قال السفير القطري في تركيا سالم بن مبارك آل شافي، إنه ليس هناك أي مبرر للتخوّف من العلاقات الدفاعية المشتركة بين بلاده وتركيا، مؤكدا أنهم قادرون على تحمّل الحصار المفروض، خاصة وأن أمريكا أصبحت ترفض إجراءات الحصار.
واعتبر السفير القطري، في حوار مع الأناضول، مطالبة دول الحصار بإغلاق القاعدة التركية في بلاده بأنه "غير منطقي"، قائلا: "بعض الدول إنفاقها الدفاعي يكاد يساوي إنفاق دول نووية كبرى مصنّعة للسلاح كروسيا، ومع ذلك فهي غير قادرة على التعامل بمفردها مع بعض الحالات التي تهدد أمنها، وتضطر الى الاستعانة بحلفاء، وهذا أمر طبيعي، لكنّهم يريدون منّا في المقابل أن نقطع علاقاتنا الدفاعية مع تركيا، وهذا أمر غير منطقي بطبيعة الحال".
وأضاف "ليس هناك أي سبب وجيه أو مبرر للتخوّف من علاقاتنا الدفاعية المشتركة (مع تركيا)، وليس هناك لأحد الحق في أن يتدخل بها أو أن يعلّق عليها، سواء تسارعت أو تباطأت أو كبرت أو صغرت".
وتابع "هذا شأن سيادي يتعلق بالبلدين. وكما سبق وذكرت، لا يوجد مبررات لإثارة زوبعة حول الموضوع، إلا إذا كان هناك نوايا غير سليمة لدى بعض الدول الإقليمية تدفعها لأن تنظر إلى مثل هذا التعاون بين قطر وتركيا على أنّه عائق أمامها، ونأمل أن نكون مخطئين في هذا الصدد".
السفير بن مبارك، أوضح أن قطر لديها "تعاون دفاعي مع عدد من الدول في المنطقة وحول العالم، ولا نرى أي مانع من أن يكون هناك تعاون دفاعي مع تركيا. بل على العكس، الظروف التي تمر بها المنطقة تفرض علينا أن نتعاون بشكل مكثّف وفعّال في هذا المجال".
وأشار إلى أن التعاون الدفاعي القطري مع تركيا "يعود لسنوات إلى الوراء ويستند بشكل أساسي إلى الاتفاقيات الدفاعية الثنائية التي تمّ التوقيع عليها بين البلدين لاسيما تلك التي جرى التوقيع عليها منذ 2014".
وفي هذا السياق، نوه السفير القطري بالتعاون الدفاعي مع تركيا، ووصفه بأنه "جيّد للغاية، لكن سقف طموح البلدين أكبر، ولذلك نسعى الى تطويره وتمتينه من خلال العمل الدؤوب لوزير الدولة لشؤون الدفاع خالد العطيّة، ونظيره التركي فكري إيشيق، ولوزارتي الدفاع في البلدين وكذلك للمؤسسات الرسمية والخاصة ذات الصلة".
واعتبر أن هذا التعاون "شأنه شأن التعاون الدفاعي مع دول أخرى صديقة كالولايات المتحدة، الهدف منه تطوير قدراتنا الذاتية التي لا تزال متواضعة جداً مقارنة بغيرنا، وتأمين الأمن القومي للبلاد، في ظل المخاطر والتهديدات التي تأتي من جهات مختلفة، والمساعدة على محاربة ومكافحة الإرهاب، وهذه كلها أمور تصب في صالح أمن واستقرار بلدنا والمنطقة".
وبخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، أشار السفير القطري إلى أنه "في بداية الأزمة كان هناك تشويش على الإدارة الأمريكية، لكن الموقف أصبح متوازنا شيئا فشيئا، والآن واشنطن ترفض إجراءات دول الحصار، وتطالب كذلك بمطالب واقعية وقابلة للتنفيذ، وتدعو إلى دعم الوسيط الكويتي وإلى الحوار والتفاوض لحل الأزمة".
واعتبر المواقف الأمريكية الأخيرة من الأزمة الخليجية "متطابقة تماما مع موقفنا الرسمي، ومواقف عدد كبير من دول العالم كألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وروسيا وتركيا وباكستان وغيرها من الدول".
ولفت إلى أن "هذه المواقف تعني أنّ من يحاول فرض حصار علينا، يقوم بعزل نفسه عن المجتمع الدولي شيئا فشيئا".
وأشار إلى أن "علاقاتنا مع الولايات المتّحدة علاقات قوية ومتينة وقادرة على الصمود في وجه التحديات".
وأضاف لدينا شراكة راسخة في عدد من المجالات أهمّها في مجال مكافحة الإرهاب، وأعرب كبار المسؤولين في هذه الإدارة (الأمريكية) عن تقديرهم للعلاقة الاستراتيجية مع قطر، بما في ذلك دعمنا للتحالف الدولي ضد داعش، من خلال قاعدة العُديد، التي نحتضنها، وهي أكبر قاعدة أمريكية لمكافحة الإرهاب في المنطقة برمّتها".
واستطرد قائلا: "علينا أن لا ننسى أنّنا احتضنا هذه القاعدة عندما فضّل آخرون التخلي عنها وطلبوا من القوات الأمريكية المغادرة، وهذا يدل على أنّنا شريك يحظى بالمصداقية المطلوبة وبالاستقرار المطلوب داخليا، وكذلك في عملية صنع القرار، على عكس الدول الأخرى".
وأضاف "الإدارة الأمريكية أشادت بالعلاقة مع قطر، وكذلك الأمر خلال لقاء كل من وزير الدفاع (جيمس ماتيس)، ووزير الخارجية (ريكس تيليسون)، بسمو الأمير (تميم بن حمد آل ثاني)، ولهذا تقوم الولايات المتّحدة بتزويدنا بأسلحة متطورة مؤخراً، فهذا لا يمكن أن يتم إذا كنّا ندعم الإرهاب فعلا كما يدّعون".
وأكد السفير القطري أن "علاقاتنا مع واشنطن، غير قابلة للتخريب من قبل سفير هنا أو هناك، أو من قبل لوبي هنا أو هناك".
وعن الأسباب الحقيقية وراء فرض الحصار على قطر، قال السفير "نحن كما غيرنا من دول العالم، محتارون حقيقةً فيما يتعلق بالسبب الحقيقي الذي دفع دول الحصار الى اختلاق هذه الأزمة. هناك الكثير من الذرائع التي يلقونها في الإعلام، وكلها متضاربة ومتناقضة، تارة حول مزاعم تتعلق بدعم الإرهاب، وطورا حول ما يقولون أنّه تراكم لخلافات تعود الى 20 عاماً إلى الوراء".
وأضاف "يدّعون أنّ الأمر يتعلق بالأمن القومي، وعندما تراجع ما يسمى قائمة المطالب تجد أمورا تتعلق بإغلاق موقع إلكتروني هنا أو موقع إخباري هناك. يقولون أنّ المستهدف هو إيران وميليشياتها ثم يطالبون بقطع علاقتنا الدفاعية مع تركيا. يقولون إنّ التراكمات تعود إلى 20 سنة ثم يدرجون أمورا وُجدت خلال الأزمة في أقل من 20 يوما".
واعتبر أن هذا الأمر "ليس سلوكاً ناضجاً بالتأكيد، ويدل على حالة تخبّط، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمّل مثل هذا العبث طويلاً. نحن نرى الآن بشكل واضح انّ الهدف هو إخضاع قطر من خلال الحصار، وفرض الوصاية عليها من خلال لائحة المطالب".
وتابع "هناك من يقول أنّ لا حصار على قطر، وأنّ الحصار يتم فقط بقرارات الأمم المتحدة. هذا الكلام غير صحيح بطبيعة الحال، وأبرز مثال على ذلك الحصار المزمن الذي تفرضه اسرائيل على الفلسطينين في غزة،