منذ عقود، لم ينقطع دوي مدفع رمضان بالعاصمة القطرية، الدوحة، إيذاناً بالإفطار وإنهاء الصيام، مساء كل يوم من أيام الشهر الفضيل.
ولا تقف مهمة مدفع رمضان، الذي دخل الخدمة في ستينيات القرن الماضي، عند تنبيه الصائمين بانقضاء وقت الصيام فقط، بل تحول إلى مقصد تجتمع حوله عشرات العائلات، من المواطنين والمقيمين، كل مساء، احتفاءً به وبمهمته السامية.
وفي ساحة سوق "واقف" العريقة، حيث توجد إحدى نسخ المدافع الثلاث، يتسابق الأطفال والآباء لالتقاط الصور عنده قبيل المغرب؛ قبل أن يشهدوا جميعاً إطلاقه، ويتناولوا حبات من التمر بجانبه.
وفي حديث مع الأناضول، التي زارت المكان في تلك اللحظات، قال المواطن القطري "فايز حارثي": "كان والداي يأخذاننا لمشاهدة مدفع رمضان؛ وأنا اليوم أمارس هذا الدور مع أولادي".
أما المواطن المصري "محمد عبد الرحمن"، المقيم في قطر، فقال إنه يواظب على اصطحاب أسرته كل عام لمشاهدة إطلاق المدفع؛ مشيراً إلى أن تلك اللحظات تذكره ببلده مصر.
ويتواجد مدفع رمضان في قطر في ثلاث ساحات؛ وهي ساحة سوق واقف؛ وساحة الحي ثقافة كتارا؛ وساحة مسجد محمد عبد الوهاب بالعاصمة الدوحة.
ويعد مدفع رمضان عادة مشتركة بين كل الشعوب العربية والإسلامية؛ وتقليداً تتوارثه المجتمعات العربية والإسلامية منذ مئات السنين.
ويذكر المؤرّخون أنّ القاهرة هي أوّل مدينة أطلق فيها مدفع رمضان، وهناك عدد من الروايات حول قصة فكرته، تعتمد أغلبها فرضية "المصادفة".
وتقول إحدى الروايات إن جنوداً، في عهد ملك مصر، الخديوي إسماعيل (1863-1879)، كانوا يعملون في تنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة.
وتصادف ذلك مع وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظنّ الناس أنّ الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتناقلون ذلك، حتى علمت بذلك الحاجة فاطمة، ابنة الخديوي وأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرماناً يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.
وانتشر هذا التقليد في بلاد الشام، ثم وصل بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، ومنها إلى مدينة الكويت عام 1907، وإلى كل أقطار الخليج واليمن والسودان ودول غرب أفريقيا وآسيا والبلقان.