أيام وتبدأ مناسك الحج للعام 2017 ، تلبية لقول الله تعالى: (وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا).
غير أن المراقب لمجريات الحج ابتداء من الحصول على التأشيرة للحج وانتهاء بأداء المناسك وما يتخللها من مراحل اجرائية وادارية ، جعلت من هذه المناسك أحجية يصعب على المراقب للمشهد فك تشفيرها.
بدأت المشاهدات منذ يوم الاحد 20 / 8 / 2017 من عمان ، لحظة الانطلاق الى المدينة المنورة والاقامة فيها نحو 3 أيام، ومن ثم الوصول الى مكة المكرمة.. وبدأت التناقضات تطفو على السطح ، ليتحول الحج في نظر الاردنيين الى «احجية» .
وخلال زيارات ميدانية للبعثة الاعلامية الاردنية لمساكن الحجاج الاردنيين في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة برزت هذه الاحجية بشكل واضح ، اذ يدخل المراقب في نزاع وجداني مع الذات للوقوف على الحقيقة وعرضها عبر وسائل الاعلام بكل صدقية وموضوعية ، اذا ما علمنا ان المراقب يعكس الصورة من بقعة طاهرة في وقت لا رفث ولا جدال فيه .
وبكل صدقية وشفافية ، الحجاج في المسكن الواحد يتفاوتون في الاراء حول مستوى جودة الخدمات المقدمة ، فمنهم من يحلف بالله في ارض الله الطاهرة ان الخدمات على احسن ما يرام ، ليقاطعه آخر بالقول « ان الخدمات لا تعادل المبلغ الذي تكبده الحاج لخوض غمار رحلة الحج»، .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل تعداه الى كيل التهم بـ «الخوف من وزير الاوقاف « أو «الدفاع عن احدى شركات الحج والعمرة» وانتهاء بقول احد الحجاج لمسؤول في الاوقاف خلال أحدى جولاته «سأدعو عليك» فما كان من المسؤول الا ان قال»اذا كنت قد ظلمتك إدعي».
غير أن المشهد العام ان مستوى الخدمات الفندقية المقدمة لحجاج المملكة وعرب 48 لهذا الموسم ليست بالرديئة الى هذا الحد ، «حد الدعوى على المسؤول « ، فالجهود المبذولة للارتقاء بالحج لا يستهان ، فمن شقق مفروشة يشترك فيها اكثر من 12 حاج على «حمَام» واحد الى غرف فندقية زوجية وثلاثية ورباعية مخدومة بحمام داخلي ، الى مطاعم في الفندق تقدم وجبتي اعاشة صباحية ومسائية ، مع وجود تفاوت في حالة الرضى عن نوعية الوجبات المقدمة ، الى تفاوت في حالة الرضى عن بعد تلك الفنادق عن الحرم المكي وسط تأكيدات وزير الاوقاف الدكتور وائل عربيات ان أي مسكن من تلك الفنادق يبعد عن بلاط الحرم من 1500 - 2000 متر.
ومن مسؤولية الوزارة عن نحو 7000 حاج اردني و4500 حاج من عرب 48 ، تدخل الوزارة في نفق مظلم حول مصير نحو 5000 حاج اردني يأتون على عاتقهم من خلال تأشيرات مباشرة من السفارة السعودية في الاردن ( الفرادى ).
فهؤلاء يعانون الأمرين ، فمن مكوث بالأيام على الحدود ، الى عدم التزام الشركات الناقلة لهم بالتعليمات والشروط «غياب معاون السائق مثلا» الى ايصالهم لمكة المكرمة وتنزيلهم على جنبات الطرق بلا مأوى.
وهنا تبدأ الشكاوى بالوصول الى مدير دائرة الحج والعمرة المهندس مجدي البطوش، « نحن مواطنون في شوارع مكة بلا مأوى» الامر الذي يدفع بالقائمين على الحج الى الضغط على الشركات لتأمين المساكن لهم رغم انهم جاءوا فرادى وليس من خلال الوزارة.
احجية الحج الاردني تحتاج الى مزيد من الجهود لفك رموزها ، وقبل كل ذلك لا بد من تعزيز الثقافة الدينية في تحمل مشقة الحج للراغبين بأداء هذه الفريضة بلا رفث ولا فسوق ولا جدال ، وتعزيز المسؤولية المجتمعية والوطنية عند الحاج وشركات الحج والعمرة ووزارة الاوقاف لضمان كافة الاجراءات الادارية والفنية اللازمة للحيلولة دون الوقوع في الخطأ أو الاثم «احيانا» في اطهر بقاع الارض.