المنطقة الآمنة التركية في شمال سوريا.. متى وأين وكيف وضد مَنْ ومع مَنْ!

تحليلات 21:06 03.10.2016

 مع غليان الأوضاع حول الأزمة السورية، لم يعد أحد يتحدث عن إقامة منطقة آمنة شمال سوريا سوى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

الرئيس التركي أكد مجددا على أن بلاده تهدف إلى تطهير 5 آلاف كم مربع شمالي سوريا من الإرهاب، لتكون منطقة آمنة يحظر فيها الطيران. وفي الحقيقة، فإعلان أو تصريح إردوغان ليس الأول من نوعه، وبالتالي فهو لا يشكل أي مفاجأة لا من العيار الخفيف أو الثقيل. لكن المهم هنا أنه يستخدم عامل الوقت بشكل ملفت، ويستثمر كل التناقضات الممكنة، الأمر الذي يحير ليس فقط خصومه وأعداءه، بل وأيضا حلفاءه وشركاءه.

لماذا يريد إردوغان منطقة آمنة، وحظر طيران، وهو يعرف جيدا أن القوات السورية الحكومية لن تهاجم تركيا؟ لماذا يريد ذلك وهو يعرف أن واشنطن والناتو يعلنون، على الأقل في تصريحاتهما، أنهما لا يحبذان هذه الفكرة؟ ولماذا يصر هكذا على تنفيذ فكرته مع العلم بأنه يدرك جيدا أنه يحارب الأكراد حلفاء الولايات المتحدة، والتي لا تعاديهم أيضا روسيا؟ ولماذا يعلن إصراره بمناسبة وبغير مناسبة على أنه يطهِّر شمال سوريا من الإرهاب، وهناك شبهات لا تزال تحوم حول علاقات لأنقرة مع تنظيمات وجماعات دينية يمينية متطرفة، وأخرى تلعب في اقتصاد وأمن الدول المجاورة؟

كل هذه تساؤلات تدور في رؤوس الخبراء والمراقبين، وفي الأوساط السياسية والأمنية. ولكن الرئيس التركي يتعامل بميكانيكية بدائية مع الملفات المطروحة، على الرغم من صبر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وروسيا أيضا، على سياساته وتصريحاته التي لا تتوافق عادة مع اللباقة السياسة والدبلوماسية، بل والمثيرة للاحتقان السياسي بين بلاده والدول الأخرى، مما يعطي انطباعا بأنه يحارب الجميع، ولديه أوراق ووثائق ضد الجميع.

في الواقع، لم يأت الرئيس التركي بأي جديد في ما يتعلق بموضوع المنطقة الآمنة، ومنطقة حظر الطيران، لأن كل المقدمات التي وضعتها الولايات المتحدة وتحالفها الغربي – العربي كانت من الضروري أن تؤدي إلى شكل من أشكال المناطق الآمنة، على الرغم من محاولات واشنطن التنصل من هذه الجريمة التي كان لها سابقة في ليبيا، والعالم كله يعرف إلى ماذا قادت المنطقة الآمنة وحظر الطيران، وماذا فعل الناتو في الساحة الخضراء وباب العزيزية، وماذا يجري في ليبيا الآن.

الآن، يؤكد الرئيس التركي مجددا أن بلاده تعاونت مع ما يسمى بـ "المعارضة السورية المعتدلة"، وتمكنت من تطهير مدينة "جرابلس" من تنظيم داعش، وبدأ الأهالي بالعودة إليها، بل وأعلنت رئاسة الأركان التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول الحالي عن سيطرة ما يسمى بـ "الجيش السوري الحر"، على 960 كلم مربع من مناطق شمالي حلب، وذلك بعد مرور 40 يوما على انطلاق عملية درع الفرات العسكرية التركية في الأراضي السورية.

هيئة الأركان التركية أكدت أيضا على أن الجيش الحر حرر 111 منطقة مأهولة، واستهدف أكثر من 1600 موقع لداعش بواسطة المدفعية وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون. وبطبيعة الحال ننتظر من السلطات التركية أن تعلن عن عودة ملايين المهاجرين واللاجئين السوريين إلى أراضي بلادهم الجديدة تحت قيادة وحماية الجيش السوري الحر الذي سيكون بطبيعة الحال في حاجة ماسة إلى دعم دولي وإقليمي، بالأفراد والأموال والسلاح، وربما الخبراء والمستشارين العسكريين الأتراك والغربيين.

هذه ليست سخرية إطلاقا، بقدر ما أن تكرار هذا الكلام يتيح لنا التعامل بجدية مع الخطوات التركية وتقدير مدى خطورتها ليس فقط على وحدة الأراضي السورية، بل وأيضا على أي اتفاق مستقبلي بين موسكو وواشنطن، على الرغم من الخلافات المفاهمية القائمة بين روسيا والايات المتحدة. ولكن أنقرة تحاول أن تستخدم حتى هذه الخلافات لصالح أجندة قد تنعكس سلبا عليها في ما بعد. فالأوضاع السياسية متقلبة لدرجة أن كل الأوراق التي يستخدمها الرئيس التركي قد تنقلب ضده بشكل كامل.

لقد لفت الرئيس التركي أنظار العالم كله بحديثه "الأيديولوجي" الخطير حول معاهدتي "سيفر" و" لوزان". إذ انتقد العالم كله، وبالذات الدول التي وقعت مع الإمبراطورية العثمانية العجوز آنذاك هاتين المعاهدتين. وفي الوقت الذي أغفل فيه طبيعتهما وظروفهما التاريخية والعسكرية، وطبيعة العلاقات الدولية وتدهور أوضاع "الباب العالي" بعد الحرب العالمية الأولى، وتجاهل تماما أن الإمبراطورية الضعيفة كان من الأفضل لها أن توقع على معاهدة "سيفر عام 1920، ثم "لوزان" عام 1923، بدلا من أن تتفكك ولا يبقى منها أي شيء. في الوقت الذي أغفل فيه كل ذلك، انتقد خصوم الإمبراطورية العثمانية (بريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا ويوغسلافيا) الذين أجبروا الباب العالي على الخضوع والانصياع، ومهدوا عمليا لانهيار وتفكك الإمبراطورية وتوزيع تركة "الرجل العجوز". ولكن من جهة أخرى حافظوا على وجود تركيا، بدلا من تفكيك الإمبراطورية كلها وتوزيعها.

هذا الحديث الخطير، يكاد يكون الدافع والمحرك الأيديولوجي لكل سياسات الرئيس التركي، لدرجة أن العديد من وسائل الإعلام اتهمه بالسعي إلى بعث الإمبراطورية العثمانية على أسس معادية للحضارات المجاورة، والتدخل في شؤون سوريا والعراق ومصر، واستعداء هذا البلد ضد ذاك، وتأليب هذه الدولة ضد تلك. وذهب البعض إلى أن الأجندة الدينية للرئيس إردوغان تتعارض تماما مع ما يعلنه بشأن الدولة العلمانية والدستور التركي الجديد المزمع إعلانه وإجراء استفتاء عليه. واستشهدت وسائل الإعلام والأوساط السياسية التركية باتساع الهجوم على تراث مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وانتهاج خطوات وإجراءات من شأنها التراجع عن خط تركيا ما قبل حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المحافظ، وتدخله في شؤون الدول المجاورة على أسس دينية عرقية.

السؤال المهم للغاية يدور حول: من سيسمح لإردوغان بالاستمرار في تنفيذ أجندته السياسية والعقائدية؟ ومتى يمكن أن تتحول كل الأوراق التي في يده إلى أوراق ضده؟ ومتى يدرك أن تركيا لا تعيش في القرن التاسع عشر، وأنها ليست دولة واحدة ووحيدة في المنطقة، وأن هناك دول أخرى حولها؟!

أشرف الصباغ 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
جميع الأخبار