أعلن الجيش التايلاندي مقتل 15 شخصا على الأقل في كمين يشتبه أن متمردين مسلمين نفّذوه في جنوب تايلاند المضطرب، في واحد من أكثر الهجمات دموية في إطار التمرّد المستمر منذ 15 عامًا.
وتشهد الولايات الثلاث الواقعة في أقصى جنوب تايلاند نزاعًا أسفر عن مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص، بين مسلحين مسلمين من عرقية الملايو يريدون حكما ذاتيا أوسع، والدولة التايلاندية.
وينتشر عناصر الجيش والشرطة بشكل كثيف في المنطقة حيث يتهمهم السكان والمجموعات الحقوقية باستخدام أساليب قاسية.
ويشارك قرويون تم تدريبهم وتسليحهم على أيدي قوات الأمن في مراقبة القرى النائية، ونادراً ما يتعرّض هؤلاء إلى هجمات من قبل المتمردين.
لكن انقلب الحال في وقت متأخر الثلاثاء عندما هاجم مسلحون نقطتي تفتيش في ولاية يالا يديرهما متطوعون من الدفاع المدني. وفتح المهاجمون النار عليهم عندما توقفت مجموعة من القرويين للتحدث معهم، وفق ما قال المتحدث باسم الجيش في الجنوب براموت بروم-ان لفرانس برس.
وقال براموت "قُتل 12 شخصا في موقع الهجوم، وقضى اثنان في المستشفى لاحقا، وتوفي واحد صباح اليوم" متأثرا بجروحه، في أكبر حصيلة منذ سنوات.
وأضاف أن خمسة أشخاص آخرين أصيبوا بجروح بينما استولى المهاجمون على بنادق "إم-16" وبنادق صيد من نقطتي التفتيش.
وأفاد بيان للجيش أنه تم إلقاء مسامير على الطرقات في محاولة واضحة لتأخير وصول قوات الأمن.
وأرسلت السلطات فريقا من خبراء المتفجرات صباح الأربعاء للتحقيق وإبطال مفعول عبوة ناسفة يعتقد أن المهاجمين تركوها قبل أن يفروا على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن إحدى نقاط التفتيش.
وقال قائد الجيش في الجنوب بورنساك بونسواسدي للصحافيين إن المهاجمين يستهدفون "النقاط الضعيفة" في مسعى "لتصدّر عنوانين الأخبار وإخافة الشعب التايلاندي في أنحاء البلاد".
وشدد رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أوتشا على وجوب "جلب (المهاجمين) إلى العدالة"، بحسب ما نقل عنه الناطق باسم وزارة الدفاع كونغشيب تانترافانيش.
- هجمات انتقامية -
يقاتل المتمردون الذين يطالبون بالحكم الذاتي الدولة التايلاندية التي سيطرت قبل أكثر من قرن على المنطقة الواقعة على حدود ماليزيا والمختلفة في تركيبتها الاجتماعية عن بقية تايلاند، ذات الأغلبية البوذية.
وتخللت النزاع هجمات انتقامية استهدفت عادة رموز الدولة التايلاندية وقواتها الأمنية، لكن عادة ما يدفع المدنيون سواء المسلمين أو البوذيين الثمن كذلك.
ولم تسلم وجهات سياحية من تداعيات العنف، كما حصل عام 2012 عندما أسفرت سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة في هات ياي بولاية سونغكلا عن مقتل 13 شخصًا.
وأشار الخبير في شؤون مناطق جنوب تايلاند التي تعرف بـ"الجنوب العميق" دون باثان إلى أن عدد الحوادث انخفض خلال السنوات الأخيرة لكنها باتت "أشد" لدى وقوعها.
وأضاف أن هجوم الثلاثاء يعد أكبر عملية منسقة تتم "منذ مدة طويلة جداً".
ويأتي هذا الهجوم بعد أيام استضافة بانكوك لقمة "رابطة دول جنوب شرق آسيا" (آسيان) التي حضرها قادة من كافة دول العالم إلى جانب مئات الصحافيين الأجانب.
وقال باثان إن الهجوم "يذكّر بأنهم لا يزالون هنا".
وأضاف أن متطوعي الدفاع المدني نادراً ما يثيرون حفيظة المتمردين "إلا إذا تجاوزا الحد وأصبحوا جزءاً من جهاز الأمن الحكومي".
ويتّهم المتمردون السلطات التايلاندية بعدم احترام ثقافتهم المميزة وارتكاب انتهاكات متكررة بدون محاسبة المسؤولين عنها.
ووقعت آخر الحوادث التي أثارت الغضب في المنطقة في آب/اغسطس عندما توفي عبد الله عيسى موسى، وهو مسلم اعتقله الجيش وتُرك في حالة غيبوبة بعدما تم استجوابه في مركز اعتقال تايلاندي سيء الصيت.
وكثيراً ما يتم توقيف المشتبه بهم للتحقيق معهم واحتجازهم بموجب قوانين الطوارئ في مراكز اعتقال أشارت المجموعات الحقوقية إلى وقوع انتهاكات فيها.
وبعد أيام من اعتقال عبد الله، قتل أربعة أشخاص في هجوم وقع ليلاً واستهدف موقعًا عسكريًا، في عملية يبدو أنها كانت انتقامية.
وبعد أسبوع، انفجرت عدة قنابل صغيرة في بانكوك أصابت أربعة أشخاص بجروح بينما كانت المدينة تستضيف قمة عالية المستوى حضرها كبار الدبلوماسيين بينهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وحمّلت السلطات التايلاندية المتمردين الجنوبيين مسؤولية التفجيرات التي لم تتبناها أي مجموعة.