قابلت يريفان مقترح الولايات المتحدة لعقد الاجتماع القادم لوزيري خارجية أذربيجان وأرمينيا في واشنطن باستياء واضح. في اعتقاد الجانب الأرميني أن رغبة الدبلوماسية الأمريكية في لعب دور أكثر فاعلية في عملية حل نزاع قاره باغ تفيد أذربيجان أكثر من أرمينيا، لأن الأمريكيين يتمسكون بمبدأ السلامة الإقليمية لأي بلد مصونة ويجب استعادتها.
ماميدياروف ومناتساكانيان
أعرب وزير الخارجية الأذربايجاني إيلمار محمدياروف عن ترحيب باكو لاقتراح الجانب الأمريكي حول اجتماع وزيري خارجية الدولتين المتصارعتين في واشنطن.
أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأرمنية آنا نغداليان، عن استيائها من تصريح الوزير الأذربيجاني المعبر عن ترحيب لمقترح الولايات المتحدة باعتباره خطوة من جانب واحد، مع ذلك لم تستبعد إمكانية عقد مثل هذا الاجتماع.
وفي الوقت نفسه، يعتقد العديد من الخبراء الأجانب، أن الولايات المتحدة تتمكن من منح قوة الدفع الجديدة لعملية التفاوض أكثر من روسيا الاتحادية. الحقيقة هي أنه من الصعب على أرمينيا مقاومة جهود الأميركيين التي يمكن أن تؤدي إلى تقدم حقيقي في عملية تسوية النزاع في قاره باغ.
يدعي الدبلوماسي الأمريكي أن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة الكاملة لكلا الزعيمين للتقدم بمبادرات السلام.
غير أن بيانات القيادة الأرمنية تشير إلى أن يريفان ليست مستعدة لقبول أي مبادرات وشروط جديدة للتسوية. قال رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، في مقابلة مع صحيفة روسية، إن أولئك الذين يعتقدون أن قضية قاره باغ الجبلية يمكن حلها في يوم واحد أو أسبوع واحد أو حتى في سنة واحدة ليس لديهم فكرة حقيقية عن المشكلة.
وقال رئيس الوزراء الأرمني: "في الاجتماع المشترك لمجلسي الأمن لجمهورية قاره باغ الجبلية وجمهورية أرمينيا في 12 مارس، قلت إننا نقترح خطة السلام لأذربيجان، وليس خطة الحرب. يجب أن نعمل معاً لحل هذه المشكلة. إذا لم نعمل سوياً على هذا، فلن يكون لدينا حلاً أبداً، حتى بالوسائل العسكرية، لأنه من المستحيل حل المشكلة بالوسائل العسكرية، ويمكن تعميقها فقط".
بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، تبين وجود التناقضات الداخلية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية غير مؤكدة إلى حد ما. ولكن، تدل للخطوات الأخيرة التي اتخذتها واشنطن، على إنهاء هذه الفترة. صرح البيت الأبيض بوضوح ، أن الولايات المتحدة، من بين مجالات أخرى، تؤيد حل نزاع قاره باغ الجبلية، مع مراعاة أربعة قرارات للأمم المتحدة تنطوي على إلغاء احتلال أراضي أذربيجان. في الواقع، تقوم الولايات المتحدة بتحديث خارطة الطريق للتسوية، بناءً على الوثائق الدولية التي تنص على انسحاب قوات الاحتلال.
على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تضع واشنطن شيئاً جديداً على جدول الأعمال، إلا أن خريطة الطريق هذه هي نتيجة مفاوضات الرؤساء المشاركين لمجموعة منسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والمكونة من روسيا وأمريكا وفرنسا، لأكثر من 20 عاماً، ويمكن أن تسفر العملية نفسها عن نتائج إيجابية.
كما قال السفير الأمريكي السابق في باكو روبرت سيكوتا لـhaqqin.az، "هناك حاجة بالتأكيد إلى خطوات جديدة لإيجاد حل للصراع في قاره باغ الجبلية ".
نيكول باشينيان
في رأي بول سترونسكي، الباحث العلمي في برنامج "روسيا وأوراسيا" في مركز كارنيجي بواشنطن، إن جوهر "الجهود" المزعومة من الجانب الأمريكي، هي "أولوية السياسة الأمريكية في جنوب القوقاز ومنع انتقال النزاعات المجمدة إلى مرحلة نشطة".
هذا يعني، أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة التي اهتمت واشنطن بها مؤخراً لتوسيع نفوذها. ويعيد إلى الأذهان استئناف القتال على المدى القصير بين أذربيجان وأرمينيا في أبريل 2016 والتهديد الذي تمثله صراعات مثل قاره باغ للأمن الإقليمي والمصالح الأمريكية، وهذا هو السبب الرئيسي وراء لفت البيت الأبيض أنظاره إلى هذه المشكلة.
مع ذلك، كما يوضح المحلل السياسي الروسي سيرجي ماركوف، أن موسكو تتناقض مع الغرب في جميع القضايا تقريباً باستثناء قاره باغ الجبلية.
وقال أيضاً: إنه "في هذه المسألة، لا تضع الولايات المتحدة وفرنسا العصي في عجلاتنا، بل تدعمان برفق جهود روسيا التي تعتبر موضوعياً، الوسيط الأكثر نشاطاً في مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. من الضروري الانتقال إلى نظام وقف إطلاق النار والعودة إلى معايير التسوية التاريخية الرئيسية، كما يتضح من مبادئ مدريد المجددة. وأنها تستند إلى "صيغة كازان" التي يتمثل جوهرها في تحرير المناطق المحيطة بقاره باغ الجبلية والتي تحصل تنيجتها أرمينيا على رفع الحصار المفروض عليها وعلى قاره باغ الجبلية وهذا وضع مؤقت. أعتقد أن حل النزاع على هذا الأساس سوف يلائم الدول الوسيطة الرئيسة".
لذلك، يبدو أنه لا يوجد تغيير كبير في "جهود" الرؤساء المشاركين، بما في ذلك الوسيط الأمريكي.
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف
Zakir Qasımov