ونقلت محطة إن تي في التركية عن وزارة الدفاع قولها إن خمسة جنود أتراك قتلوا في الهجوم.
وأفاد بيان لوزارة الدفاع "بجرح خمسة آخرين في قصف مدفعي تعرضت له القوات التركية من قبل قوات الحكومة السورية في إدلب".
ونقلت وكالة رويترز عن المسؤولين الأتراك قولهم إن القوات التركية ردت على الهجوم السوري "بقصف مكثف" على أهداف سورية.
وهذا هو الهجوم الثاني المميت الذي تشنه القوات السورية مستهدفة جنودا أتراكا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في إدلب.
وكان ثمانية جنود أتراك قد قتلوا في الهجوم الأول، الذي شنته قوات الحكومة السورية في 3 فبراير/شباط.
تركيا تتأهب "لعملية عسكرية"
وكثف الجيش التركي وجوده على الحدود السورية، وزاد عدد نقاط المراقبة في المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة من محافظة إدلب السورية، وسط زيادة التوتر في المنطقة.
وأرسل الجيش أكثر من 300 عربة مصفحة، وذخيرة، ومركبات، إلى وحداته على الجانب السوري من الحدود، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول الرسمية.
وأفادت الوكالة بأن الجيش أرسل تعزيزات، الأحد، إلى نقاط المراقبة في إدلب، كان من بينها مدافع هاوتزر، وذخيرة، وقوات خاصة، وناقلات أفراد مسلحة.
ونشر الجيش أيضا دبابات، ومركبات إسعاف عسكرية في نقاط المراقبة، بحسب ما قالته الوكالة.
وجهز الجيش أيضا 60 شاحنة عسكرية تحمل دبابات، ومنصات إطلاق، وذخيرة وناقلات أفراد مصفحة، ليلا، لنشرها في نقاط المراقبة في إدلب، الواقعة شمال غربي سوريا.
وتأتي هذه التعزيزات بعد استهداف قوات الحكومة السورية لجنود أتراك في إدلب، في 3 فبراير/شباط، وقتلها 8 أفراد منهم.
وكان الرئيس التركي قد قال إن على القوات السورية الانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية، بنهاية فبراير/شباط، محذرا من هجوم عسكري محتمل.
وغطت وسائل الإعلام التركية، الاثنين، على نطاق واسع، عملية نشر القوات التركية، وأفادت بعضها بأن أكثر من 1000 مركبة عسكرية أرسلت إلى إدلب، خلال الأسبوع الماضي، وأن "الأسلحة مصوبة مباشرة إلى أهداف تابعة للحكومة" السورية.
وأضافت صحيفة (ياني شفق) الموالية للحكومة التركية أن عملية كبرى قد تشن "في أي لحظة" بمشاركة أكثر من 4000 كوماندوز.
محادثات تركية روسية
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الاثنين، قبيل لقائه مع الوفد الروسي، إن اجتماع السبت بين الوفدين الروسي والتركي لم يتمخض عنه أي اتفاق حول الأوضاع في محافظة إدلب السورية.
وجاء ذلك في مؤتمر صحفي، عقده تشاووش أوغلو، مع نظيره السلوفيني، ميروسلاف جيرار، بمقر الخارجية التركية في العاصمة أنقرة.
ودعا تشاووش أوغلو إلى ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في إدلب.
وقال الوزير التركي: "لو تم التوصل إلى اتفاق في الاجتماع الماضي مع الوفد الروسي حول إدلب، لما كانت هناك حاجة لاجتماع اليوم".
وأشار إلى أنه جرى تبادل وجهات النظر وعرض مقترحات الجانبين خلال اجتماع السبت بين الوفدين التركي والروسي.
وأردف أن الرئيس، رجب طيب أردوغان، أكد مرارا لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أن تركيا "ستتخذ تدابير (من جانبها) إذا استمر النظام السوري في هجماته"، وأشار إلى أنه أبلغ نظيره الروسي، سيرغي لافروف، بذلك.
وأضاف أن النقطة المهمة بالنسبة إلى تركيا، هي وقف إطلاق النار في إدلب، وإتاحة الفرصة لعودة النازحين إلى ديارهم.
هجوم سوري واسع في إدلب
في ديسمبر/كانون الأول، بدأت قوات الحكومة السورية، بدعم روسي، هجوماً واسعاً في مناطق في إدلب وما جاورها، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى، ويعيش في هذه المناطق ثلاثة ملايين شخص.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، المعارض، ومقره بريطانيا، بأن "طائرات حربية روسية استهدفت، بعد منتصف ليل الأحد، قرية أبين سمعان المكتظة بالنازحين في ريف حلب الغربي" المحاذي لمحافظة إدلب، وأسفر القصف عن مقتل "تسعة مدنيين بينهم ستة أطفال، وإصابة 20 آخرين بجروح".
ونقلت وكالة فرانس برس، عن مصور لها في القرية، قوله إنه شاهد أفرادا من الدفاع المدني يبحثون وسط الظلام عن ضحايا تحت أنقاض مبنى مدمر، عمدت مجموعة منهم إلى إخراج رجل على قيد الحياة كان عالقاً تحت الركام وكان الدم يسيل من رأسه.
وجرى أحد المتطوعين حاملاً جثة طفلة، لفها ببطانية في حضنه، قبل أن يوقفه أحد أقاربها راجياً إياه أن يأخذها بنفسه.
وأسفر الهجوم، منذ ديسمبر/كانون الأول، بحسب ما يقوله المرصد، عن مقتل أكثر من 350 مدنياً. كما دفع - بحسب الأمم المتحدة - 586 ألف شخص إلى النزوح من مناطق التصعيد في إدلب وحلب باتجاه مناطق أكثر أمناً قرب الحدود مع تركيا.
وحذرت منظمات إنسانية دولية من "كارثة إنسانية" بسبب موجة النزوح الضخمة، التي قد تكون بين الأسوأ في سوريا منذ بدء النزاع فيها في عام 2011.
وبات مصير النازحين مجهولا في منطقة يعيش فيها، أساساً، ثلاثة ملايين نسمة، فر نحو نصفهم، عبر السنوات الماضية، من مناطق سورية أخرى. وتزداد معاناتهم في فصل الشتاء مع انخفاض حاد في درجات الحرارة وصل إلى نحو درجة واحدة مئوية.
ولجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى مناطق مكتظة، أساساً، بالمخيمات العشوائية قرب الحدود التركية في شمال إدلب، ولم يجد كثر منهم مأوى، واضطُروا إلى البقاء في العراء في حقول الزيتون أو في سياراتهم أو حتى في أبنية مهجورة قيد الإنشاء، بحسب ما ذكرته فرانس برس.
واستعادت قوات الحكومة السورية، الأسبوع الماضي، جزءا من الطريق الذي يمر من محافظة إدلب، وتركز منذ ذلك الحين عملياتها على ريف حلب الجنوبي الغربي، وبات يفصلها كيلومتران فقط عن السيطرة على الطريق بالكامل.
ولم تعد هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى، تسيطر إلا على 52 في المئة فقط من محافظة إدلب، وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، وهي حلب وحماة واللاذقية، بحسب المرصد السوري.
وأعلن الجيش السوري، الأحد، أنه سيطر على مساحة جغرافية تزيد على 600 كيلومتر مربع في إدلب وحلب.
وقد صعدت قوات الحكومة السورية، منذ سيطرة مسلحي المعارضة على محافظة إدلب في عام 2015، قصفها على المحافظة بدعم روسي. وشنت هجمات برية، تمكنت خلالها من السيطرة على مناطق عدة على مراحل.
وكانت روسيا وتركيا قد توصلتا، في عام 2018، إلى اتفاق لخفض التوتر في إدلب، يشمل أجزاء أخرى محاذية لها، نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات الحكومة والفصائل المعارضة، وعلى فتح طريقين دوليين، بينهما طريق حلب-دمشق.
إلا أن الاتفاق لم يُنفذ لأن مسلحي هيئة تحرير الشام لم ينسحبوا من أي منطقة، بينما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل.
وبموجب الاتفاق، تمكنت تركيا من نشر 12 نقطة مراقبة في المنطقة، باتت ثلاثة منها، على الأقل، محاصرة من قبل قوات الحكومة السورية.