تستمرالاشتباكات في السودان بين قوات الجيش التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية الموالية لحليفه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي" في تحول مفاجئ للصراع إلى نزاع مسلح فيما تبادل الجنرالان الاتهامات. وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بانتهاك هدنة لمدة 24 ساعة من أطراف دولية، وسط استمرار عمليات القصف المتبادلة في العاصمة الخرطوم.
في محاولة للوقوف علي أسباب الأزمة السودانية بين الجناحين العسكريين في البلاد، وعلي مدي تأثير هذه الأزمة علي عملية الانتقال السياسي، ومدي تأثر وتأثير هذا الصراع المسلح علي دول الجوار. كان هذا الحوار مع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني طاهر المعتصم.
وعن السيناريوهات المتوقعة لهذا الصراع، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي طاهر المعتصم، لموقع إيدنيوز إن السيناريوهات المتوقعة لتلك الأزمة التي يعيشها السودان حاليا أن المعركة الجارية حاليا بحسب تقديرات الجيش السوداني بما يملك من مقدرات كبيرة يستطيع ان يحسمها وينتهي. وربما ينتصر الجيش السوداني في هذه المعركة، ولكنها يمكن أن تتحول إلى حرب طويلة باعتبار أن حميدتي يسيطر على دارفور في السودان وأسرته والقبيلة التي ينتمي إليها.
وعن تاثير الأزمة على دول الجوار، قال المعتصم، مؤكد أن هناك جوار السودان خصوصا في تشاد وإفريقيا الوسطى وليبيا وكلها دول تمر بأزمات كبيرة حيث أغلقت تشاد حدودها بين السودان وتشاد.
"والتأثيرات المتوقعة هي أنه يوجد قوات في هذه الدول تتبع حميدتي، هل ستعود إلى بلادها أم لا؟ لا أحد يستطيع أن يعرف هذا. دول الجوار السوداني لا يستطيع أحد أن يقول بأن لها دور في هذه الأزمة وهذه المعارك".
السبيل إلي تسوية سياسية للأزمة:
أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان أنه يرغب في التفاوض إضافة إلى أن هناك أيضا عدد من المبادرات من المنظمات الدولية المختلفة وكذلك من الدول المختلفة مثل كينيا وجنوب السودان وجيبوتي سيتدخلون ، كما أن مندوبنا في الاتحاد الافريقي سيحضر للسودان، وهناك جلسة لمجلس الأمن الدولي وهناك حديث عن تدخل مصري- جنوب سوداني بمبادرة، كل هذه الأمور تصب في صالح أن يستطيع السودان أن يعبر هذه الأزمة.
ما هي خلفية الأزمة في السودان التي أدت إلي الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟ ولماذا تحولت إلى أعمال عنف بشكل مفاجئ؟
يعود تاريخ الأزمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى عام 2003، عندما قام عمر البشير رئيس السودان السابق المعزول بتشكيل قوات من حرس الحدود من خارج الجيش لمساعدة الجيش تكون خفيفة الحركة. بحسب بعض الروايات أن قام بتشكيل هذه المجموعات في تلك الفترة هو الفريق عبد الفتاح البرهان عندما كان برتبة عميد، وعودت نووس قائد الجيش السابق. استمر هذا الأمر إلى 2013 عندما حصلت هذه القوة علي الصفة القانونية.
في عام 2017، دعا جهازي المخابرات والأمن، والبرلمان السوداني بجعل قوات الدعم السريع تكون تابعة للقوات المسلحة. وقامت الثورة السودانية في 2019 وجرت سلسلة من الاحتجاجات السودانية واندلعت في بعض المدن السودانيّة بسببِ ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور حال البلاد على كلّ المستويات. لاحقا جرت أحداث كثيرة ولكن تحالفهم استمر بثورة جيدة وعامة. وجود البرهان رئيساً للمجلس العسكري وحميدتي معه عندما وقعت الوثيقة الدستورية بين المقاومة المدنية والمكون العسكري، قام عبد الفتاح البرهان بمنح حميدتي منصب نائب رئيس المجلس. استمر هذا الأمر إلى 2021 عندما قاما بإنقلاب ضد الحكومة المدنية بقيادة الدكتور عبد الله الحمدوك ووُضعه رهن الاقامة الجبرية. قبل الانقلاب أيضا في مايو 2021 بدأ صراع بين البرهان وحميدتي على خلفية تواصل حميدتي مع سفراء أجانب.
وفي ديسمبر 2021 ذهب حميدتي دون موافقة الجيش إلى روسيا، وقال إن من حق روسيا الدفاع عن أراضيها وشعبها في الحرب. هذا الأمر جعل الجيش السوداني يتذمر. ولاحقا حدثت مشاحنات بين الشخصين، وفي مايو 2022 غادر حميدتي إلي غرب السودان وظل معتصما هناك حوالي 50 يوم إلي أن أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان في ٤ يوليو من العام الماضي خروج المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية عبر عملية سياسية وتم توقيع الاتفاق الإطاري في ٥ ديسمبر مما أدي إلي إحتدام الوضع بين حميدتي والبرهان. كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير هي طلب دمج الدعم قوات السريع في القوات المسلحة السودانية، والدعم السريع طالب 10 سنوات للدمج والجيش السوداني أكتفي بسنتين فقط.
وقبل أربعة أو خمسة أيام حرك حميدتي قواته من الخرطوم إلي مطار مروي العسكري ومطار في شمال السودان، هذا الأمر لم يتم بموافقة الجيش السوداني وأصدر الجيش بياناً واعتبر هذا الأمر خروج عن القانون واحتدم الصراع يوم السبت صباحا عندما قامت القوات المسلحة السودانية بمحاصرة المناطق التي يسيطر عليها قوات الدعم السريع وحدث تبادل لاطلاق النيران وإشتعلت هذه المعارك.
تورا زينال