للمرة الأولى، يقوم المدعي العام الفدرالي باعتقال شخصية بارزة في إحدى الجماعات السلفية التي تتخذ من مدينة فينترتور الشمالية مقرا لها. وكان "س" الذي إعتنق الإسلام يرتاد مسجد النور في المدينة، كما تفترض التقارير قيادته لحملة توزيع القرآن "إقرأ!"،
فضلاً عن تردده على نفس قاعات الرياضة التي كان أشخاص آخرون معروفون قد سافروا للجهاد إلى سوريا والعراق يرتادونها.
وفقاً للتقارير، تعتبر مدينة فينترتور مَعقلاً للسلفيين السويسريين، والمدينة التي يسكنها أكبر عدد من المُتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". وكان ما لا يقل عن خمسة شبان مُتطرفين قد سافروا من مدينة رافد "أويلاخ" إلى هذا التظيم في سوريا والعراق. ومن المتوقع
أن يقوم المدعي العام الفدرالي قريباً بتقديم شخص يُشتبه في سفره للقتال في صفوف تنظيم "داعش" إلى القضاء. لكن الأجهزة المَعنية مازالت تتخبط في الظلام بشأن الأشخاص الذين يقفون وراء عملية إجتذاب هؤلاء الشباب إلى الفكر المتطرف.
هل وقعت أول سمكة كبيرة في الشباك؟
من خلال إعتقال المُشتبه به "س" (30 عاماً) في شهر فبراير المنصرم، يرى المدعي العام الفدرالي أنه نجح للمرة الأولى بالإمساك بما يفترض أن يكون أحد العقول المدبرة التي تقف وراء عملية تجنيد هؤلاء. ومع أن مكتب الإدعاء العام لم يرغب في الإفصاح عن الإتهامات الموجهة
ضد "س"، إلّا أن هناك اشتباه في دعمه وانتماءه لمنظمة إرهابية.
ولا تزال إمكانية إثبات هذه المزاعم غير معروفة إلى الآن، وتبقى البراءة قرينة المتهم حتى إثبات العكس. وفي الأثناء، يُحتجز "س" الإيطالي الأصل في السجن الإقليمي للعاصمة السويسرية برن. وكانت محكمة التدابير الإلزامية المختصة قد وافقت مؤخراً على تمديد فترة احتجازه بسبب خطر التواطؤ والتعتيم.
شباب متطرفون
وفي سياق الموضوع نفسه، كان برنامج "روندشاو" (Rundschau) الأخباري الإقتصادي والسياسي الذي تبثه قناة SRF1 لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، قد قام بمراقبة "س" منذ أكثر من عام. وكما كشفت التحريات التي أجراها البرنامج، لم يكن مُعتنق الإسلام مُجرد زائرٍ في
مسجد إلى النور، ولكنه كان شخص يحظى بالإحترام وذو شأن في عملية إجتذاب الشباب إلى الفكر المتطرف.
وكان "س" يتوفر على وصول سالك لجميع غرف المسجد الداخلية، كما كان على اتصال وثيق مع الأئمة أمين ل وشفيق س على وجه الخصوص، ومع عطية ي بشكل جزئي أيضاً. كما شوهد "س" أمام المسجد بعد الصلاة وهو يتجاذب أطراف الحديث مع عدد من الشباب المسلمين، ويتطلع معهم إلى أفلام فيديو
تُظهر اناشيد إسلامية لتنظيم "داعش" على الهواتف المحمولة.
ولم تقتصر وُجهات الاتصال مع نفس هؤلاء الشباب على المسجد فقط، بل تعداه إلى عدة مراكز للياقة البدنية وقاعة للتدريب على الفنون القتالية في فينترتور. كما شوهد "س" مُرتدياً سروال تدريب في "مركز السنّة للتدريب على الفنون القتالية المختلطة" الإسلامي (MMA-Sunna-Gym)
الخاص بفالديت غاشي. وكان غاشي - وهو بطل العالم السابق في رياضة الكيك بوكسنغ - قد توجه إلى سوريا وانظم لتنظيم داعش في يناير 2015 بالإضافة إلى ما لا يقل عن شخصين من مُرتادي مركزه الرياضي. لكنه قتل بعدها في ظروف غامضة.
أمير "إقرأ"
أما الشبكة الثالثة والأكثر أهمية ربما، والتي لعب فيها "س" دوراً رئيسياً، فكانت حملة توزيع القرآن "إقرأ!" للسلفي الألماني الفلسطيني أبو ناجي، الذي زار "س" برفقته مطبعة للقرآن في مدينة برشلونة، وأسس تحت إدارته الفرع السويسري لمشروع "إقرأ!".
وفي بعض الأحيان، كان "س" الذي لُقِبَ خلال عمله بهذا المشروع بـالأمير، يقف بنفسه بجانب أكشاك المعلومات الخاصة بحملة "إقرأ"، كما في شارع "بانهوفشتراسة" Bahnhofstrasse الشهير في زيوريخ، ويقوم بتوزيع المصاحف مجانا على الناس. ومن محيط
هذا المشروع، سافر ما لا يقل عن جهادييَن معروفيَن من فينترتور إلى سوريا، بالإضافة إلى شخص آخر من بلدية "آربون" على بحيرة كونستانس (كانتون تورغاو).
الإدعاء العام يلتزم الصمت
الإدعاء العام الفدرالي من جانبه، لم يرغب بالتعليق على الموضوع أمام البرنامج التلفزيوني "روندشاو"، بسبب التحقيقات الجارية حتى الآن حول اعتقال "س".