قام وفد من المسئولين ورجال الأعمال السعوديين برئاسة أحمد علي الدخيل، رئيس مجلس الأعمال الأذربيجاني السعودي، بزيارة إلي أذربيجان في 12 يونيو 2023، وذلك للمشاركة في الاجتماع الثاني للمجلس، الذي عقد في العاصمة باكو.
وعقد الوفد برئاسة أحمد علي الدخيل، علي هامش الزيارة عدداً من الاجتماعات مع رئيس مجلس إدارة وكالة تنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة التابعة لوزارة الاقتصاد، الرئيس المشارك لشركة أذربيجان السعودية المشتركة أورخان محمدوف، ووزير المالية سمير شريفوف، ووزير الزراعة مجنون محمدوف.
وتعليقاً علي هذه الزيارة التي قام بها الوفد الاقتصادي السعودي، واللقاءات التي أجراءها في أذربيجان، قال المحلل الإقتصادي، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة القاهرة والاقتصادي الرئيسي بمركز كنتيون للاستشارات بالعاصمة السعودية الرياض، أشرف سمير أنور أحمد، في تحليل له لموقع "إيدنيوز" عن التعاون في اتجاه توسيع العلاقات التجارية وتنفيذ المشاريع الاستثمارية بين البلدين والخطوات التي يمكن اتخاذها لتوسيع العلاقات بين رجال الأعمال في كلا البلدين واهتمام المستثمرين السعوديين بالمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار ومجالات الطاقة المتجددة في الأراضي المحررة من الاحتلال وآفاق التعاون في مجال الزراعة بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية.
ما هي الخطوات التي قد يتم اتخذاها لتوسيع العلاقات بين رجال الأعمال في كل من أذربيجان والمملكة العربية السعودية؟
استمراراً لجهود توطيد العلاقات الرسمية بين جمهورية آذربيجان والمملكة العربية السعودية منذ عام 1994م، فإن الدولتين تسعيان لتعظيم المكاسب التجارية المشتركة من خلال تنسيق السياسات والإستراتيجيات التجارية لتوفير بيئة مواتية لنمو أعمال قطاع الأعمال. ويآتي هذا في ظل ما تتمتع به الدولتين من موارد اقتصادية متنوعة وبنية تحتية اجتماعية واقتصادية قوية.
وعلىه، نلاحظ ان هناك فرص تجارية واعدة في مجالات السياحة والخدمات والاستثمار. في هذا الصدد، نلاحظ ضرورة تبني عدد من الخطوات لتسريع وتيرة التعاون التجاري بين الدولتين، لعل أبرزها:
تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية الموقعة بين الدولتين في مجالات الاستثمار والتقنية والتجارة. فعلى الرغم من أحتواء تلك الاتفاقيات على عدد من البنود التي تنطوي على فرص اقتصادية كبيرة لرجال الأعمال في كلا الدولتين، إلا أنها، حتى وقتنا الحالي، لم يتم تفعيلها بشكل جيد وعلى النحو المخطط لها بما يحقق المكاسب الاقتصادية المشتركة.
ضرورة التركيز في إطار التعاون الثنائي على تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة، وعلى رأسها قطاعي الطاقة المتجددة البديلة وقطاع السياحة. فكلا الدولتين يضعان على رأس اولوياتهم الوطنية تحقيق التنويع الاقتصادي كمركز للنمو المستدام من خلال زيادة القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية غير النفطية. وهنا يبرز أهمية أعطاء الأولوية لقطاعات الطاقة المتجددة البديلة، والمتثلة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والسياحة وخاصة في ظل ما تتمتع به الدولتين من وجهات سياحية متنوعة ومعدلات نمو قطاعي مرتفعة خاصة خلال السنوات القليلة الماضية؛ وباعتبار تلك القطاعات قنوات للتعاون وخاصة في ظل تضمين تلك القطاعات بالرؤي التنموية طويلة الآجل للدولتين: "رؤية السعودية 2030" و"أجندة أذربيجان 2030".
تفعيل دور الاتفاقيات الخاصة بالاستثمار لجذب المشروعات التنموية المستقبلية التي يقودها القطاع الخاص بكلا الدولتين وخاصة في مجالات أمن الطاقة وتنمية الاقتصاد الرقمي. ويتطلب ذلك تحقيق التنسيق المشترك لدعم مبادرات زيادة الاستثمارات المباشرة المشتركة بكلا الدولتين والسماح بعقد مؤتمرات اقتصادية علي المستوى الوطني لطرح مجالات التعاون وابرزها: تعزيز عمل الشركات الناشئة في مجالات التقنية والتنمية الصناعية والبناء والتشييد والتجارة والاتصالات والزراعة.
هل يهتم المستثمرون السعوديون بالمشاركة في أعمال إعادة التأهيل والإعمار في قراباغ وزانجازور الشرقية؟
يُعد الاسراع في خطط أعمار وإعادة التأهيل في قراباغ وزانجازور الشرقية أحد اولويات حكومة أذربيجان وذلك من خلال العمل على تطوير البنية التحتية من الكهرباء وأنابيب المياه وتأهيل المناطق السكنية في إنتظار عودة الحياة إلي طبيعتها. وتتوافر بإذربيجان فرص استثمارية واعدة بمناطق قراباغ وزانجازور الشرقية تعطي عوائد استثمارية كبيرة لكل الشركات المشاركة وخاصة في ظل جاذبية بيئة الاستثمار بأذربيجان وضمان حقوق المستثمر الاجنبي وفقا لمبدأ المعاملة الوطنية. ويمكن من خلال الروابط الثنائية المشتركة بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية توفير قنوات جذب رئيسية للمستثمرين السعوديين للمشاركة في خطط إعادة بناء وتأهيل وإعمار الأراضي المحررة بما يعود بالنفع على الدولتين. وهنا نرصد مجالين رئيسيين أمام الاستثمارات السعودية، وهما: مجال البنية التحتية ويشمل الكهرباء والنقل والاتصالات ومجال العقارات. ونلاحظ اهتمام المستثمرين السعوديون بالاستثمارات الخارجية في تلك المجالات نظرا لتمتع المستثمرين السعوديين بالملاءة المالية التي تتطلبها الاستثمارات في تلك القطاعات والخبرات الفنية اللازمة.
تتمتع المناطق المحررة في أذربيجان بإمكانيات كبيرة في مجال الطاقة. وتقوم شركة "مصدر" الإماراتية باستثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة الخضراء في تلك المناطق. ما هي الشركات السعودية التي يمكنها الانضمام إلى مشاريع الطاقة الخضراء في قراباغ؟
تتوافر فرص اقتصادية كبيرة للأراضي المحررة في أذربيجان ولعل ابرزها مجال الطاقة الخضراء. ويآتي ذلك ضمن جهود أذربيجان لمواجهة تغير المناخ العالمي من خلال تشجيع استخدام مصادر الطاقة النظيفة وتقديم حوافز للشركات الناشئة العاملة في مجال تطبيقات التقنيات النظيفة ضمن محور "النمو الأخضر" بوثيقة الأولويات الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بأجندة أذربيجان 2030. ويتواجد بالمملكة العربية السعودية عدد كبير من الشركات التي تدعم مشروعات الطاقة الخضراء، سواء محلياً أو عالمياً، خاصة في ظل توجه المملكة لزيادة لاستثمارات الخضراء. ومن ابرز تلك الشركات: (1) شركة أرامكو والتي تعمل في الآونة الاخيرة -ضمن خططها للاستدامة- على التحول لقطاع الطاقة المتجددة والنظيفة بإنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء؛ (2) شركة نيوم للهديروجين، وهي أحد ابرز الشركات السعودية والتي تعمل في الآونة الأخيرة على بناء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم بتكلفة تقدر بنحو 8.4 مليار دولار لإنتاج الأمونيا الخضراء على نطاق واسع بحلول عام 2026؛ (3) شركة "أكوا باور السعودية" والتي تعد أحد ابرز الشركات السعودية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة وتعمل حالياً على توسعة استثماراتها الخارجية في مشروعات الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الاخضر.
كيف تحصل المملكة بشكل أساسي على احتياجاتها من المنتجات الزراعية؟ وهل هناك فرص لتصدير منتجات الفاكهة والخضروات من أذربيجان إلى أسواق المملكة العربية السعودية؟
من خلال التنسيق بين الدولتين يمكن استغلال قدرات اذربيجان في مجال الاستثمار الزراعي وحاجة المملكة العربية السعودية للمنتجات الزراعية المتنوعة مثل منتجات الفاكهة والخضروات وغيرها من المنتجات الغذائية. ووفقاً لبيانات البنك الدولي وهيئة الغذاء والدواء السعودية (SFDA)، تشكل الواردات من المنتجات الغذائية ما يقرب من 15% من إجمالي واردات السلع للمملكة العربية السعودية؛ حيث تشكل نحو 80 بالمائة من احتياجاتها الغذائية والتي تحصل عليها من نحو 157 دول أجنبية. وبحسب البنك الدولي، فتشمل أبرز الدول الشريكة التي تستورد المملكة العربية السعودية منها المنتجات الغذائية: الإمارات العربية المتحدة والبرازيل والولايات المتحدة وتركيا وأيرلندا.
وتمثل فجوة المنتجات الغذائية بالمملكة العربية السعودية، فرصة اقتصادية كبيرة لأذربيجان، حيث تتوافر قناتين لتحقيق ذلك: الاولي، من خلال إتاحة الفرصة لمزيد من الاستثمارات المباشرة السعودية بأذربيجان في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، خاصة في ظل اهتمام المملكة بالاستثمارات الخارجية في تلك المجالات. والثانية، من خلال تشجيع صادرات أذربيجان من المنتجات الزراعية إلي المملكة العربية السعودية لسد حاجات السعودية منها. وفي الوقت الراهن، تستورد السعودية اصناف محددة من المنتجات الغذائية ذات المنشآ الأذربيجاني ومنها، بحسب الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، اللحوم ومنتجاتها (الأبقار والأغنام) والأسماك. ويحتاج زيادة نمو الصادارت الغذائية والزراعية إلي السوق السعودي، زيادة عدد منشآت أذربيجان المعتمدة للسماح بتصدير تلك المنتجات وفقاً لمعايير الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية.
تورا زينال