فشلت كل الجهود الأميركية خلال الأيام الماضية في الضغط على منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك والدول المنتجة للنفط المتحالفة معها للعدول عن خطط المنظمة في خفض إنتاج النفط. وأعلنت المنظمة، في اجتماعات أوبك وأوبك+ بفيينا خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، أي 2% من إمدادات النفط العالمية؛ وهو ما يعني أكبر خفض في إنتاج النفط منذ بداية تفشي وباء كورونا قبل عامين.
وسيكون خفض الإنتاج بمثابة ضربة قاصمة للرئيس الأمريكي جو بايدن، في توقيت حرج، حيث سيتسبب خفض الإنتاج في ارتفاع أسعار البنزين والغاز، قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الثامن من شهر نوفمبر المقبل. ومن المعروف أن منظمة أوبك التي تضم 13 دولة منتجة للنفط ومنظمة «أوبك+» التي تضم 11 دولة أخرى، تسيطران على ما يقدر بنحو 80% من احتياطات النفط المؤكدة في العالم.
وألمحت شبكة «سي إن إن» إلى أن كبار المسئولين في وزارتي الطاقة والخارجية بإدارة بايدن تحدثوا بشكل مكثف خلال الأيام الماضية لحث الدول الأعضاء في منظمة أوبك ضد التصويت لخفض إنتاج النفط، وأن فشل المحادثات قد أصاب المسئولين في البيت الأبيض بحالة من الهلع والغضب؛ لأن خفض الإنتاج يعدّ كارثة محتملة قبل إجراء الانتخابات النصفية.
وفي بيان غاضب، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وبراين ديس، مدير المجلس الاقتصادي بالبيت الأبيض، إن الرئيس بايدن يشعر بخيبة أمل بسبب قرار منظمة أوبك خفض الإنتاج، ووصفا القرار بأنه قصير النظر ويأتي في وقت يتعامل فيه الاقتصاد العالمي مع التأثيرات السلبية المستمرة للعدوان الروسي على أوكرانيا. وقال البيان، إن القرار سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار الطاقة.
وحاول البيان إظهار جهود بايدن في خفض أسعار البنزين خلال الأشهر الماضية، ملقياً باللوم على احتمالات ارتفاع الأسعار مرة أخرى على قرار المنظمة. وأشار البيان إلى أن بايدن أمر وزارة الطاقة بإصدار 10 ملايين برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي إلى الأسواق الشهر المقبل ومواصلة إصدار المزيد من احتياطي البترول الاستراتيجي وقفا للحاجة ولحماية المستهلكين الأمريكيين. ولفت البيان إلى أن بايدن سيتشاور مع أعضاء الكونجرس للبحث عن أدوات إضافية لتقليل سيطرة منظمة أوبك على أسعار الطاقة.
ودعا بايدن شركات الطاقة الأمريكية إلى خفض أسعار البنزين وسد الفجوة بين أسعار البنزين بالجملة وبالتجزئة، كما أشار إلى أن قرار المنظمة يعدّ حافزاً للتأكيد على أهمية تقليل الولايات المتحدة من اعتمادها على المصادر الأجنبية للوقود الأحفوري والتوجه بشكل أكبر إلى تسريع ضخ الاستثمارات في الطاقة النظيفة.
وزار بايدن المملكة العربية السعودية في يوليو الماضي لمناشدة القادة والمسئولين بالمملكة على زيادة إنتاج النفط، وبالفعل أعلنت الرياض زيادة الإنتاج، لكن الزيادة كانت أقل بكثير مما طلبته الولايات المتحدة.
ويقول المحللون، إنه من غير الواضح مدى التأثير الفوري لقرار أوبك خفض الإنتاج على أسعار الغاز في الداخل الأمريكي، لكنهم أكدوا أن أي ارتفاع في أسعار البنزين والغاز خلال الأسابيع المقبلة سيشكل مشكلة لبايدن والديمقراطيين، وسيكون ورقة قوية في يد الجمهوريين لتوجيه الانتقادات لسياسات بايدن الاقتصادية والتأثير على توجهات الناخب الأمريكي.
كان الرئيس بايدن وفريقه قد أعلنوا في الأسابيع الأخيرة عن انخفاض مطرد في أسعار الغاز من أعلى مستوياتها في الصيف بأكثر من 5 دولارات للجالون، لكن الأسعار بدأت في الارتفاع مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة.