ثنائية الغرب والشرق...الرؤية الفسطاطية تنذر بالدخول في حلقة جهنمية

العلاقة بين أوروبا والعالم الإسلامي

تحليلات 19:40 21.12.2019
يحذر المحلل السياسي المعروف شفيق ناظم الغبرا من تداعيات صعود اليمين الشعبوي في الغرب وعودة الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى المشهد السياسي، بالإضافة إلى فوز ترامب، على العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي. كما يذكر أن مسيرة العلم والتنمية لم تعرف التمييز بين الشرق أو الغرب.

وصل الصراع بين الغرب والشرق الى مرحلة متقدمة من الاحتقان والعنف. فبين الحضارتين خلافات يعكسها الواقع الراهن حول القضايا المختلفة. الصراع القائم انعكاس لعلاقات الضعف والقوة بين الشرق والغرب وحول فلسطين وإسرائيل واحتلالها، لكنه صراع يعكس تاريخ التدخلات العسكرية الغربية وحاضرها، وحجم الانهيار والديكتاتورية في الإقليم العربي والإسلامي. هذا كله يفتح الباب لمزيد من النزاعات التي ستؤدي الى خسائر تصيب كل الأطراف. هناك أقلية في الغرب تتفهم الأوضاع على حقيقتها، وبيننا نحن العرب أقلية تفهم الغرب بموضوعية، لكن الأغلبيات تعيش نزاعاً حضارياً ملؤه الشكوك والمخاوف المتبادلة.

في الأجواء العامة في الغرب، بخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، اليوم، حركات عنصرية وموجة من العداء للإسلام، تستند في أرضيتها الى العنف ضد أهداف مدنية غربية. أهم أبعاد هذه النظرة التبسيطية، التعميم بأن كل المسلمين متعاطفون مع العنف الذي ضرب المدنيين في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وأماكن أخرى.

لكن ما ينقص العنصرية في أوروبا والولايات المتحدة، معرفة كيف تطوّر العنف في الإقليم العربي وكيف انتشر في اتجاه أوروبا والغرب. العنف الجهادي لا يمكن عزله عن تقسيم العمل العالمي بين منتجين في الغرب ومستهلكين في الشرق، بين بيع الغرب السلاح في الإقليم ودعمه إسرائيل وغضّه النظر عن كل الانتهاكات للحقوق، كما لا يمكن عزله عن التدخل العسكري الغربي ونتائجه على العراق ودول أخرى.

تباين في الرؤى

في المشهد تناقضات كثيرة. حركة «حماس» فصيل مسلح في مواجهة حصار واحتلال وهي في الواقع ولدت من رحم الاحتلال الإسرائيلي. لكن السياسة الغربية، بخاصة الأميركية الأوروبية، تركز على عنف «حماس» مع غض النظر عن الاحتلال والحصار وعنف إسرائيل وتاريخ القضية الفلسطينية التي أوصلتنا الى هذا الوضع. هناك سلطة فلسطينية في الضفة الغربية، لكن الغرب لم يبذل الجهد المطلوب لمنع إسرائيل من تدمير مكونات حل الدولتين من خلال الاستيطان والتهويد.

المنطق ذاته ينطبق على سورية حيث تكبر الكارثة، ومع ذلك يترك الغرب الحرب تستمر بلا حدود. حتى عندما سعى الرئيس جورج بوش الابن الى إعادة صياغة الشرق الأوسط، لنرَ ماذا فعل: ساهم في مأزق للولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان واليمن. وانتهى الأمر بقتل مئات الألوف من العراقيين بفضل غزو العراق أولاً ثم سوء إدارة ذلك الغزو في السنوات التي أعقبته.

إن اختزال المسلمين في مدرسة العنف تعميم لا يقف أمام التمحيص. فالمسلمون والعرب هم في الوقت نفسه ضحايا العنف، العنف في بلادهم وفي مدنهم وقراهم، عنف الأنظمة وعنف التعذيب وعنف مصادرة الحقوق وعنف الإرهاب. وهذا يقودنا الى أهمية رؤية أن الدائرة الحضارية الإسلامية ليست واحدة تماماً، كما أن الغرب ليس واحداً موحداً. ففي العالم العربي حراك عربي يحمل أبعاداً سلمية كما تجلّى في بدايات الربيع العربي، وكما يبرز بين الحين والآخر في حركات سياسية وجماهيرية كما حصل في لبنان والعراق في2015 .

كما أن العرب والمسلمين يختلفون بين مدارس ليبرالية وعلمانية وإسلامية معتدلة ومتزنة وأخرى متطرفة، بل توجد بينهم خلافات بين طبقات وفئات. منطقتنا متنوّعة، فيها أنظمة مختلفة، ثقافات عديدة، ديانات متنوعة، وهي تمر بمرحلة حساسة من تاريخها.

في المقابل، إن التعميم الشائع في بلادنا العربية بأن الغرب مادي بلا روح ومنحلّ إنسانياً وأخلاقياً لا يقف أمام كل تمحيص، وذلك لأن المادية والانحلال لا يمكنهما أن يبنيا الحضارة. الواضح أن الغرب امتلك أسباب القوة والدقة واحترام الوقت والقدرة على التخطيط القائمة على العلم وبناء المؤسسات وممارسة حريات وحقوق سياسية ثابتة.

ما مر به الغرب منذ عقود، بخاصة في القرنين الثامن والتاسع عشر، يشبه ما يمر به العالم العربي من فوضى وعنف، لكن الغرب اكتشف في النهاية توازنات السياسة وضرورات التداول على السلطة بوسائل سلمية، كما اكتشف أهمية الاعتراف لمواطنيه بحق التجمع والتنظيم والإضراب والتعبير والمساواة بصفتها حقوقاً طبيعية في مواجهة مركزية السلطة وتعسّفها. هذه دروس نشأت بعمق أكبر بعد بروز هتلر وموسيليني.

خيط رفيع يفصل عوالم متناقضة

ثنائية الغرب والشرق مضرّة لنمو الشرق عندما تمس العلاقة مع كتل شعبية كبرى في الغرب. علينا أن نتذكر أن التراث الغربي في جانب منه، تراث لنا، وأن مسيرة العلم والتنمية لم تعرف التمييز بين الشرق أو الغرب أو الصين والهند، بل إن أفضل من كتب في الغرب في نقد الغرب وسياساته كتب بلغات الغرب كفوكو وتشومسكي وسعيد ومبمبي وعشرات غيرهم.

في المقابل، بعض شعراء الإسلام كالشاعر الصوفي جلال الدين الرومي، هم الأكثر مبيعاً في الغرب. ففي الغرب من يسعى الى معرفة الحقيقة، وفي الغرب من يريد أن يفهم. لهذا فجعل الصراع مفتوحاً وعنيفاً مع كتل شعبية من مواطني الدول الغربية، يعني دفع تلك الكتل الى موقف نهائي يميل الى العنصرية والصهيونية ضد العالم العربي والإسلامي.  بين أن ندرك طبيعة ما يقع ونفهمه ضمن موازين الصراع والظلم والعدالة، وبين أن نحدد بوصلة واضحة لكسب الأصدقاء وعزل العنصرية، خيط رفيع يفصل عوالم متناقضة.

لنتساءل كيف نجح مانديلا في تحويل ثقافته الإنسانية الى ثقافة عالمية كرمز للحقوق وللانفتاح بين الأبيض والأسود. لم يقع هذا قبل أن تمر جنوب أفريقيا بالأسوأ في مجال العنف. يبدو أن الطريق لا يزال يمر من فوهة المصاعب والدمار، وذلك قبل أن نكتشف طريقاً ثالثاً أكثر توازناً وحرصاً على الإنسان وكرامته.

 
 

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
جميع الأخبار