قال فضيلة الشيخ نور الدين خاليق نظروف، مفتي جمهورية أوزبكستان، إن من الأهمية بمكان تحديد مواطن التطرف والمشاركة في مواجهته مؤكداً علي دور العلماء وأئمة المساجد في المجال.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها بمؤتمر "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية، واستراتيجيات المواجهة"، والذي نظمه مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. وقد جاءت كلمة فضيلة الشيخ نور الدين خاليق نظروف، مفتي جمهورية أوزبكستان كما يلي:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، والصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلْقِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُ:
سَمَاحَةُ مُفْتِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُورُ شَوْقِي عَلَّامْ
مَعَالِي وَزِيرُ الْأَوْقَافِ الدُّكْتُورْ مُحَمَّدْ مُخْتَارْ جُمْعَة
مَعَالِي الوُزَرَاءِ وَأَصْحَابُ الْفَضِيلَةِ الْمُفْتِينَ وسَادَةُ الشُّيُوخِ الْكِرَام
الْجَمْعُ الْكَرِيمُ!
يُسْعِدُنِي أَنْ أُحَيِّيَكُمْ بِتَحِيَّة الْإِسْلَامِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ!
إِنَّهُ لَشَرَفٌ كَبِيرٌ أَنْ أَلْتَقِيَ مَعَكُمْ وأُبَلِّغَكُمْ تَحِيَّاتِ الشَّعْبِ الْأُوزبَكِيِّ فِي هَذَا الْبَلَدِ المُبَارَكِ وفِي هَذَا الْمُؤْتَمَرِ الرَّفِيعِ الْمُسْتَوَى تَحْتَ عُنْوَانِ "اَلتَّطَرُّفُ الدِّينِيُّ: اَلْمُنْطَلَقَاتُ الْفِكْرِيَّةُ وَإِسْتِرَاتِيجِيَّاتُ المُوَاجَهَةِ".
وَأَنْتَهِزُ هَذِهِ الْفُرْصَةِ لِأُقَدِّمَ بَالِغَ شُكْرِي وَعَظِيمَ تَقْدِيرِي لِجُمْهُورِيَّةِ مِصْرَ الْعَرَبِيَّةِ رَئِيسًا وَحُكُومَةً وَشَعْبًا لِاسْتِضَافَةِ هَذَا الْمُؤْتَمَرِ وَحُسْنِ الاِسْتِقْبَالِ وَالْحَفَاوَةِ الْكَبِيرَةِ. والشُّكْرُ مَوْصُولٌ إِلَى دَارِ الْإِفْتَاءِ الْمِصْرِيَّةِ وَمَرْكَزِ سَلَامِ لِدِرَاسَاتِ التَّطَّرُّفِ.
إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ الطَّيِّبَ جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ صَرَاحَةً فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ وذُكِرَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ إِيْمَاءً وَتَعْرِيضًا وذَلِكَ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى شَرَفِهِ وَمَنْزِلَتِهِ العَالِيَةِ.
وإِنَّ الْأَزْهَرَ الشَّرِيفَ الَّذِي يَرْجِعُ تَارِيخُهُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَامٍ يَفُوقُ الوَصْفَ بِكَوْنِهِ التُّرْبَةَ الْخَصْبَةَ لِإِعْدَادِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ وَمَفَاهِيمِ الْوَسَطِيَّةِ.
أَيُّهَا الْجَمْعُ الْكَرِيمُ!
لَا شَكَّ أَنَّ قَضِيَّةَ مُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ فِي هَذِهِ الْآوِنَةِ، فِي زَمَنِ الْعَوْلَمَةِ صَارَتْ مِنْ أَكْثَرِ المُهِمَّاتِ خُطُورَةً. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَرَكَاتِ وَالْمُنَظَّمَاتِ المُتَطَرِّفَةَ مَا زَالَتْ تَنْشُرُ الْعُنْفَ وَالآرَاءَ التَطَرُّفِيَّةَ وَتَعْمَلُ عَلَى تَحْوِيل الْأَوْطَانِ الْآمِنَةِ إِلَى بُؤَرِ الفِتَنِ وَالْحُرُوبِ.
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ دَرْءَ التَّطَرُّفِ وَاتِّخَاذَ إِجْرَاءَاتٍ رَامِيَةٍ إِلَى الْقَضَاءَ عَلَى مَصَادِرِهِ الْفِكْرِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ وتَعْزِيزَ التَّعَاوُنِ فِي هَذَا الْاِتِّجَاهِ أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَ الْمَهَامِّ الرَّئِيسِيَّةِ.
وَلَكِنْ لِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ أَنَّ الْفِرَقَ وَالطَّوَائِفَ الْمُتَطَرّفَةَ صَارَتْ ظَاهِرَةً تُقْلِقُ الِمُجْتَمَعَاتِ فِي الْعَالَمِ وَتُمَثِّلُ تَهْدِيدًا وَخَطَرًا لَهَا وَتُسَبِّبُ ضَرَرًا كَبِيرًا لِلْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ.
مِنْ أَهَمِّ الْوَسَائِلِ وَالسُّبُلِ فِي مُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ الدِّينِيِّ وَدَرْءِ الْخِلَافَاتِ الْمُمْكِنَةِ هُوَ دِرَاسَةُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ الطَّاهِرَةِ. فَإِنَّ دِرَاسَةَ الْحَدِيثِ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ كُبْرَى فِي مُوَاجَهَةِ الْهَجَمَاتِ الْفِكْرِيَّةِ لِلفِرَقِ الْمُتَطَرِّفَةِ.
لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ بِكُلِّ مَا يَحْدُثُ الْيَوْمَ مِنَ الْفِتَنِ وَأَشَارَ إِلِىَ طُرُقِ صَدِّهَا وسُبُلِ مُعَالَجَتِهَا.
قال صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَكُون فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ. يَدُلُّ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ كُلَّمَا ابْتَعَدَ عَنِ الْفِتَنِ كَانَ أَنْفَعَ لِهُ وَلِلْمُجْتَمَعِ.
أَيُّهَا الْجَمْعُ الْكَرِيمُ!
أَنْتَهِزُ هَذِهِ الْفُرْصَةَ لِأَعْرِضَ عَلَيْكُمْ بَعْضَ الْاِقْتِرَتحَاتِ لِتَعْزِيزِ التَعَاوُنِ فِي مُوَاجَهَةِ التَّطَرُّفِ.
أَوَّلاً: لَا بُدَّ مِنَ الاِهْتِمَامِ بِنَشْرِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الصَّحِيحَةِ وَتَعْلِيمِ الدِّينِ عَلَى أَسَاسِ الْوَسَطِيَّةِ وَالاِعْتِدَالِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمَشَاكِلِ تَأْتِي مِنْ فَهْمِ الدِّينِ فَهْمًا خَاطِئًا والْغُلُوِّ فِيهِ.
ثَانِياً: لَا بُدَّ مِنْ تَطْوِيرِ التَّعَاوُنِ الدُّوَلِيِّ فِي مُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ وَخُصُوصًا تَنْسِيقُ نَشَاطِ مَرَاكِزِ الْمُوَاجَهَةِ الْفِكْرِيَّةِ لِلتَطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ وَتَوْحِيدُ وِجْهَاتِ نَظَرِ الْعُلَمَاءِ وَرِجَالِ الدِّينِ حِذَاءَ هَذِهِ الْظَّاهِرَةِ. وَذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ مُتَطَلَّبَاتِ يَوْمِنَا هَذَا.
أَيَّهَا الْمُشَارِكُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ إِدَارَةَ المُسْلِمِين وَدَوْلَةَ أُوزبَكِسْتَانَ تَقُومُ بِتَنْفِيذِ تَدَابِيرَ وَإِجْرَاءَاتٍ مُكَثَّفَةٍ لِمُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ وَحَقَّقَتْ نَتَائِجَ جَيِّدَةً بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الْمُجْتَمَعِ الدُّوَلِيِّ.
إِنِّي أَوَدُّ أَنْ أُعْرِبَ عَنْ اسْتِعْدَادِ إِدَارَةِ مُسْلِمِي أُوزْبَكِسْتَانَ لِمُوَاصَلَةِ التَّعَاوُنِ مَعَكُمْ فِي هَذَا الْمَجَالِ وَأَتَمَنَّى لِلْمُؤْتَمَرِ كُلَّ التَّوْفِيقِ وَالنَّجَاحِ.
وَفِي الْخِتَامِ أَوَدُّ أَنْ أُعَبِّرَ مُجَدَّدًا عَنْ خَالِصِ شُكْرِي وَتَقْدِيرِي لِرَئِيسِ مَجْلِسِ وُزَرَاءِ جُمْهُورِيَّةِ مِصْرَ الْعَرَبِيَّةِ السَّيِّدِ مُصْطَفَى مَدْبُولِي وَمُفْتِي الدِّيَارِ الْمصْرِيَّةِ اَلْأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ شَوْقِي إِبْرَاهِيمْ عَلَّامْ، لِتَنْظيمِ وَإِقَامَةِ هَذَا الْمُؤْتَمَرِ.
أَسْاَلُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَى الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْعَالَمِ أَجْمَعَ بِالْأَمْنِ وَالْاِسْتِقْرَارِ وَأَتَمَّنَى لِجَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةَ الدَّائِمَةَ.
وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.