هل تشكل التحركات الأمريكية الأخيرة ملامح استراتيجية جديدة بالمنطقة؟

إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ سحب قوات بلاده من سورية، تسبب في خلط جميع الأوراق واختلال كافة الموازين، حيث بدأت الدول المعنية والقوى الدولية والاقليمية مرحلة إعادة الحسابات والتموضع بناء على المعطيات الأمريكية الجديدة

تحليلات 09:30 18.03.2019

إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ سحب قوات بلاده من سورية، تسبب في خلط جميع الأوراق واختلال كافة الموازين، ليس في الساحة السورية وحدها بل في منطقة الشرق الأوسط عموما، حيث بدأت الدول المعنية والقوى الدولية والاقليمية مرحلة إعادة الحسابات والتموضع بناء على المعطيات الأمريكية الجديدة. 

لكن الطرف الأمريكي، فيما يبدو أنه بشكل متعمد، ترك الأمور ضبابية غير واضحة، سواء فيما يتعلق بالانسحاب حجما وموعدا وجهة وتوقيتا، أو على صعيد تحديد الجهة التي سوف تملأ الفراغ الحاصل جراء هذا الانسحاب، مما أثار موجة من القلق والتردد وغبش الرؤية لدى الجميع دون استثناء. 

** التصعيد الأمريكي ضد إيران 

تزامن الإعلان الأمريكي عن الانسحاب من سورية مع ثلاثة إعلانات لا تقل أهمية عنه. الأول هو التصدي للنفوذ الايراني في سورية وعموم المنطقة، والثاني إعلان نهاية داعش، والثالث إعلان حمزة بن لادن خليفة لأبيه في زعامة تنظيم القاعدة، ووضع واشنطن مكافأة مالية قدرها مليون دولار لمن يسلمه أو يدل عليه. 

إعلان نهاية داعش معناه في القاموس الأمريكي "إيجاد/ توليد خطر استراتيجي جديد"، كما أن إعلان حمزة بن لادن خليفة لأبيه في زعامة تنظيم القاعدة معناه أن دائرة الخطر الإرهابي القادم في المنظور الأمريكي والغربي عموما، لا زال محصورا في إطار المسلمين السنة!. 

حتى اللحظة يبدو أن التصعيد الأخير ضد إيران، والتهديدات المستمرة والمتكررة لها من أعلى شخصيات في هرم السلطة الأمريكية، والتي لم تتعد دائرة القول إلى الفعل، مرتبط بمصلحة اسرائيل بالدرجة الأولى، بهدف ابتزاز الدول العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص، من أجل دفعها لقبول "صفقة القرن" التي يسوق لها جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره، والصديق المقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو. 

قد يستفيد مؤقتا من لعبة التجاذبات بين واشنطن وطهران، ما يسمى بالتيار المتشدد، او الدولة الإيرانية "العميقة"، الذي يقوده مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، ومعه وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي، وقائد العمليات العسكرية الخارجية في الحرس الثوري قاسم سليماني. لكن في جميع الأحوال واشنطن لن تقع في فخ التصنيفات الايرانية بين معتدل ومتشدد، ومحافظ وإصلاحي. 

وتعيش الساحة السورية حالة من الاستعصاء والانسداد شبه التام على جميع الصعد، السياسية والعسكرية والميدانية والاقتصادية. فبينما يقف الأمريكي متحكما بالموقف وممسكا بزمام الأمور، يقف الجميع في الجهة المقابلة حذرا متوجسا يقظا خائفا من الجميع. 

إيران قلقة 

الطرف الايراني يسعى للتصعيد العسكري واستمرار المعارك في سورية مهما كلف ذلك من ثمن، بهدف تخفيف الحصار والضغوط الأمريكية ضده. 

الجيش الأميركي ينشر نظام الدفاع الجوي والصاروخي الأكثر تقدما "ثاد Thaad" في إسرائيل للمرة الأولى، و البنتاغون يعلن فوز شركة لوكهيد مارتن بعقد مرتبط بشراء السعودية المنظومة ذاتها، حيث كانت السعودية قد اتفقت في نوفمبر/تشرين الثاني على شراء 44 منصة إطلاق "ثاد Thaad " وصواريخ ومعدات ذات صلة بالنظام من الولايات المتحدة في صفقة قيمتها 15 مليار دولار، من أجل الحصول على قدرات وتقنيات متطورة تمكنها من إحباط أي هجوم صاروخي محتمل من خصمها الإقليمي إيران. 

القيادة الأميركية في أوروبا قالت في بيان لها: "إن "ثاد Thaad هو أكثر النظم الدفاعية الصاروخية والجوية المتكاملة تقدما في العالم، حيث بإمكانها الرد بسرعة تفوق التوقعات على أي تهديد في أي مكان وفي أي وقت". 

الإدارة الأمريكية تقول إن قرار النقل السريع لنظام "ثاد Thaad " -المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى- إلى إسرائيل قُصد به "إظهار التزام الولايات المتحدة المستمر بدعم أمن إسرائيل الإقليمي". طبعا الدعم هنا ضد إيران. 

يضاف إلى ما سبق تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً لميليشيات "حركة النجباء" ضمن التنظيمات الإرهابية. 

كما هو معلوم فإن " حركة النجباء" أحد فصائل الحشد الشعبي، الجيش الموازي والداعم للجيش العراقي، الذي منحته الحكومة العراقية صفة رسمية، بالرغم من جميع الاعتراضات عليه، كونه يتلقى تعليماته وأوامره من طهران. 

القرارات والخطوات والحصار والعقوبات الأمريكية ضد إيران، رسائل واضحة لطهران، إما أن تذعن وتنصاع للتوقيع على اتفاق بالشروط الأمريكية، أو أنها ستواجه الحصار الخانق. 

طهران قلقة وخائفة، لأن جميع مكتسباتها في سورية وبقية دول المنطقة قد تصبح في مهب في مهب الريح في أي لحظة، إذ من اليسير محاصرتها واتهامها باستخدام العنف والإرهاب، حيث ميليشياتها لا تزال ترابط على الأرض السورية، وهذا ما بدأ الأمريكان يدندنون به بوتيرة منخفضة، لكنها قابلة للتصعيد. 

تركيا قلقة 

تركيا قلقة جدا وتخشى من صفقة بين واشنطن وموسكو بخصوص منبج وشرق الفرات. زيارات المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سورية جيمس جيفري المتكررة لأنقرة، والتطمينات التي يقدمها الأمريكان للطرف التركي لا تبدو كافية لبناء الثقة، بعد كم كبير من الوعود الأمريكية التي لم تلتزم بها واشنطن. 

حتى هذه اللحظة لم يقدم الطرف الأمريكي أي سيناريو من شأنه إزالة مخاوف أنقرة حول مصير الأسلحة الثقيلة التي تم تسليمها لميليشيات قسد. كما أنه لا يوجد أتفاق حول هوية وطبيعة وحجم القوات التي ستتولى مهمة حفظ الأمن في المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في الشريط الحدودي بين تركيا وسورية. 

في احدث تصريحاته بخصوص الانسحاب الأمريكي من سورية، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن هواجس بلاده قائلا: "يمكنهم (الأمريكان) أخذ أسلحتهم معهم إذا رغبوا، أو بيعها لنا، لكن عليهم أن لا يمنحوها للإرهابيين". 

يضيف الرئيس أردوغان: "‏يجب أن تكون المنطقة الآمنة في سورية بعمق ٣٠ كيلومترًا من الحدود مع تركيا، وبالتأكيد لابد أن تكون تحت سيطرتنا، كما أن تركيا لا يمكن أن توافق على منح السيطرة على هذه المنطقة لأي جهة غيرها". 

روسيا قلقة 

حتى اللحظة ينظر الروس بعين الريبة إلى أي تقارب وتفاهم يتم بين واشنطن وأنقرة، فيقومون بدفع قوات النظام والميليشيات الايرانية وتحريضها على خرق اتفاق سوتشي، باستهداف إدلب وريفها وريف حلب الشمالي وبقية المشمولة باتفاق وقف التصعيد. 

أكثر من ذلك تطالب موسكو بأن تسلم واشنطن منطقة منبج وشرق الفرات لنظام الأسد، وتبدي استعدادها للعب دور في حفظ الأمن هناك، الأمر الذي ترفضه أنقرة رفضا قاطعا. حيث يعني ذلك بالنسبة لها استمرار تهديد مليشيات ب ي د / ي ب ج لأمنها الاستراتيجي. 

جلب إيران لبشار الأسد إلى طهران على الطريقة الروسية الاستعلائية المهينة، التي لم تقم له أي اعتبار بوصفه رئيسا للجمهورية العربية السورية، رسالة واضحة للروس تحديدا، بأن طهران هي من يملك قرار البت في مصير النظام السوري. 

التجاذبات الروسية الايرانية في سورية لم تعد بالحجم الذي يمكن تجاوزه أو تغطيته ببرقع التحالف الاستراتيجي بين الطرفين. خصوصا بعد الاتفاق بين بوتين ونتنياهو الأخير. 

روسيا قلقة أيضا من اتفاق قد يحصل في أي لحظة بين واشنطن وطهران. بالرغم من جميع التجاذبات بين أمريكا وإيران، فإن الطرف الروسي يخشى من صفقة بينهما تأتي الدقيقة الأخيرة من المباراة، رغم كل مظاهر التصعيد بين الطرفين. 

** خلاصة 

تؤكد الأطراف الفاعلة في سورية على ضرورة الحل السياسي وحده، واستبعاد جميع ما سواه. لكن جميع هذه الأطراف تسعى في الوقت ذاته إلى زيادة مكاسبها الميدانية، باعتبار ان السيطرة الميدانية تنعكس بشكل طردي على موقعها وأوراقها التفاوضية في المستقبل. 

هذا التناقض إذا أضيف إليه الشك وغياب الثقة بين الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في سورية، فإن الحديث عن مسار سياسي في المستقبل القريب، أيا كانت صفته وطبيعته، سيبقى ضربا من التفاؤل المفرط.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
جميع الأخبار