استلهمت أرمينيا، خاصة بعد زيارة نيكول باشينيان لطهران وإعلان إيران عن استعدادها لبيع الغاز الطبيعي لأرمينيا بكميات كبيرة. يقدر الاقتصاديون الفوائد المستقبلية من نقل الغاز الإيراني عبر أرمينيا إلى جورجيا وربما لاحقاً إلى أوروبا. لم ير دكتور الفلسفة في العلوم السياسية، والأستاذ المشارك واها دافتيان أي مستقبل لهذا المشروع. في تصريحاته لموقع "Lragir" في يريفان أنه يستشهد بالحجج التي تثير خيبة الأمل للأرمن.
قال الخبير الأرميني:"إنه في السنوات الأخيرة ، قامت شركة SOCAR الأذربيجانية بتوريد الغاز إلى جورجيا التي تمارس السياسة المرنة إلى حد ما، وتحدد التعريفات الاجتماعية والتجارية لجورجيا. وتخلق هذه السياسة فرصة لمناورات معينة في السوق الجورجية. ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية، بسبب انخفاض قيمة العملة الجورجية ، اضطرت SOCAR إلى إعادة النظر في سيايتها السعرية. وتشمل الأجندة رفع سعر الغاز لجورجيا، وفي هذه الظروف يمكن أن تظهر في جورجيا سوقاً صغيرة ، بحوالي 10% من إجمالي السوق التي يمكن تأمينها من خلال مقايضة إيران- أرمينيا - جورجيا. ولكن هذا الخيار يحتاج إلى الاتفاقات الثلاثية لذلك، ومن الضروري أيضاً الاتفاق مع جورجيا التي ينبغي أن تصبح بلداً مستورداً للغاز.
وكما يوضح دافتيان أنه هناك عامل هام آخر، وهو أن شبكات توزيع الغاز في أرمينيا، وعلى وجه الخصوص، خط أنابيب الغاز بين أرمينيا وإيران هي في رصيد شركة "غازبروم" الروسية، لذلك تحتاج المسألة إلى تشاورات مع موسكو. وعلى الرغم من أنني متأكد من أن تنفيذ المشروع يفي بمصالح موسكو، حيث أن كفاءة خط أنابيب الغاز بين إيران وأرمينيا منخفضة للغاية.
كما يدعي الخبير من يريفان أن جورجيا أيضا تنوي الحصول على الغاز الإيراني. ولكن لم تتمكن من تحقيق نيتها هذه اساساً بسبب انسحبت الولايات المتحدة من المعاهدة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وتشديد العقوبات على إيران في خريف عام 2018. يحد ملف العقوبات من مشاريع الطاقة الإيرانية. تعمل جورجيا كقوة جيوسياسية تايعة للولايات المتحدة منفذة مصالحها في المنطقة، بحيث يمكن أن تؤثر العقوبات على نفوذها وتقيد نواياها في التكامل. ولكن من الناحية الاقتصادية البحتة، فإن جورجيا مهتمة بتلقي الغاز، وليس فقط من إيران، كذلك من أجل تقليل اعتمادها على أذربيجان وضمان التنويع.
لقد فقدت جورجيا على مر السنين موارد تنويعها، وحتى التغييرات الضئيلة في الرسوم في خطط SOCAR يمكن أن تقود الاقتصاد الجورجي إلى اضطرابات خطيرة.
يقول دافتيان أيضاً إنه "تراجعت جورجيا عن هذه النية، على الرغم من الاتفاق ومن تأسيس شركة مساهمة رسمية بالفعل في أرمينيا، والتي كان من المفترض أن تحقق النقل. في ذلك الوقت صرح وزير الطاقة الجورجي كاخا كالادزه أن الغاز الأذربيجاني يكفي لجورجيا. وهذا ربما بسبب أن تكون سياسة أذربيجان السعرية مريحة بالنسبة لجورجيا، وكما هناك العامل الروسي: إذا كانت روسيا في وقت سابق تغطي سعر عبور لغازها إلى أرمينيا بتوريد 10% من الغاز العابر لجورجيا، ولكن في عام عرضت موسكو 2016 إعادة النظر في هذه السياسة والدفع بالروبل. لم تلب هذه السياسة مصالح جورجيا، حيث تم تغيير قيمة الروبل فس ذلك الحين، إضافة إلى أن المعارضة فالجورجية كانت ضد الصفقة مع موسكو. الآن تغير الوضع، والحكومة الجورجية توكد على الحاجة إلى التنويع، بما في ذلك من خلال شراء الغاز الروسي".
وكما هو معروف، إن رغبة جورجيا الطبيعية في تنويع إمدادات الغاز لا تتحقق لعدد من الأسباب الاقتصادية والنقلية الموضوعية. هناك أيضا أسباب سياسية: روسيا تحتل أراضي جورجيا، وبالتالي يعتبر الجورجيين شراء الغاز الروسي مشكلة سياسية للاعتماد من جديد على الكرملين. وترفض المعارضة في جورجيا مثل هذا المشروع.
يواصل دافتيان تصريحاته بتطرق لمسألة أمن الطاقة في أوروبا، ويعتبر ممر الغاز الجنوبي من أذربيجان وجورجيا وتركيا إلى أوروبا في المقام الأول كبديل لمشروع نقل الغاز الروسي، على الرغم من أن قدرته للنقل متواضعة جداً. بالإضافة إلى ذلك، من غير المحتمل أن تسمح العقوبات الدولية للشركات الأوروبية الكبيرة بالدخول في صفقة مع إيران. وأضاف أنه في الوقت نفسه، حتى إذا لم يتم الإعلان عنه رسميا، فإن المحادثة وراء الكواليس ستجري بالتأكيد، خاصة وأن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تطور آلية للتحايل على العقوبات ضد إيران.
وبالتالي، في المستقبل القريب، لن يتدفق الغاز الإيراني عبر أرمينيا إلى جورجيا، بل وإلى أوروبا بشكل أخص. يمكن لأرمينيا أن تأمل في منظور طويل الأجل، وهو أيضًا أمر غامض للغاية.