في الحقيقة جاء فوز ترامب بمثابة مفاجأة لمعظم المراقبين والخبراء. كان الكثير منهم يعتمدون على توقعاتهم وافتراضاتهم انطلاقاً من استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة التي دلت على فوز السيدة هيلاري كلينتون. وما الذي لا يمكن إنكاره هو أنه، كما وقع في تاريخ الولايات المتحدة عدة مرات، أن الغالبية العظمى من المواطنين صوتت لكلينتون، ولكن لعدم وجود الانتخاب المباشر لرئيس الولايات المتحدة في نهاية المطاف حدد أعضاء الهيئة الانتخابية عن الولايات صاحب كرسي الرئاسة، حيث موقفهم قد لا يتفق مع موقف الأغلبية الناخبين.
جاء هذا التقدير في تفسيرات حصرية لنيازي مراد نيازوف، الدكتوراه في العلوم التاريخية والأستاذ المشارك لكلية العلاقات الدولية لجامعة سان بطرسبرغ الحكومية لبوابةEurasia Diary.
تجري الآن النقاشات في مجتمع الخبراء والسياسيين وحتى في أوساط الناس العاديين حول تأثير وصول ترامب إلى السلطة على السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة.
"يدعي البعض أنه سيحدث قريباً التقسيم الجديد للعالم بين الولايات المتحدة وروسيا إلى مناطق النفوذ، وأن سياسة الإدارة الجديدة ستهدف إلى إضعاف الصين ومعالجة المشاكل الاقتصادية للولايات المتحدة، وأنه في هذه الحالة سوف تغادر الولايات المتحدة المناطق الرئيسية التي تتناقض فيها مصالحها مع مصالح روسيا والصين وإيران، وبالتالي ستعود إلى سياسة الانعزال التي يكاد أن تكون منسية بالفعل"- يتأمل الخبير الروسي.
في رأيه، هناك موقف متعارض تماماً في هذه المسألة والذي يتلخص في أنه بعقيدته الشرسة المعادية للإسلام، بما في ذلك موقفه السلبي القوي تجاه إيران، بالعكس، سيجر ترامب الولايات المتحدة إلى صراعات جديدة.
"عند تحقيق مثل هذا السيناريو، تضطر الولايات المتحدة تفعيل نشاطاتها في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك ستحاول لإضعاف موقف إيران في سوريا، وهذا يعني تلقائياً أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تعترف بمشروعية نظام الأسد، وهذا بدوره، سيكون ضربة على التحسين الممكن للعلاقات الروسية الأمريكية.
مع ذلك، إذا عادت الإدارة الجديدة الى زيادة ممارسة الضغوط على إيران فتخاطر روسيا مرة اخرى أن تكون في موقف دبلوماسي معقد حيث سيؤدي دعم إيران إلى رفع المواجهة السياسية والاقتصادية الروسية الامريكية الى مستواها الجديد، وهذا يعني أن الصراع في العلاقات لن تختفي، على الرغم من كل الآمال والتوقعات، "- قال
الدكتور في العلوم التاريخية.
في رأيه، فإن إنجاز العديد من الأفكار الاقتصادية لترامب لا يبشر بالخير بالنسبة لكثير من الدول، بما في ذلك التي تهدف إلى إضعاف موقف الصين. أولا، أنها ستكون ضربة قوية على الاقتصاد العالمي الذي يمر المرحلة المعقدة فعلاً. وثانيا، فإن العديد من البلدان، بما فيها روسيا، تضطر في هذه الحالة إما إلى دعم الصين، إما التظاهر بأنه
لا يهمها. لا يبشرتحقيق كلا السيناريين بأي شيء جيد.
يواصل الدكتور نيازي نيازوف حديثه بالتأكيد على:" أنه من المستحيل القول إن أياً من هاذين السيناريين سوف يتحقق اليوم. ولكن من الواضح أن ترامب الرئيس سوف يختلف عن ترمب المرشح للرئاسة. وتدل التعيينات الأولى لترامب في المناصب الرئيسية على أن جميع الأشخاص المقترحين لتولي منصب وزير الخارجية ووزير الدفاع
وإلخ. أنهم قدامى الحرب الباردة الذين كانوا في أيام إدارة أوباما يدافعون بشدة عن منح أوكرانيا الاسلحة الفتاكة.
وفي الختام، يركز الدكتور على ضرورة الأخذ بالاعتبار أنه من الصعب الوفاء بكثير من الوعود، وأن ترامب لن يتمكن من تحقيقها بسهولة، و أن الرئيس في النظام السياسي في الولايات المتحدة شخص مهم بالتأكيد ولكن ليس كلي القدرة.
في رأيه، فأنه ستحدث بعض التغيرات في السياسة الأميركية على الصعيد الدولي، ولكن، لا يجوز أن يتوقع أن المنظومة الكاملة من العلاقات الدولية وموقف الولايات المتحدة فيها تتغير بين عشية وضحاها بعد فوز ترامب.