الجامعة العربية.. مواقف انتقائية وحرج أمام الشعوب

مساء 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عملية "نبع السلام" في مناطق سيطرة فصائل مسلحة في سوريا مرتبطة بالإرهاب.

تحليلات 12:00 20.10.2019

ـ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد بتحرير "المجتمعات المحلية من التنظيمات الإرهابية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية".
ـ تكافح تركيا منذ بداية إعلان (بي كا كا) الحرب على القوات التركية عام 1984 للحفاظ على أمنها الداخلي بكلفة عالية في أرواح الجنود والمواطنين الأتراك.
ـ تصنف "بي كا كا" كمنظمة إرهابية على لوائح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا.
ـ لا توجد أية مؤشرات على أن عملية "نبع السلام" تهدد السلامة الإقليمية للدولة السورية.
ـ ما يثير الاستغراب أكثر هو موقف جامعة الدول العربية التي اجتمعت لتعلن رفضها لعملية "نبع السلام" وهي لا تعبر في حقيقتها عن موقف الشعوب، إنما موقف حكومات بعض الدول العربية فقط.
ـ رغم الاجتماع الذي دعت إليه مصر، على مستوى مجلس وزراء الخارجية العرب، إلا أن أكثر من نصف الدول العربية اكتفت بتمثيلها على مستوى المندوبين في الجامعة
ـ  الحرج الأكبر الذي تواجهه جامعة الدول العربية أمام الشعوب يتمثل بالتركيز على موقفها "العدائي" وغير المنصف من تركيا وعملية "نبع السلام".


مساء 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عملية "نبع السلام" في مناطق سيطرة فصائل مسلحة في سوريا مرتبطة بالإرهاب.

العملية جاءت بعد قرار اتخذه الرئيس الأمريكي بسحب كل جنوده من جميع مناطق سوريا، باستثناء قاعدة التنف العسكرية على الحدود السورية العراقية.

وتعهد الرئيس التركي بتحرير "المجتمعات المحلية من التنظيمات الإرهابية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية" في سياق العملية التي تهدف إلى "تحييد التهديدات الإرهابية لتركيا، وإنشاء منطقة آمنة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم".

طيلة سنوات، شكلت وحدات حماية الشعب، تهديدا للأمن القومي والداخل التركي انطلاقا من مناطق سيطرتها في المناطق المحاذية للشريط الحدودي السوري التركي.

وتكافح تركيا منذ بداية إعلان تنظيم بي كا كا الإرهابي الحرب على القوات التركية عام 1984 للحفاظ على أمنها الداخلي بكلفة عالية في أرواح الجنود والمواطنين الأتراك الذين يروحون ضحية الأعمال الإرهابية لـ بي كا كا الذي يتخذ من جبال قنديل شمال العراق مقرا لمعسكراته وقواعده.

ويصنف "بي كا كا" كمنظمة إرهابية على لوائح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا، بينما لا خلاف على أن "وحدات حماية الشعب" هي الأخرى تخضع لذات التصنيف كإرهابية، على اعتبار أن هذه الوحدات التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا تمثل الجناح العسكري لـ بي كا كا.

وبدا مستغربا مواقف دول أوروبية وعربية "غاضبة" من عملية "نبع السلام" ضد التنظيم المصنف عند ذات الدول أنه تنظيم إرهابي.

أبلغت تركيا أثناء التحضيرات الأخيرة لبدء العملية أعضاء مجلس الأمن الدولي وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي بكل ما يتعلق بالعملية العسكرية وأهدافها، وكذلك المسوغات القانونية التي تجيز لها شن مثل هذه العملية العسكرية.

بالإضافة إلى اتفاقية أضنة لعام 1998 بين تركيا وسوريا التي تعطي الحق لتركيا بالتوغل في الأراضي السورية لمطاردة بي كا كا، فإن تركيا أيضا تستند إلى حقها الأساسي في الدفاع المشروع عن أمنها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وآخرها القرار 2254 لعام 2015 بشأن حق الدول في العمل على مكافحة الإرهاب.

وتؤكد تركيا أنها عازمة على المضي قدما في تحقيق أولوياتها في ضمان أمنها القومي ومكافحة التنظيمات الإرهابية وتحدي التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية أو مواقف جامعة الدول العربية الداعية لخفض التمثيل الدبلوماسي وما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

لا توجد أية مؤشرات على أن عملية "نبع السلام" تهدد السلامة الإقليمية للدولة السورية، بل على العكس من ذلك، فإن العملية تهدف إلى دفع مخاطر السياسات "الانفصالية" التي يعتمدها بي كا كا وتعزيز السلام والاستقرار في شمال شرق سوريا من خلال القضاء على التنظيمات الإرهابية في المنطقة، بي كا كا الإرهابي وتنظيم داعش، بما يمهد الطريق لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وهو هدف معلن من أهداف العملية يمكن أن يخفف الأعباء الإنسانية عن اللاجئين والنازحين، والأعباء المالية والأمنية عن دول الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من تدفق اللاجئين إلى دوله.

لذلك تبدو مواقف الدول الأوروبية مناقضة لسياساتها المعلنة في منع تدفق اللاجئين، ومكافحة الإرهاب وهي من الأهداف المعلنة للعملية العسكرية التركية.

لكن ما يثير الاستغراب أكثر هو موقف كثير من الدول العربية، وجامعة الدول العربية التي اجتمعت لتعلن رفضها لعملية "نبع السلام" ووصفها بأنها "عدوان وغزو واحتلال تركي للأراضي السورية".

ولا تعبر مواقف جامعة الدول العربية في حقيقتها عن موقف الشعوب، إنما موقف حكومات بعض الدول العربية فقط.

وتمر المنطقة العربية بأوضاع معقدة منذ سنوات طويلة بسبب قضايا شائكة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واحتلال العراق والتدخلات الخارجية في عدة دول، العراق وسوريا واليمن وليبيا، وغيرها من التحديات التي بدت مواقف جامعة الدول العربية دون مستوى التصدي لها أو اتخاذ موقف عربي يحظى بإجماع الدول العربية، أو على الأقل توافق معظمها على موقف محدد، وهو ما فشلت به طيلة مسيرتها التي تمتد لسبعة عقود.

تدرك العديد من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية أن هذه المؤسسة فاقدة لقيمتها الرسمية والاعتبارية، وأن المواقف التي تتخذها ليست أكثر من مواقف تمليها البروتوكولات وسياسات المجاملة بين الدول، إذ أن قراراتها ليست ملزمة وتفتقر إلى الآليات التنفيذية في كل ما يتعلق بالجانب السياسي.

لذلك، فإن دولا عدة وقعت على بيان الجامعة خلال الاجتماعات، لكنها أعلنت مواقفها الرسمية عبر وزارات خارجيتها ببيانات بعيدة إن لم تكن مناقضة لمواقفها تلك، وهو أمر مألوف في مسيرة الجامعة.

رفضت كل من دولة قطر والصومال التوقيع على بيان جامعة الدول العربية، والتحقت بهما كل من ليبيا والمغرب ببيانات وتصريحات رسمية صدرت عن وزارتي خارجيتهما.

وسبق اجتماع جامعة الدول العربية مواقف عربية مؤيدة للعملية، مثل موقف دولة قطر التي أيدت العملية كحق سيادي تركي.

كما أن وزارة الخارجية الليبية هي الأخرى أعلنت تأييدها للعملية العسكرية ورفضها لبيان جامعة الدول العربية الداعي لخفض التمثيل الدبلوماسي مع تركيا ووقف التعاون معها، على اعتبار أن قرارات الجامعة وبياناتها باتت "رهينة لحسابات وأجندة دول عربية بعينها، وهي مصر والإمارات، اللتين تعملان على زعزعة استقرار ليبيا".

ورأت الصومال في كلمتها خلال الاجتماع أن تركيا "دولة صديقة لبلاده" عززت كل ما من شأنه استعادة الأمن والاستقرار في الصومال، وهو قريب من موقف المملكة المغربية التي أعلنت في تصريح رسمي تحفظها الضمني على بيان الجامعة "الذي لا يعبر بالضرورة عن الموقف الرسمي للمغرب التي ترى أن تركيا دولة صديقة".

قد يكون الاستفتاء الأكبر على موقع جامعة الدول العربية في وجدان الشعوب العربية، هو موقفها الداعم لعملية نبع السلام على أوسع نطاق وفي جميع نوافذ التعبير المتاحة لرفض بيان الجامعة وتأييد العملية العسكرية في موقف شعبي متقدم يعكس الشرخ الواسع بين هذه المنظمة وشعوب الدول المُمثَّلة فيها.

رغم الاجتماع الذي دعت إليه مصر، على مستوى مجلس وزراء الخارجية العرب، إلا أن أكثر من نصف الدول العربية اكتفت بتمثيلها على مستوى المندوبين في الجامعة، وهو ما يعكس حالة الحرج لدى بعض الحكومات، وإدراك حكومات أخرى لعدم أهمية مثل هذه الاجتماعات أو ما سيصدر عنها.

إن كثرة الدول التي تتدخل في الشأن السوري سواء عبر قوات عسكرية أو مجموعات مسلحة، وموقف جامعة الدول العربية بعد اتخاذ موقف إزاء تلك التدخلات طيلة سنوات الحرب في سوريا، وضعها في موقف محرج أمام الشعوب العربية التي تتساءل عن موقف الجامعة من عمليات الإبادة سواء بالقصف الجوي الروسي أو بالقصف الذي تشنه مقاتلات نظام بشار الأسد، أو من خلال اقتحام المدن من قِبل الميليشيات الإيرانية وقوات النظام.

كما أن الحرج الأكبر الذي تواجهه جامعة الدول العربية أمام الشعوب العربية يتمثل بالتركيز على موقفها "العدائي" وغير المنصف من تركيا وعملية "نبع السلام"، في ذات الوقت الذي خلا البيان من أية إشارة إلى الدور الأمريكي والروسي والإيراني في سوريا وتدخلاتهم في الشأن السوري وانتهاك سيادة الدولة السورية.

إن منظمة إقليمية مثل جامعة الدول العربية يفترض بها أن تكون طرفا نزيها ووسيطا محايدا لتخفيف حدة التوترات بين الدول العربية أو بين هذه ودول إقليمية من دول الجوار لإيجاد الحلول للمشاكل العالقة بما يكفل انتقال الدول العربية مجتمعة إلى قوة إقليمية تلعب دورا رياديا في كل ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
جميع الأخبار