المنطقة العازلة في شمال سوريا بين الواقع والمأمول

تحليلات 11:30 21.09.2016

أحرزت المعارضة السورية المسلحة بدعم من الجيش التركي تقدما كبيرا منذ بدء عملية "درع الفرات" في الرابع والعشرين من أغسطس/آب الجاري.

وقد امتدت سيطرتها على طول الحدود السورية-التركية بين مدينتي أعزاز وجرابلس، بعمق يتراوح بين 9 و20 كم، ليبلغ مجموع مساحة الأراضي التي خضعت لها مؤخراً 750 كم مربعا.

وتهيئ هذه الانتصارات الاستراتيجية الظروف المواتية لإقامة منطقة عازلة في شمال حلب، والتي طالما دعت إليها كل من المعارضة السورية المسلحة والحكومة التركية. فما هي مراحل تطور هذا المطلب؟ وما هي أهم الأسباب التي دفعت تركيا إلى تبني هذا الخيار؟ وما هي خيارات تركيا في إقامتها؟

مطلب المنطقة العازلة

سارعت المعارضة السورية المسلحة في المطالبة بإنشاء منطقة عازلة منذ الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2011، وتمتد المنطقة المقترحة الأولى على طول حدود إقليم هاتاي مع سوريا بعمق 20 كم داخل الأراضي السورية، لتشمل أجزاء من محافظة حلب ومساحة واسعة من محافظة إدلب. وتحوَّل المطلب بفعل كثافة تحليق طائرات القوات الحكومية بين عامي 2013 و2014 إلى أحد الثوابت التي تدعو إليها المعارضة السورية المسلحة.

وعلى الرغم من دعم عدد من الدول الإقليمية مطلب المعارضة، فإن تحقيقه تعتريه مجموعة من التحديات القانونية واللوجستية. فميثاق الأمم المتحدة لم يأت على ذكر مناطق عازلة، ولا يمكن فرضها إلا بطلب الدولة المعنية أو بتدخل مجلس الأمن تحت الفصل السابع مثلما حدث في العراق وليبيا. أما على الصعيد اللوجستي، فإن إنشاءها قد يستغرق أشهراً، وهو غير قابل للتنفيذ من دون إقحام قوات برية، الأمر الذي تستمر روسيا في رفضه حتى الآن، وسعت أمريكا (وما زالت تسعى) لتجنبه طويلاً.

أما على صعيد أنقرة، فلقد تدرجت الحكومة التركية في موقفها من مطلب المنطقة العازلة، من دعمه سياسياً أولاً، ثم إلى إبداء استعدادها لإشراك قواتها في تحقيقه لاحقاً، وأخيرا تبنيه بشكل كامل واعتباره مطلباً تركياً أصيلاً.

وفي المقابل، ترافَق تطورُ الموقف التركي مع تغير أولويات الولايات المتحدة في المشرق، حيث لم تعد الأخيرة مستعدةً للتدخل في سوريا خارج إطار محاربة تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى عدم ثقتها بالتزام المعارضة السورية المسلحة بهذه الرؤية فيما لو قدم لها ملاذ آمن في الشمال. كما تضاءلت فرص الوصول إلى اتفاق دولي مع روسيا حول المنطقة العازلة مع تدهور العلاقات بين موسكو وأنقرة إثر إسقاط القاذفة الروسية في الرابع والعشرين من تشرين الثاني 2015. فتحول هذا المطلب إلى موضوع شد وجذب وورقة مساومة وضغط إلى أن عاد الدفء إلى العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وتركيا، وبدأت عملية "درع الفرات".

الأهداف التركية في فرض المنطقة العازلة

تشترك الحكومة التركية مع المعارضة السورية المسلحة في المطالبة بالمنطقة العازلة في عدة أهداف، على رأسها الحد من النفوذ الكردي في الشمال. غير أن لها في المقابل أهدافا ذاتية تدفعها للمطالبة فيه وحدها، أهمها:

1.  طرد "داعش" من الحدود السورية التركية خصوصاً مع تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية التي قادها التنظيم على أراضيها.

2.  التأسيس لرادع عسكري لوقف تمدد "حزب الاتحاد الديموقراطي" (الذراع السورية لـ"حزب العمال الكردستاني" شمال سوريا).

3.  تهيئة البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين واستقبال النازحين الجدد مع استمرار العمليات العسكرية في البلاد.

4.  امتلاك أوراق جديدة في التسوية النهائية للصراع في سوريا من خلال استغلال هامش محاربة "داعش".

ويكمن التحدي الرئيس أمام الدبلوماسية التركية في مدى قدرتها على تشكيل أكبر مساحة تقاطعات مع مصالح القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الجغرافية السورية، وهذه مهمة صعبة في ظل غياب التوافق الدولي والإقليمي على شكل مخرجات الحل السياسي للصراع ومدى تأثير المنطقة العازلة في مساره.

تشكُّل المنطقة العازلة

يوفر سير معارك "درع الفرات" الحد الأدنى من الشروط الميدانية لتشكُّل منطقة عازلة في شمال سوريا، وتأمل تركيا بفرضها كأمر واقع من دون اللجوء إلى مجلس الأمن، وذلك من خلال الاستناد إلى تفاهمات مباشرة مع كل من روسيا وأمريكا تضمن حيادهما على الأقل. وإذ يُستبعد أن يُقدم الجيش التركي على الدخول إلى الأراضي السورية من دون وجود اتفاق مسبق مع موسكو، فإن من البديهي افتراض وجود تفاهم حول حدود تدخله. وكذلك الأمر في ما يتعلق بإدارة توقعات واشنطن التي تشترط عدم الإخلال بسير عمليات محاربة "داعش"، وعدم التعرض لـ"حزب الاتحاد الديموقراطي". بيد أن تحقيق أهداف تركيا يتطلب بشكل رئيس الوصول إلى مدينة الباب وضمها إلى المنطقة المأمول إنشاؤها، وهنا يكمن أهم مواقع الخلاف الممكنة مع كل من روسيا وأمريكا.

فللباب أهمية استراتيجية يدركها خصوم تركيا: "الاتحاد الديمقراطي" من جهة والذي يعتبرها عقدة وصل رئيسة في مسعاه لربط كانتون عفرين بكوباني، والحكومة السورية من جهة أخرى لما يشكِّل دخول المعارضة إلى المدينة من ضغط على قواتها في حلب.

ولذا، قد تجد تركيا نفسها مضطرةً إلى مساومة كل من روسيا وأمريكا على الباب لتجنب أي مواجهة جانبية قد تؤدي إلى استنزافها في سوريا. وفي حين تلوِّح أنقرة بإمكانية اشتراكها في عملية تحرير الرقة بما يتماشى مع أولويات واشنطن في البلاد، يبقى السؤال مفتوحاً حول طبيعة التفاهم الذي قد تصل إليه مع موسكو، وما يمكن أن تقدمه لروسيا من دون التنازل عن ثوابتها ومطالبها الرئيسة الأخرى في سوريا.

سنان حتاحت

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

سلطان عمان في زيارة دولة إلى الكويت
13:00 12.05.2024
رئيس وزراء اليونان يزور تركيا
12:00 12.05.2024
اندلاع حريق في مصفاة نفط في روسيا
12:00 12.05.2024
يشبه المهاجرين بثعبان
11:00 12.05.2024
بايدن يضع شرطاً لوقف حرب غزة
10:00 12.05.2024
العراق يطيح بشبكتين دوليتين للإتجار بالبشر
09:00 12.05.2024
هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
جميع الأخبار