لماذا يعارض المسلمون تعديل قانون المواطنة بالهند؟

أقرت الحكومة الوطنية الهندوسية في الهند، مؤخرا، قانون تعديل المواطنة لتعديل قانون الجنسية لعام 1955، مما يمهد الطريق لمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش باستثناء المسلمين.

تحليلات 10:00 02.01.2020

** الكاتب محمد برويز بيلغرامي، محلل في الشؤون الدولية:
- قانون المواطنة يمنح حق الجنسية للأقليات الدينية من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش في الهند باستثناء المسلمين، وهو ما يثير الشكوك حول دافعه
- صور وحشية الشرطة ضد المتظاهرين، وخاصة في الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، حيث قُتل عشرات بنيران الشرطة، لا تظهر الهند كديمقراطية تعددية
- الحكومة الهندية ستجد طرقا مختلفة لمنح الجنسية للهندوس وتطبيق التمييز ضد المسلمين في فحص وثائقهم
- من الطبيعي أن يخشى المسلمون من قانون المواطنة ويعتبرونه أداة لحرمانهم حتى من حقوقهم الأساسية بموجب الدستور

أقرت الحكومة الوطنية الهندوسية في الهند، مؤخرا، قانون تعديل المواطنة لتعديل قانون الجنسية لعام 1955، مما يمهد الطريق لمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وتحديدا من الهندوس والسيخ والجاين والبارسيس والمسيحيين، باستثناء المسلمين.

ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من الهندسة العرقية والطائفية التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ليس لدى المعارضين للقانون الجديد أي اعتراض على منح الجنسية الهندية لطالبي اللجوء من الدول الثلاث المجاورة، التي قد يكون لها وجهات نظرها الخاصة حول كيفية تعامل الهند مع الأقليات الدينية الخاصة بها، إلا أن هناك معارضة قوية في الهند - وخاصة من المجتمع المسلم - للقانون، لأنه يستبعد المسلمين مما يثير الشكوك حول الدافع الحقيقي وراء هذا القانون المعدل.

وقد أدلى كل من رئيس الوزراء مودي، ووزير خارجيته أميت شاه، بتصريحات تعتبر استفزازية وضد الجالية المسلمة، رغم أن وزارة الداخلية بحكومة حزب "بهارتيا جاناتا" قامت "بحملة تضليل" مروجةً أن قانون تعديل المواطنة لا يؤثر على أي مواطن هندي، بما في ذلك المسلمين، الذين يتمتعون بجميع الحقوق الأساسية بموجب الدستور.

لكن معارضي القانون طالبوا بسحبه بشكل كامل، إذ يرتبط القانون الجديد باختبار غريب للجنسية لأكثر من 1.3 مليار شخص في الهند، يطلق عليه "السجل القومي للمواطنين"، وهو ما يرعب الناس حيث سيُطلب منهم إثبات جنسيتهم الهندية.

في أي بلد عادي، تعرف الحكومة من يكون مواطنا ومن ليس كذلك، وحينما تكون لديها شكوك، فإنها تجري الاختبارات المطلوبة على الفرد، أما في الهند، فالاختبار يشمل البلد بأكمله، وهو ما لم يسمع عنه في تاريخ البشرية.

وما زاد الأمور تعقيدا تصريحات قادة حزب بهاراتيا جاناتا المعادية للمسلمين الذين يخشون أن يؤدي الفشل في إثبات جنسيتهم الهندية إلى حذفهم من قوائم المواطنة.

في السياق ذاته، تقوم الهند بالفعل ببناء مراكز احتجاز في ولاية آسام (شمال شرق)، التي تضم مختلف الأعراق والمجموعات اللغوية والديانات، حيث تم تطبيق "السجل القومي للمواطنين"؛ وبموجبه تم إقصاء كل من الهندوس والمسلمين الذين يبلغ عددهم 1.9 مليون شخص من السجل في الولاية.

** إقصاء تعسفي من الجنسية

تمنح الهند الجنسية لأي شخص هاجر إليها قبل 19 يوليو/ تموز 1948، ما عدا في ولاية أسام، حيث تمنحها لمن هاجر قبل 25 مارس/آذار 1971، وكان الهدف من تطبيق "السجل القومي للمواطنين" في أسام تحديد المهاجرين غير الشرعيين من بنغلاديش المجاورة، لكن ذلك كان مليئا بالتناقضات وأثار انتقادات بسبب تعسفه وعدم كفاءة المسؤولين عن إدارته.

ورغم استبعاد الهندوس من القائمة النهائية للسجل، إلاّ أنهم سيحصلون في آسام على الجنسية تلقائيا بفضل قانون المواطنة الجديد، بينما سيظل المسلمون بلا جنسية وسيتم الزج بهم في معسكرات اعتقال بظروف غير إنسانية.

وقد شبه البعض قانون المواطنة الجديد بالقوانين العنصرية لألمانيا النازية ضد اليهود، إذ قال حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم إنه سيطبق "السجل القومي للمواطنين"، في جميع أنحاء البلاد.

وهو ما يعد طموحا للغاية بالأخذ في الاعتبار افتقار مئات الملايين بالهند إلى التعليم والرعاية الصحية والسكن المناسب والغذاء، كما أن معظم الناس ليس لديهم وثائق شخصية مناسبة.

ففي المناطق الريفية بالكاد يتم تسجيل المواليد والوفيات رسميا، إذ يتسبب تعدد اللغات بتغير هجاء الأسماء عند الكتابة باللغة الإنجليزية، ومعظم الموظفين يسيئون نطق الكلمات حتى في لغتهم الأم.

من جانب آخر، يشير البعض أن معظم المشرعين بالهند لن يكونوا قادرين على تقديم وثائق مناسبة لعائلاتهم وكذلك الوثائق الخاصة بالتعليم وحيازة الممتلكات، ولكن رغم هذا تريد الحكومة الهندية إجراء اختبارا قوميا للمواطنة، قد يسفر عن مآس مروعة.

ويعتقد المعارضون لتطبيق السجل القومي للمواطنة في جميع أنحاء البلاد، أن كثيرا من الهنود لن يكونوا قادرين على تقديم الوثائق المطلوبة لنسبهم لإثبات جنسيتهم، كما أن الحكومة الهندية يمكن أن تضع قواعد جديدة في أي وقت.

إلا أن الواضح أنها (الحكومة) ستجد طرقا مختلفة لمنح الجنسية للهندوس وتطبيق التمييز ضد المسلمين في فحص وثائقهم، ولهذا من الطبيعي أن يخشى المسلمون من قانون المواطنة ويعتبرونه أداة لحرمانهم حتى من حقوقهم الأساسية بموجب الدستور.

إن صور وحشية الشرطة ضد المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في الولايات التي يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، حيث قُتل عشرات من المتظاهرين بنيران الشرطة، لا تظهر الهند كديمقراطية تعددية، ولهذا تضررت صورة الهند الدولية وسمعتها، فقد سجلت تقريبا كل وسائل الإعلام الأجنبية المهنية الأحداث المرعبة في الهند.

إن البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي هي إشارة واضحة إلى أن الناس خارج الهند لم يقتنعوا برواية حكومة نيودلهي، فلا يمكن لأدوات القوة الناعمة في الهند أن تصور هذا البلد كمركز للاستثمارعندما تشير المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية أنها في الاتجاه الخاطئ.

وتجدر الإشارة أن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، قد أخبر الهند كيف حققت بلاده الرخاء والاستقرار، من خلال قبول الأقليات الدينية الهندية والصينية كمواطنين متساوين بدلا من السعي إلى الصراع.

** شكوك تجاه نهج نيودلهي

استجابة لما حدث في ولاية أسام، أعلنت حكومة بنغلاديش أنها ستستقبل مواطنيها الأصليين، ولكنها طلبت من الحكومة الهندية إثبات أن الذين تسميهم أجانب ليسوا من مواطني ولاية "بنغال الغربية" الهندية الذين يتحدثون البنغالية.

لكن نهج الحكومة الهندية تجاه هذه القضية مشكوك فيه، وما قالته رسميا لبنغلاديش يحمل رسالة أخرى للمواطنين. فإثبات أن المسلمين الناطقين بالبنغالية هم بالفعل من سكان بنغلاديش الأصليين مهمة شبه مستحيلة، ولهذا هناك احتمال قوي أن ينتهي بهم المطاف بأن يصبحوا عديمي الجنسية وأن يحكم عليهم بالبقاء في مراكز الاحتجاز.

من المقرر إجراء التعداد القومي القادم في 2021، وقد خصصت الحكومة حوالي 5.5 مليار دولار لسجل التعداد السكاني القومي، لكن العديد من النشطاء الحقوقيين يعارضون جمع البيانات الديموغرافية لتحديث التعداد السكاني كخطوة أولى لتطبيق السجل القومي للمواطنين.

ولأسباب عديدة لن يتمكن ملايين الهنود الذين ينتمون إلى مجموعات دينية مختلفة من الحصول على الوثائق المطلوبة لإثبات جنسيتهم الهندية، وبسبب قانون تعديل المواطنة قد يحرم ملايين المسلمين من الجنسية، بينما لن يتأثر غير المسلمين من فئة المهاجرين المذكورة حتى ولو لم يتمكنوا من إثبات جنسيتهم؛ وبالتالي فإن قانون المواطنة هو استهداف ممنهج للمسلمين.

من الممكن إثبات أن المسلمين الناطقين بالبنغالية قد أتوا من بنغلاديش، لكن ماذا سيحدث بعد تطبيق "السجل القومي للمواطنين" على مستوى البلاد، وفشل بعض المسلمين الناطقين باللغة الأردية أو البنجابية في الحصول على وثائق لإثبات جنسيتهم؟ من المحتمل أن تتم إدانتهم بسبب قدومهم من باكستان، مما سيسفر عن توترات جديدة مع باكستان.

الجدير بالذكر أن المسلمين في الهند يبلغ عددهم حوالى 200 مليون نسمة، وهم يتحدثون كل اللغات وينتمون إلى مجموعات عرقية مختلفة، تماما مثل الهندوس، ومعظم هذه اللغات لا توجد حتى في باكستان أو أفغانستان، فكيف ستتعامل الحكومة القومية الهندوسية مع هؤلاء المسلمين؟ إن نهجها غير واضح، لكن ضرره واضح لمعظم الهنود والأجانب الذين لديهم دراية بالهند.

* الآراء المعبر عنها في المقال هي آراء المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لوكالة الأناضول.

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

العراق يطيح بشبكتين دوليتين للإتجار بالبشر
09:00 12.05.2024
هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
جميع الأخبار