محطة الضبعة النووية وغياب التوافق المجتمعي

اقتصاد 22:00 17.12.2017

بينما نجد دولة مثل النمسا قد تعطل فيها تشغيل محطة نووية لسنوات رغم اكتمالها، ثم تم بها استفتاء على تشغيل تلك المحطة، فجاءت النتيجة بالرفض وهو ما عطل تشغيل المحطة تماما. 

رغم مرور أكثر من 60 عاما على الحلم النووي المصري، الذي تكرر حلم إحيائه خلال فترات حكم الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك، ثم تعطل تنفيذه في كل مرة، فإن مشروع محطة توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية بمنطقة الضبعة المصرية، الذي وقع الرئيسان الروسي والمصري عقد اتفاق تنفيذه مؤخرا، لم يحظ بالتوافق المجتمعي لأسباب يعرضها كل من المؤيدين والمعارضين له.

= المعارضون: لسنا في حاجة لمحطة الضبعة باهظة التكاليف، فحاليا هناك طاقة كهربائية زائدة عن الاحتياج حوالي خمسة آلاف ميغاوات، وستزيد تلك الطاقات الفائضة الى 15 ألف ميغاوات في مايو/أيار من العام المقبل، بعد اكتمال المحطات الثلاث التي تنفذها شركة سيمنس الألمانية.

وهو الأمر الذي دفع وزارة الكهرباء المصرية للإعلان في ديسمبر/كانون الأول 2016، عن تأجيل جميع مشروعات إنتاج الكهرباء الحكومية بمناطق: ديروط ودمنهور والحمراوين وعتاقة والمحمودية وقنا، والتي كان مقررا تنفيذها بالخطة الخمسية 2017-2022 الى الخطة الخمسية التالية 2022 – 2017.

●● المؤيدون: لكن الطاقات الفائضة بعد اكتمال محطات سيمنس الثلاثة تكفي احتياجات مصر من الكهرباء إلى العام 2022، ومن هنا فسيكون هناك احتياج لإنتاج المحطة النووية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة بعد 2022 والتي تزيد بنسبة 7 % سنويا.

  المحطات الحرارية أقل تكلفة

= المعارضون: إن هناك 30 شركة لإنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية تسعى لتدبير المكون الأجنبي للتمويل لها، وحصلت بالفعل على موافقات من مؤسسة التمويل الدولية والحكومة البريطانية، وصندوق البنية التحتية التابع للبنك الأفريقي للتنمية.

والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والبنك الأوربي لإعادة الإعمار وبنك التنمية الهولندي وصندوق المناخ الأخضر، وبنك التنمية الإسلامي والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص.

كما أن هناك شركات أخرى لإنتاج الكهرباء من خلال طاقة الرياح تم الاتفاق معها، ومشروعات أخرى تم الاتفاق عليها لإنتاج الكهرباء من خلال الفحم وأخرى من خلال المخلفات، بخلاف مشروع الربط الكهربائي مع السعودية الذي تصل طاقته إلى ثلاثة آلاف ميغاوات وات، ومشروع آخر للربط مع لبنان وسوريا ودول أخرى بطاقة ألفى ميغاوات.

●● المؤيدون: لكن محطة الضبعة توفر تنويعا لمصادر الطاقة، خاصة وأن غالب محطات إنتاج الكهرباء الحالية بمصر تعتمد على الغاز الطبيعي والمازوت، وقد شهدت مصر استيراد كميات من الغاز الطبيعي بالأعوام الأخيرة، كما أن الطاقة النووية طاقة نظيفة وليست ملوثة للبيئة مثلما يحدث باستخدام المازوت والسولار لتشغيل محطات الكهرباء حاليا.

= المعارضون: لكن المحطات الحرارية أقل تكلفة كثيرا من المحطات النووية وأسرع في التنفيذ، فمحطة الضبعة التي من المقرر أن تنتج 4800 ميغاوات بتكلفة حوالي 30 مليار دولار وتنتهي عام 2028/2029، عند مقارنتها بمحطات شركة سيمنس الثلاثة التي ستنتج 14.4 ألف ميغاوات بتكلفة 6 مليار يورو وخلال عامين، يتضح أن محطة واحدة من محطات سيمنس تنتج قدر إنتاج المحطات النووية الأربعة، وبتكلفة 1.5 مليار يورو فقط.

ارتفاع مخاطر المحطات النووية

والأكثر أهمية من ذلك قلة مخاطر المحطات الحرارية أي التي تعتمد على الغاز الطبيعي أو المنتجات البترولية في تشغليها، بالمقارنة للمخاطر العالية التي تصاحب المحطات النووية، وها هو سجل الحوادث النووية يشير لحدوث تسرب إشعاعي بروسيا عام 1957، وتسرب إشعاعي في بريطانيا عام 1957 وتلف شديد بقلب مفاعل بنسلفانيا بالولايات المتحدة 1979.

وتسرب إشعاعي باليابان 1999 وتسرب إشعاعي داخل محطة ببريطانيا 2005، وزيادة الإشعاع عن الحدود المسموح بها بالأرجنتين 2006، وتسرب غازات سامة من مفاعل بوبال بالهند قتل ألفى شخص وأصاب أكثر من 150 ألف شخص عام 1984، وكارثة تشيرنوبل بكييف بأوكرانيا التي نتج عنها مقتل 31 شخصا 1986 وحريق بمفاعل نووي بإسبانيا 1989 وحوادث أخرى بجورجيا والبرازيل واليابان كان آخرها عام 2011.

وهو ما دعا دولا أوربية لتقليل الاعتماد على الطاقة النووية، كما أن أكثر الدول الأوربية تخلو من الطاقة النووية، رغم ما بها من تقدم، بينما تتعثر الحكومة المصرية في مواجهة مشكلة السيول على سبيل المثال كما حدث بالبحيرة والاسكندرية والبحر الأحمر وسيناء.

●● المؤيدون: محطات اليابان كانت قديمة ومن الجيل الأول، والأمر نفسه لمحطة تشرنوبل، بينما محطة الضبعة من الجيل الثالث الذي تقل أخطاره، ولا يتدخل العامل البشرى فيه، ثم إن حادث اليابان الأخير عام 2011 كان نتيجة زلازل وتسونامي أمواج بارتفاع عشرة أمتار، وهى صدفة غير متكررة اجتماع الزلزال مع تسونامي، بينما منطقة الضبعة بعيدة عن الزلازل.

= المعارضون: لم يرد عالميا أن الشركة الروسية المنفذة لمشروع الضبعة تنفذ محطات من الجيل الثالث، فما زلت مشروعاتها تتم وفقا للجيل الثاني من المفاعلات، ويظل السؤال لماذا لم يتم طرح مشروع الضبعة على الشركات الدولية لنختار من بينها ما يوفر لنا مزايا أكثر؟

ولماذا يتم اختيار الشركة الروسية دون غيرها بلا مناقصات ولا طرح دولي للمشروع؟ فمن الواضح أن السيسي يجامل بوتين الذي سانده منذ استيلائه على السلطة، ليقوي مركزه في الانتخابات الروسية في مارس المقبل.

استخدام أحادي لمحطة الضبعة                   

●● المؤيدون: ألم يكن الحلم النووي مطروحا منذ إنشاء عبد الناصر لجنة الطاقة الذرية عام 1955 وبدء مفاعل أنشاص بالعمل 1961، وإعلان السادات تجهيز المحطة النووية في سيدي كرير 1974، وإعلان مبارك  إقامة محطة نووية بالضبعة 2007.

 فهل ستأجلون الحلم النووي لسنوات أخرى، بينما إسرائيل لديها مشروعها النووي منذ سنوات طويلة، وها هي إيران قد دخلت المجال النووي وقبلها باكستان. وها هى الإمارات تنفذ محطات نووية منذ سنوات؟

= المعارضون: الأمر مختلف تماما فالحلم النووي يعنى أن يتم التنفيذ للمشروع من خلال الخبراء المصريين، وأن يتسع مجال الطاقة استخدام النووية إلى المجال الصناعي والزراعي والطبي وتحلية المياه إلى جانب إنتاج الكهرباء، وكل تلك الأمور غائبة بمشروع الضبعة، حيث سيكون تسليم مفتاح وتشغيله سيكون من خلال الخبراء الأجانب.

ومادة اليورانيوم المخصب سيتم استيرادها، ولن يتم استخدام مفاعلات الضبعة الأربعة سوى في إنتاج الكهرباء فقط وهو أمر له بدائل عديدة، ولم يتم تجهيز الكوادر اللازمة لتشغيل المحطة النووية بالضبعة، فالسيسي يتحكم بمقاليد الأمور منذ يوليو/تموز 2013 ولو كان يسعى لتحقيق الحلم النووي لجهز وأعد للمشروع من ذلك الحين، لكننا شاهدنا البرلمان يهرول قبل مجيء بوتين بأيام قليلة كي يقر قانون الجهاز المشرف على تنفيذ مشروع الضبعة.

والذي يحتاج لثلاثة أشهر لصدور لائحته التنفيذية، بينما يتم التوقيع على اتفاق تنفيذ مشروع الضبعة مع بوتين قبل أن يكتمل بناء الجهاز الجديد، ومن دون حوار مع الخبراء أو إتاحة التفاصيل للرأي العام، بينما نجد دولة مثل النمسا قد تعطل فيها تشغيل محطة نووية لسنوات رغم اكتمالها، ثم تم بها استفتاء على تشغيل تلك المحطة، فجاءت النتيجة بالرفض وهو ما عطل تشغيل المحطة تماما.

عن الكاتب
ممدوح الولي
كاتب مصري وخبير اقتصادي، نقيب الصحفيين المصريين السابق، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية سابقا
 
 
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

روسيا تحرز تقدما جديدا في الاشتباكات الحدودية قرب خاركيف
16:00 12.05.2024
انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
15:00 12.05.2024
رئيس ليتوانيا يأمل في الفوز بولاية جديدة في انتخابات
14:00 12.05.2024
سلطان عمان في زيارة دولة إلى الكويت
13:00 12.05.2024
رئيس وزراء اليونان يزور تركيا
12:00 12.05.2024
اندلاع حريق في مصفاة نفط في روسيا
12:00 12.05.2024
يشبه المهاجرين بثعبان
11:00 12.05.2024
بايدن يضع شرطاً لوقف حرب غزة
10:00 12.05.2024
العراق يطيح بشبكتين دوليتين للإتجار بالبشر
09:00 12.05.2024
هايدي كون تجتمع مع وزير الخارجية الأمريكي
17:29 11.05.2024
المصور الإسباني جيرفاسيو سانشيز يزور مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
16:38 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي: 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح
15:00 11.05.2024
رئيس جهاز المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة يزور أذربيجان
13:53 11.05.2024
القبض على عصابة لتهريب السوريين إلى لبنان
12:00 11.05.2024
ممثل مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة في اوزبكستان يحصل على وسام مئوية حيدر علييف
11:18 11.05.2024
الجيش الإسرائيلي يتدرب لحرب محتملة مع حزب الله
11:00 11.05.2024
الإمارات ترفض تصريحات نتنياهو حول دعوتها المشاركة في إدارة غزة
10:00 11.05.2024
حزب الله يعلن استهداف جنود إسرائيليين في المطلّة بشمال إسرائيل
09:16 11.05.2024
قوى تحرير السودان» تعفي رئيسها وتتهمه بالخيانة العظمى
09:00 11.05.2024
تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
جميع الأخبار