يواصل المتظاهرون في السودان على التوالي، احتجاجاتهم على قرار قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حلّ مؤسسات الحكم الانتقالي، فيما تتصاعد الضغوط الدولية من أجل عودة المدنيين إلى السلطة.
أعلنت لجنة أطباء السودان الخميس، مقتل مدني وإصابة اثنين آخرين برصاص قوات جيش البلاد شمالي العاصمة الخرطوم.
وقالت اللجنة في تغريدة عبر حسابها على تويتر: "ارتقاء شهيد بمنطقة الخرطوم بحري برصاص قوات المجلس العسكري الانقلابي، وإصابة ثائرين وحالتهما حرجة".
وأوضحت أنه "لصعوبة التواصل يجري التحقُّق من أنباء تتواتر عن شهداء آخرين" بلا تفاصيل أكثر.
وأعرب مجلس الأمن الدولي الخميس بالإجماع، عن قلقه الشديد بشأن تطورات الأحداث في السودان، فيما قال ممثل الأمم المتحدة الخاص إنه اجتمع مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان الأربعاء، وعرض تسهيل التوصل إلى تسوية سياسية في السودان.
وطالب مجلس الأمن الخميس، العسكريين في السودان "بعودة حكومة انتقالية يديرها مدنيون"، مبدياً "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة"، وذلك في بيان صدر بإجماع أعضائه.
وبعد مباحثات شاقة استمرت أياماً، طالب البيان الذي أعدته بريطانيا وعمدت روسيا إلى تخفيف وطأة مضمونه، باستئناف الحوار السياسي "بلا شروط مسبقة" و"الإفراج فوراً" عن المعتقلين، واحترام "حق التجمع السلمي".
من جانبه، جدد أمين عامّ الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس، مطالبته الجيش السوداني بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ومنح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك "حريته كاملة".
جاء ذلك في مؤتمر صحفيّ عقده نائب المتحدث باسم الأمين العامّ فرحان حقّ، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال المتحدث الأممي: "الأمين العامّ مستمرّ في مطالبته بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المسؤولين المعتقلين واحترام حقوق الإنسان والعودة إلى جميع الترتيبات الانتقالية الواردة بالوثيقة الدستورية".
وأضاف: "الأمين العامّ يطالب القوات العسكرية والأمنية باحترام الحقّ في التظاهر السلمي والإحجام عن العنف هذه المرة".
وتابع حق: "نحن مستمرون في المطالبة باستعادة السيد حمدوك حريته كاملة".
تَواصُل المظاهرات لليوم الرابع
في غضون ذلك أطلقت قوات الأمن السودانية الخميس قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين مناهضين للانقلاب، في حيّ بوري شرقي العاصمة الخرطوم، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويواصل المتظاهرون لليوم الرابع على التوالي احتجاجاتهم، وأعادوا الخميس نشر العوائق في الطرق لقطعها، فيما أفادت مصادر طبية بمقتل 7 متظاهرين وجندي الاثنين، ووصول جثث أخرى إلى المستشفيات نتيجة أعمال عنف في الأيام التي تلت.
ولا تزال شوارع العاصمة السودانية تشهد انتشاراً أمنياً مكثَّفاً للجيش وقوات الدعم السريع. وتعمل القوى الأمنية على إزالة المتاريس والعوائق التي أقامها المحتجون لإغلاق الطرق، لكن متظاهرين يعيدونها عقب مغادرة قوات الأمن.
إقالة دبلوماسيين انتقدوا الانقلاب
والخميس نقلت وزارة الثقافة والإعلام التابعة للحكومة المطاح بها والرافضة للانقلاب، بياناً لوزارة الخارجية نشرته على فيسبوك، أكّدت فيه أن "السفراء الرافضين للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية، هم الممثلون الشرعيون لحكومة السودان"، واعتبرت أن "كل القرارات الصادرة من قائد الجيش غير شرعية ولا يسندها الدستور".
ونقلت صفحة الوزارة عن مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية المقالة قولها: "أفتخر بسفراء السودان الذين أتوا من رحم ثورة الشعب المجيدة وصمودها الباسل، وكل سفير حرّ رفض الانقلاب نصراً للثورة".
ودفع الانقلاب نحو 30 سفيراً سودانياً في دول عدة إلى الانشقاق ودعم المتظاهرين، وأقال البرهان عدداً منهم، بينهم السفراء في الولايات المتحدة والصين وفرنسا وسويسرا وقطر.
ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى "تظاهرة مليونية" السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول ضد الانقلاب، وهتف متظاهرون في الشوارع: "30 أكتوبر.. البرهان في كوبر"، في إشارة إلى سجن كوبر شمالي الخرطوم.
ضغوط محلية ودولية
وكانت دعوات إلى عصيان مدني شامل أطلقها منذ ليل الاثنين تجمع المهنيين السودانيين ونقابة الأطباء، رداً على الانقلاب، ولجأ السودانيون إلى ذلك كورقة ضغط قد تسهم في تلبية مطالبهم.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن معظم المحالّ والمؤسسات أغلق أبوابه في الشوارع الرئيسية، ولا يعمل سوى بعض المخابز والبقالين لتأمين احتياجات المواطنين.
في الخارج تصاعدت الضغوط الدولية، إذ أعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان فيه، فيما جمّد البنك الدولي مساعداته للبلد الغارق في أزمة اقتصادية خانقة.
كذلك أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء، تعليق جزء من مساعداتها للسودان. وكانت واشنطن تعهدت بتقديم هذه المساعدات بعد أن شطبت السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب في نهاية عام 2020. وهدّد الاتحاد الأوروبي أيضاً بتعليق مساعداته.
وحاول الجيش استيعاب الانتقاد الدولي عبر إعادة رئيس الوزراء المُقال عبد الله حمدوك الذي كان وُقف الاثنين، إلى منزله، بعد تشديد دول غربية والأمم المتحدة على ضرورة الإفراج عنه.
لكن مكتبه قال إنه لا يزال "تحت حراسة مشددة"، مشيراً إلى أن "عدداً من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة".