اختبرت أسواق النفط العالمية كافة المسارات والاتجاهات خلال الأعوام الثلاثة الماضية وما قبلها، وخضعت تلك الأسواق إلى الكثير من الخطط والبرامج الهادفة إلى تحسين كفاءة التسعير ومراقبة الإنتاج وإدارة النمو للاقتصاد العالمي، إضافة إلى توفير منصة عالمية يمكن من خلالها المضاربة وفرض سقوف وقيعان سعرية وفقاً لما يرغب به المضاربون وبشكل خاص خلال ظروف عدم الاستقرار وهي كثيرة لدى أسواق الطاقة.
في المقابل فقد تعرضت الدول المنتجة للكثير من التحديات نتيجة تخلي أسواق الطاقة عن الأساسيات عند تدني الأسعار والمضاربات الحادة على السقوف السعرية المرتفعة، وبقيت الدول المستهلكة للنفط الأكثر استفادة من إجمالي المسارات كون فترات تدني الأسعار تجاوزت الفترات الزمنية لارتفاعها وبالتالي ليس هناك ما تفعله للحفاظ على استقرار اقتصادات المنتجين.
وقال التقرير الأسبوعي لشركة نفط الهلال، إنه كلما اشتدت حالة عدم الاستقرار لدى أسواق النفط العالمية، فإنها تبتعد كثيراً عن الأساسيات ذات العلاقة بالبيانات الاقتصادية والمؤشرات المالية لدى أسواق المستهلكين وخطط النمو المستهدفة وحجم الطلب الداخلي على النفط ومعدلات نمو الطلب العالمي الحالي والمتوقع، لتتبع مستويات المخزونات الأمريكية وإمدادات النفط الصخري، الأمر الذي يعكس مؤشرات خاطئة عن أداء أسواق النفط ومدى جدوى وصدقية الأسعار المتداولة.
وبين التقرير أنه ليس من المبالغة أن تشمل أدوات القياس اليومي والمرجعيات المفترضة حجم الطلب القادم من الصين واحتياجاتها اليومية والتي تقدر ب 6.6 مليون برميل نفط يوميا و60 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، فيما تتجه التوقعات الصادرة عن مصلحة الدولة للطاقة إلى أكثر من ذلك وصولاً إلى مستوى طلب سيصل إلى 11 مليون برميل يومياً والطلب المتوقع على الغاز سيصل إلى 205 مليارات متر مكعب، فيما يمكن إضافة مستوى إنتاج «أوبك» بالاعتبار والذي يتوقع أن يتجاوز إنتاجها 33 مليون برميل يوميا خلال الشهر الحالي، مع الأخذ بعين الاعتبار حجم روسيا كمنتج أول للنفط والغاز وتعتبر ايضا من كبار المستهلكين حول العالم، وعند هذا المستوى من الشمول يمكن إعادة صياغة مرجعيات وأساسيات أسواق الطاقة التي انهكت من ارتباطها بالمخزونات الأمريكية منذ زمن بعيد.
وبات من الملاحظ أن خطط التخفيض التي اعتمدها أعضاء أوبك وبعض المستقلين، تتعرض للتآكل يوميا نتيجة ضعف المرجعيات، وبالتالي نجد أن أسعار النفط الحالية تعتبر منخفضة على الرغم من جدوى الاتفاقية القائمة على خفض الإنتاج وعند مستوى استثنائي من امتثال الموقعين على اتفاقية خفض الإنتاج والتي ساهمت في امتصاص الفائض والسيطرة على تخمة المعروض كما يطلقون عليها.