفريقيا من شأنه التأثير على التأييد الذي تحظى به القضية الفلسطينية بالقارة السمراء، فيما نفى آخرون أي تأثير لذلك.
وعلى مدار عقود، تعارض العديد من البلدان الإفريقية إسرائيل وسياساتها، على خلفية استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية وعدوانها تجاه الفلسطينيين.
غير أن تنامي علاقات إسرائيل في المنطقة، قد يدفع البعض من تلك الدول إلى التنازل عن موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وفق خبراء في قراءات منفصلة للأناضول.
شادراك غوتو، البروفيسور الفخري بجامعة جنوب إفريقيا (حكومية)، قال معقبا على الموضوع: "أعتقد أن الدول الإفريقية التي تبني علاقات مع إسرائيل قد تكون تنظر إلى المنافع الاقتصادية التي ستحصل عليها؛ وهذا بكل تأكيد سيقلّل حجم تأييد تلك الدول وتضامنها مع فلسطين".
والجمعة الماضية، افتتحت الحكومة الإسرائيلية أول سفارة لها في رواندا، وتعهدت بدعم البلد الإفريقي في عدد من المجالات، بينها التعليم، والصحة، والزراعة، والأمن السيبراني.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، حضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والتقى بزعماء 10 دول بالقارة.
وبالعام نفسه، أجرى نتنياهو زيارة إلى كينيا، حيث التقى رؤساء 11 دولة إفريقية، وبحث معهم إمكانية تعميق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
**تجارة الأسلحة
البروفسور غوتو أوضح أن اهتمام إسرائيل المتزايد بإفريقيا لا يقتصر على الدبلوماسية فقط، بل لديها مصالح اقتصادية ضخمة في القارة التي يتجاوز عدد سكانها المليار نسمة.
وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل تنظر إلى إفريقيا على أنها سوق محتملة للأسلحة، ما يعني أنها ترنو لأن تبيع بلدان القارة الأسلحة، إلى جانب مساعدتهم وتدريبهم في مختلف المجالات.
ومستدركا: غير أن بيع السلاح ليس مساحة للخطاب الشعبي، ونادرًا ما يظهر في وسائل الإعلام".
** إفريقيا تعويضا عن أوروبا
أما إقبال جاسات، وهو عضو بارز في شبكة مراجعة وسائل الإعلام بجنوب إفريقيا ، فيرى من جانبه، أن تنامي الوجود الإسرائيلي في إفريقيا قد يؤثر على نضال فلسطين من أجل الحرية، والتضامن الذي تعتمد عليه في القارة.
وقال جاسات إن التطور في العلاقات الذي تحاول إسرائيل تحقيقه في إفريقيا يجري عبر أنظمة لها مؤهلات ديمقراطية مشكوك فيها.
وأضاف أن "إسرائيل مدركة أن مكانتها في أوروبا هي في أضعف حالاتها رغم العلاقات التي تتمتع بها مع الحكومات اليمينية بالقارة العجوز".
كما تدرك إسرائيل أيضًا أنه رغم الحماية الاقتصادية والسياسية التي تتلقاها من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن قدرتها على عرض نفسها كديمقراطية ليبرالية تقدمية "مقيدة بشدة".
وزاد قائلًا إن "وضع بصمة في القارة بمساعدة مباشرة من بلطجية ترامب المحافظين، سمح لإسرائيل بتوسيع تجارة الأسلحة لديها إلى جانب وعود بالحماية العسكرية".
وأعرب جاسات عن اعتقاده بأن حركات التحرير الفلسطينية التي أقامت تحالفات كبيرة مع العديد من المنظمات المناهضة للاستعمار في إفريقيا، "ستشعر بالخيانة من جانب بعض دول هذه القارة بسبب نفاقها".
وأشار إلى أن "الرسالة الموجهة إلى الاتحاد الإفريقي والقارة السمراء بشكل عام، واضحة، ومفادها أن إسرائيل نظام استيطاني استعماري احتل فلسطين ونهب ممتلكاتها".
** وجود أقل تأثيرًا
من جهتها، ترى الكاتبة والناشطة سورايا دادو، وهي باحثة في شبكة مراجعة وسائل الإعلام في جنوب إفريقيا، أن تواجد إسرائيل المتنامي في القارة أمر لا يدعو لقلق الفلسطينيين.
موقف لفتت إلى أنه سليل ما لاحظته في المحافل الرئيسية الهامة لمنظمات الاتحاد الإفريقي، وحركة عدم الانحياز، والأمم المتحدة، من أن القضية الفلسطينية لا تزال تحظى بالتأييد.
وموضحة: "عندما تتحدث المجموعة الإفريقية في الأمم المتحدة (في إشارة إلى الممثلين الأفارقة)، فإن التصريحات تقر بالتأكيد بأن إسرائيل محتلة وأنها تنتهك القانون الدولي".
ومضت بالقول: "الدول الإفريقية حريصة جدًا على استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في الزراعة والمياه، لكن عندما يتعلق الأمر بالتصويت في المحافل الدولية وإصدار البيانات، لا أعتقد أن إسرائيل قادرة على شراء (ولاء) الكثير من بلدان القارة السمراء".