نشرت صحيفة " The USA Tribune " الأمريكية مقال معلقها السياسي روبرت غوروفيتسي تحت عنوان" المبارزة الكلامية في ميونيخ و"مسدس" الفائز فيها" المكرس للنقاشات حول قضية قراباغ الجبلية بمشاركة رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف ورئيس الوزراء لأرمينيا نيكول باشينيان في إطار مؤتمر ميونيخ الأمني.
يشير الكاتب إلى أن الكل يعرف من الكتب المدرسية في التاريخ والأدب الأوروبي أن الطرفين المعاديين يحتاجان إلى المواجهة المسلحة أي المبارزة لحماية شرفهما وكرامتهما. كشكل من أشكال العرض، عثر على المبارزة في العديد من الثقافات، بما في ذلك في الغرب الوحشي للقارة الأمريكية. في العالم الحديث، تتجلى المبارزة في العلاقات الدولية ولكن ليست في شكل مواجهة مسلحة، ولكن في شكل مواجهة كلامية. وهذا العامل أقوى.
يعد مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومنتدى دافوس ومؤتمر ميونيخ الحالي وغيرها من المنصات أفضل ساحة لمبارزة كلامية في العالم الحديث لقادة البلدان لعرض موقفهم وتفوقهم. يعقد مؤتمر ميونيخ الأمني كحدث دولي للسياسة الأمنية بانتظام على مدار 60 عاماً ماضياً.
كان المؤتمر الأمني المنعقد ميونيخ في الفترة من 14 إلى 16 فبراير من هذا العام مثيراً للاهتمام للمحللين السياسيين من الاتحاد السوفيتي السابق. وهكذا، فإن القضايا الأمنية، خاصة تلك التي وقعت في الساحة السوفيتية السابقة، كانت في صدارة الاهتمام. كان أحد مواضيع النقاش الهامة للمؤتمر حول "التقدم في تسوية نزاع قراباغ الجبلية". ظهر زعيما أرمينيا وأذربيجان على خشبة المسرح لمناقشة الصراع المتواصل منذ 30 عاماً في جنوب القوقاز.
يشير المؤلف إلى أن كلاً من زعيمي البلدين قدّم روايته الخاصة عن تاريخ قراباغ إلى الحضور. ويقول: "كان الزعيم الأرميني يبحث عن مكاسب في كل شيء وكرر الحجج المنهكة بالفعل، وزعم أن الأرمن هم السكان الأصليين لجنوب القوقاز أن منطقة قراباغ الجبلية جزء من أرمينيا".
كانت الحجة الرئيسية لنيكول باشينا هي كأن قراباغ الجبلية أولاً سلمت في الأصل من قبل مكتب القوقاز إلى أرمينيا في عام 1921، ولكن ألغى جوزيف ستالين هذا القرار لصالح أذربيجان. يدعي الزعيم الأرميني أن ستالين توصل إلى اتفاق مع لينين وأتاتورك بشأن نقل قراباغ إلى أذربيجان. يشير المؤلف إلى أن مكتب القوقاز الذي كان العرق الأرمني يتغلب عليه، أراد أصلاً نقل قراباغ الجبلية إلى أرمينيا، ولكن ألغي هذا القرار في 5 يوليو 1921 ، نظراً لأن المنطقة كانت تعتمد اعتماداً كبيرا على أذربيجان أكثر مما على أرمينيا. في الواقع، تستخدم في نص القرار كلمة "يجب إبقائها" فيما يتعلق بقراباغ وأذربيجان: "بالنظر إلى الحاجة في السلام بين المسلمين والأرمن والعلاقات الاقتصادية بين قراباغ السهلية و قراباغ الجبلية، يجب أن تبقي مقاطعة قراباغ الجبلية المتمتعة بالحكم الذاتي داخل أذربيجان ومنحها باستقلالية إقليمية واسعة مع إعلان مدينة شوشا عاصمة لها ". هذا يعني أن قراباغ كانت بالفعل جزءاً من أذربيجان وقرر مكتب القوقاز بالبساطة عدم تسليمها إلى أرمينيا ولكن إبقائها ضمن أذربيجان.
ثم يشير روبرت غوروفيتسي إلى أن باشينيان بدأ النقاش حول القانون الدولي الذي ليس لديه أي فكرة عنه. صرح الزعيم الأرمني أنه إذا كانت أذربيجان تحترم وحدة أراضي الاتحاد السوفيتي، فلن تكون دولة مستقلة. إذا فعلت أذربيجان ذلك، فعليها أيضاً احترام تقرير مصير قراباغ الجبلية، لأنه بحسب الزعيم الأرمني، فإن أرمن قراباغ الجبلية قد استوفوا حقوقهم التي استخدمها الأذربيجانيون - تركوا الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك ، كما يشير المحلل السياسي، فإن رئيس الوزراء الأرميني لا يعرف سوى القليل عن القانون الدولي، ولا يعرف أن قراباغ الجبلية جزء لا يتجزأ عن جمهورية أذربيجان السوفياتية الاشتراكية ولا يحق لقراباغ الجبلية أن تتخذ أي قرار عن الاستقلال أو الانضمام إلى أرمينيا بصورة مستقلة دون الرجوع إلى دستور الاتحاد السوفيتي ودستور جمهورية أذربيجان السوفياتية الاشتراكية على حد سواء. لكن هذا لم يحدث، ورفضت الهيئات التشريعية لاتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية وجمهورية أذربيجان السوفياتية الاشتراكية نقل قراباغ الجبلبة إلى أرمينيا.
ثم يكتب المؤلف أن باشينيان اعتمد خيارات فاشلة عند مناقشة القرارات الأربعة لمجلس الأمن الدولي بشأن نزاع قراباغ الجبلبة. ادعى الزعيم الأرميني أن مجلس الأمن الدولي طالب بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار لأن أذربيجان انتهكت هذه القواعد وفقدت أراضيها. في الواقع، وكما أشار إلهام علييف، فإن قرارات مجلس الأمن رقم 822 و853 و874 و884 تطلب وقف العدوان العسكري لأرمينيا والانسحاب الفوري وغير المشروط لقواتها من الأراضي الأذربيجانية المحتلة، وكذلك إعادة توطين جميع النازحين داخلياً في أراضيهم ودعا الرئيس علييف المجتمع الدولي، وخاصة مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى زيادة الضغط على أرمينيا للتخلي عن موقفها غير البناء.
كما جاء في المقال أيضاً أن نيكول باشينيان عبر عن رغبته في مشاركة النظام المصطنع الذي صنعته أرمينيا في قراباغ الجبلبة في المفاوضات. حتى أنه وصف اقتراحه بأنه "ميكروثورة" أي ثورة صغيرة وقدمه للحضور كشيء جديد. في الواقع، فإن تواجد الانفصاليين الأرمن وراء طاولة المفاوضات هو جهود أرمينيا على مدى السنوات العشرين الماضية. ومع ذلك، فإن أذربيجان ترفض الصيغة الثلاثية لمجرد أنها تستند إلى صيغة طرفين رئيسيين (أرمينيا وأذربيجان)، وهناك أيضاً طرفان من أصحاب المصلحة – الطائفة الأرمنية والطائفة الأذربيجانية في قراباغ الجبلبة . تجدر الإشارة إلى أن النظام العسكري الأرمني الذي أنشأته يريفان في خانكيندي (ستيباناكيرت) ليس له أي شرعية لأنه نفذ عمليات التطهير العرقي ضد الطائفة الأذربيجانية في قراباغ خلال الحرب.
يشير المؤلف إلى أن باشينيان، دون أن يدرك ذلك، أكد أن الجنود الأرمن يخدمون في الأراضي المحتلة لأذربيجان. صرح صراحة أن ابنه كان في الجيش في قراباغ الجبلبة، وبالتالي كشف مزاعم الدعاية الأرمنية بأن الأرمن في قراباغ يضمنون أمنهم بواسطة "جيش الدفاع عن النفس".
في نهاية المقال، كتب روبرت غوروفيتسي : "لقد فشل باشينيان في "المبارزة الكلامية" لأنه أصيب بجروح خطيرة من تصريحات علييف وتلقى ضربة كبيرة وبسبب عجزه عن تقديم حجج قائمة على الأدلة."
مكتب أذرتاج في واشنطن