بعد عام علي رحيله إسلام كريموف وبناء أوزبكستان الحديثة - حصري

مجتمع 12:00 09.10.2017

          بقلم : أحمد عبده طرابيك 

    Картинки по запросу ‫أحمد عبده طرابيك‬‎

 في نهاية شهر يناير 2018 ، عندما تحل الذكري الثمانون لميلاد الرئيس إسلام كريموف ، يكون قد مر نحو عام وأربعة شهور علي وفاته ، وما بين الميلاد والوفاة التي تبلغ نحو 78 عاما ، قضي إسلام كريموف حياته بكل دأب في خدمة وطنه قبل الاستقلال ، كما ساهم بشكل كبير وفعال في بناء الدولة العصرية لأوزبكستان الحديثة بعد الاستقلال .  

     ولد إسلام عبد الغنيفيتش كريموف في 30 يناير 1938 بمدينة سمرقند ، ودرس الهندسة والاقتصاد ، وعمل مهندسناً في الطيران من عام 1961 إلي عام  1966 ، ثم انضم للحزب الشيوعي السوفيتي ، وتولى بعدها عدداً من المناصب الحكومية ، وفي عام 1989 انتخب أميناً عاماً للحزب الشيوعي خلفا للزعيم رفيق نيشونوف ، وفي 24 مارس 1990 تولي رئاسة جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفيتية ، وفي 31 أغسطس 1991 أعلن استقلال جمهورية أوزبكستان عن الاتحاد السوفيتي ، ودعا لانتخابات رئاسية في 29 ديسمبر 1991 ، فاز فيها بنسبة 86 % . وفي عام 1995 حصل كريموف من خلال استفتاء عام على فترة رئاسية ثانية ، وفي 9 يناير 2000 أعيد انتخابه مرة ثالثة ، وحصل على نسبة 91.9 % ، وفي استفتاء عام 2002 ، تم تمديد فترة ولاية الرئيس من 5 إلى 7 سنوات ( 1 ) .

     في نوفمبر 2007 قبل كريموف ترشيح الحزب الديمقراطي الليبرالي له لفترة رئاسية ثالثة ، وجرت الانتخابات في 23 ديسمبر ، وأظهرت النتائج الرسمية الأولية فوز كريموف بنسبة 88.1 % من الأصوات بنسبة مشاركة وصلت إلى 90.6 ، وراقبت تلك الانتخابات عدد من المراقبين الدوليين المستقلين ، والمنظمات الدولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة ، وأعطت تقييما إيجابيا لها ، وفاز الرئيس إسلام كريموف بفترتي ولاية أخريين عقب انتخابات أجريت في عام 2007 ، وفار الرئيس كريموف في انتخابات مارس 2015 ، قبل أن يتوفي نحو تسعة أشهر في 2 سبتمبر 2016 .      

     في 28 أغسطس 2016 أصيب الرئيس إسلام كريموف بجلطة دماغية نقل علي أثرها إلي المستشفي ، ولكنه فارق الحياة في 2 سبتمبر 2016 ، وبحسب الدستور في أوزبكستان فقد كان مقرراً أن يتولي الرئاسة لفترة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر رئيس البرلمان ، ولكنه اعتذر عن تولي المنصب ، فتم الاتفاق بين مؤسسات الدولة علي أن يتولي الرئاسة خلال الفترة الانتقالية رئيس الوزراء شوكت ميرأمانوفيتش ميرزيوييف ، والذي تم انتخابه بعد انتهاء الفترة الانتقالية في 4 ديسمبر رئيساً لأوزبكستان . 

أوزبكستان المستقلة 

      عقب استقلال أوزبكستان عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، كانت أوزبكستان تمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية ، فعشية الاستقلال ، كان مخزون الدقيق والحبوب لأكثر من عشرين مليون نسمة ، هم سكان البلاد ، يكاد يكفى لأسبوع واحد أو أسبوعين علي أقصي تقدير ، وخلال تلك الظروف الصعبة وضع الرئيس إسلام كريموف  برنامج شامل للتنمية ، عرف فيما بعد باسم " النموذج الأوزبكي " للتنمية ، والذي سرعان ما أصبح معروفاً علي مستوي العالم الخارجي بهذا الاسم ، حيث أصبح معلماً هاماً في تاريخ أوزبكستان المستقلة ( 2 ) . 

     اختارت أوزبكستان مساراً للتنمية منذ استقلالها ، بما يتناسب مع امكانيات البلاد ومواردها الطبيعية والبشرية ، والظروف التي تمر بها خلال فترة التحول الاقتصادي من النظام الاشتراكي إلي اقتصاد السوق والانفتاح علي العالم الخارجي ، وكذلك بما يتوافق مع قيم وتقاليد شعب أوزبكستان الاجتماعية والدينية والثقافية ، خاصة ان البلاد تعتبر بوتقة للقوميات التي يزيد عددها عن 130 قومية دينية وعرقية تتعايش في جو من الود والسلام والاستقرار ( 3 ) .   

      اعتمد النموذج الأوزبكي للتنمية علي عدد من العمليات المتتابعة والمتواصلة علي نطاق واسع شمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ، وكان يهدف في البداية إلي تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي ، خلال السنوات الأولي من الاستقلال ، فيما كانت البلاد تمر بمرحلة جديدة في تاريخها الوطني الحديث ، فقد كانت قاعدة النموذج الوطنى للإصلاح والتنمية ، التى وضعها مؤسس الدولة إسلام كريموف ، آخذاً فى الاعتبار بالقدرات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، وتاريخ الدولة التى أقامها شعب أوزبكستان ، والقيم القومية والخبرات الدولية ، ترتكز إلى خمسة مبادئ جوهرية للانتقال إلى اقتصاد السوق الحر الموجه اجتماعياً ( 4 ) :    

المبدأ الأول : أولوية الاقتصاد عن السياسة ، وذلك بتحرر الاصلاحات الاقتصادية من كافة المسلمات الجامدة والاستراتيجيات التى عفا عليها الزمن ، ولا ينبغى أن تخضع لأى من الأيديولوجيات .   

المبدأ الثانى : الدولة هى القائم الرئيسى على الاصلاح ، وعليها تحديد الأولويات الحيوية ، واتجاهات الاصلاح ومراحله ، ووضع البرامج الحكومية للتنمية وتجسيدها على أرض الواقع .    

المبدأ الثالث : سيادة القانون فى كافة مجالات الحياة فى المجتمع . ينبغى على الجميع دون استثناء ، الالتزام بالدستور والقوانين التى يتم تطبيقها بالوسائل الديمقراطية .  

المبدأ الرابع : انتهاج السياسة الاجتماعية القوية ، مع تطبيق علاقات السوق فى الوقت نفسه ، فمن الضرورى اتخاذ التدابير المؤثرة فى ضمان الحماية الاجتماعية المؤكدة للسكان ، وخاصة الفئات محدودة الدخل ، والأسر متعددة الأبناء ، وذوى المعاشات .   

المبدأ الخامس : يتحقق التحول إلى علاقات السوق من مرحلة لأخرى عبر الطريق الارتقائى ، التدريجى المدروس ، مع الأخذ فى الاعتبار الأوضاع الاقتصادية الموضوعية ( 5 ) .   

     بفضل تحقيق أوزبكستان لنموذجها الخاص فى التحديث والنهضة للمجتمع ، والذى عرف باسم " النموذج الأوزبكى " للتنمية ، وبالتحقيق المتواصل للاصلاحات الواسعة فى كافة المجالات والقطاعات عبر سنوات الاستقلال ، فقد جرى التغيير الجذرى لهيكل الاقتصاد ، وتم إيجاد القاعدة الواعدة لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام ( 6 ) .   

      تقوم أوزبكستان في الوقت الحالي بتصنيع نحو 60 % من حجم الانتاج الصناعي ، وذلك من خلال المصانع التي تم إنشاءها بعد الاستقلال والتي تعتمد علي التقنيات الحديثة ، والتى تقوم بإنتاج السلع القادرة على المنافسة فى الأسواق العالمية ، وتتمتع بالقيمة المضافة المرتفعة ، فقد تم الاهتمام بقطاع صناعة السيارات ، وتصنيع الآلات الزراعية ، والمصاعد الهوائية ، وماكينات جمع القطن ، وتحديث قطاع الالكترونيات ، وتنمية قطاع الصناعات التحويلية للنفط والغاز ، كما ساعد إقامة صندوق إعادة الإعمار والتنمية فى أوزبكستان عام 2006 ، والذى بلغ رأس ماله فى الوقت الراهن 25 مليار دولار ، فى تنفيذ المشروعات الخاصة بالتطوير والتحديث التقني لمعدات القطاعات الأساسية للاقتصاد ، وتنفيذ السياسات الهيكلية والاستثمارية الفعالة .   

     تمثل العامل المحورى المبدئى للإصلاح فى مجال الزراعة ، فى التحول من التخطيط الإدارى ونظام التوزيع إلى نظام العلاقات التى يحكمها السوق ، حيث تم نقل الأراضي الزراعية إلى دائرة المزارع الخاصة التى تم إنشاؤها حديثا ، ونتيجة لتلك الإجراءات تقلصت حصة القطن الكلية بنسبة 7.7 ٪ من حجم الناتج الإجمالى ، فى حين بلغت حصة الحبوب حوالي 9 ٪ ، والفواكه والخضروات 32.4 ٪ ، بينما تجاوزت نسبة المنتجات الحيوانية أكثر من 40٪ من حجم الانتاج الزراعي والحيواني .   

     تم تنفيذ مشاريع واسعة النطاق لتحديث وتطوير البنية التحتية للنقل ، كما تم بناء خطوط السكك الحديدية الجديدة ، والانتهاء من تنفيذ كهربة خطوط السكك الحديدية ، وافتتاح خط قطارات الركاب فائقة السرعة سمرقند - قارشى ، الأمر الذي جعل من الممكن القيام بتنظيم تسيير القطارات الكهربائية فائقة السرعة " أفروسياب " من طشقند إلى قارشى . إلي جانب ذلك يوجد فى أوزبكستان أكثر من عشرين ممراً دوليا للنقل ، اثنان منها يتمثلان فى الطرق الدولية الرئيسة للسيارات التى تربط أوروبا الغربية مع بلدان شرق آسيا ، كما تم إقامة المجمع الأحدث لصيانة الطائرات المصنعة فى الغرب ، وإعادة تأهيل المطارات ، وتحسين نظم الملاحة فوق كامل أراضى أوزبكستان ، والتى جرى الاعتراف بها باعتبارها واحدة من أفضل نظم المراقبة للملاحة الجوية فى بلدان رابطة الدول المستقلة ( 7 ) . 

     نجحت أوزبكستان فى تهيئة الظروف لجذب رأس المال الأجنبى ، من خلال مجموعة واسعة من التسهيلات والمزايا والامتيازات والضمانات ، وكما أصبح قطاع الخدمات يمثل أكثر فروع الاقتصاد التى تتمتع بالحيوية ، ففى أوائل التسعينات ، بلغ نصيب قطاع الخدمات فى الاقتصاد حوالى 33 ٪ ، وقد ارتفعت في الراهن لتبلغ 54.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالى ، إلي جانب ظهور أنواع جديدة وحديثة من الخدمات ، مثل تقنية المعلومات الرقمية والاتصالات ، وخدمات شبكات الهاتف المحمول ، وخدمات برمجة الكمبيوتر ، والاستشارات والخدمات القانونية ، والخدمات العقارية والوساطة المالية ، والعلاج الخاص والتأمين على السيارات ، والأنواع الجديدة من الخدمات المالية ، والخدمات المصرفية الإلكترونية ، وغيرها .   

     تم اعتماد برنامج الإعداد القومى واسع النطاق لإعداد الكوادر في عام 1997 ، والذى تأسس بهدف إعادة الهيكلة الجذرية للنظام التعليمى القائم ، وضمان التعليم المستمر، وربط النظام التعليمى بالتحولات الجارية فى المجتمع ، ومتطلبات الاقتصاد ذى التنمية المطردة فى الأفراد المؤهلين تأهيلا عالياً ، وتطبق أوزبكستان نظام التعليم العام المجانى الإلزامي لمدة اثنتى عشر عاماً ، فقد تم بناء أكثر من 1600 من الكليات المهنية الجديدة والمدارس الأكاديمية ، المجهزة بوسائل التعليم الحديثة والمختبرات وأجهزة الحاسب الآلى والمعدات الصناعية .   

     وبفضل السياسة التي تهدف إلى رفع المستوي الصحي وتوفير الرعاية للأمومة والطفولة ، فقد تراجع معدلات وفيات الأطفال والأمهات بشكل كبير ، حيث انخفض إجمالى معدلات وفيات الأطفال الرضع من 34.6 % فى عام 1990 ، إلى 10.8 % فى عام 2014 ، وانخفض معدل وفيات الأمهات من 3.65 إلي 19.1 لكل مائة ألف حالة ولادة ، كما ارتفعت النفقات السنوية لموازنة الدولة فى تلبية الاحتياجات الاجتماعية ، بما فى ذلك الإجراءات الخاصة بتعزيز الضمانات المالية للمؤسسات الاجتماعية ، وازدادت من 31.5٪ فى عام 1990 إلى 59٪ طبقا لإحصاءات عام 2015 ، كما أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالشباب ، حيث تم تشييد وتجديد أكثر من 270 مدارسة موسيقية وفنية للأطفال ، و523 منشأة رياضية ، ويشارك أكثر من 2 مليون طفل ، منهم 840 ألف فتاة ، فى مختلف أنواع الألعاب الرياضية ( 8 ) .

      وقد عكست المؤشرات الاجتماعية في قطاعات الصحة والتعليم والتربية البدنية والرياضية ، وقطاع الخدمات الاجتماعية ، والبنية التحتية في قطاعات الاسكان والمرافق ، المستوي الاقتصادي بشكل مباشر ، الأمر الذي يدل علي مدي نجاح النموذج الأوزبكي للتنمية في تحقيق الأهداف المرجوة منه في التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد .    

آفاق العلاقات الدولية لأوزبكستان  

     عندما نالت أوزبكستان استقلالها عام 1991 ، لم يكن لها أي رصيد من العلاقات الدولية الخارجية ، وقد بدأت في نسج علاقاتها الخارجية ، وكانت تلك العلاقات تتطلب من الدولة الوليدة تقديم مسوغات وشهادات قدرتها علي نسج علاقات قائمة علي تحقيق المصالح المتبادلة ، فقد كانت البلاد لا تمتلك رصيداً من الثقة لدي العالم الخارجي ، كما أن اقتصادها في ظل الاتحاد السوفيتي السابق يتميز بالاقتصاد الأحادى المتطور ، الذى سيطر عليه احتكار زراعة القطن ، وتسليمه إلي الحكومة المركزية فى صورة مواد خام . فكان الشعب يزرع القطن بسواعده ولا يعلم مدي قيمته الفعلية .   

     بدأت أوزبكستان منذ الاستقلال فى إقامة روابط التعاون الاقتصادى المستقل مع مختلف دول العالم ، وقد تم تحديد أولوية تلك الشراكة لقضايا التنمية ، والتى تمثل الجانب الهام فى السياسة الخارجية للبلاد ، ونتيجة لذلك ، فقد ارتفعت مكانة أوزبكستان التى تتمتع بالإمكانات الطبيعية والعلمية الكبيرة ، والقدرات القوية لتصدير منتجاتها ، وقد صارت أوزبكستان عضوا فى تلك الهيئات المرموقة مثل الأمم المتحدة ، والبنك الدولى ، وصندوق النقد الدولى ، ومؤسسة التمويل الدولية ، والوكالة الدولية متعددة الجوانب لضمانات الاستثمار ، ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ ، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ، ومنظمة التعليم والعلوم والثقافة " اليونسكو " ، ومنظمة العمل الدولية ، والمنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية ، ورابطة الدول المستقلة ، ومنظمة شنغهاى للتعاون ، ومنظمة التعاون الإسلامى ، وبنك التنمية الآسيوى ، والبنك الإسلامى للتنمية ، وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى ( 9 ) .   

     أصبحت أوزبكستان عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة في الثاني من مارس 1992 ، وقد استطاعت في وقت قصير تعزيز علاقات التعاون مع المنظمة الدولية ، والهيئات التابعة لها كما عملت علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية في إطار منظمة شنغهاى للتعاون ، الأمر الذي جعل أوزبكستان تنال التقدير من قبل قادة منظمة شنغهاي للتعاون خلال قمتهم الخامسة عشر ، والتى عقدت في طشقند يومي 24 ، 25 يونيو 2016  ، من خلال عدد من الآليات ، أهمها : مجلس رؤساء حكومات الدول الأعضاء في منظمة شنغهاى للتعاون ، ومجلس الأعمال ، واتحاد البنوك ، وكان إعلان طشقند الذى تم توقيعه فى 24 يونيو 2016 ، والذي تناول آفاق التعاون فى المجالات التجارية والاستثمارية ، والنقل والاتصالات من ثمار علاقات أوزبكستان الاقتصادية مع العالم الخارجي .   

     أدركت أوزبكستان بأن إقامة الروابط الوطيدة مع المؤسسات المالية الدولية ، يلعب دوراً هاماً فى النهوض بالقدرات الاستثمارية للبلاد ، وتحديث السوق المالية ، ولذلك سارعت أوزبكستان للعضوية فى بنك التنمية الآسيوى منذ أغسطس 1995 ، وتم افتتاح مكتبا تمثيليا للبنك فى أوزبكستان عام 1997 ، حيث تعتبر أوزبكستان المساهم الخامس عشر الأكبر بين الأعضاء الإقليميين لبنك التنمية الآسيوي ، وخلال هذه الفترة الماضية ( 10 ) .      

     كان بناء سياسة خارجية مستقلة من أكبر التحديات التي واجهتها أوزبكستان بعد الاستقلال ، فقد كانت أوزبكستان ومؤسساتها محرومة من إمكانية إقامة علاقات خارجية مباشرة ومستقلة ، ولم يكن للبلاد أي دور في العلاقات التجارية الخارجية التي توفر العملات الصعبة للبلاد ، ولم يكن يسمح لها بالاضطلاع على الجهات التي كانت تذهب إليها الثروات والموارد الطبيعية ومشتقاتها ، ولذلك نالت أوزبكستان استقلالها ولم تكن تملك أي مؤسسة للسياسة الخارجية ، كما لم يكن لها جهازها الدبلوماسي الكافي ، إضافة لندرة المتخصصين بالعلاقات الاقتصادية الخارجية ، في ظروف لم يكن لديها أي معهد لإعداد مثل هذه الكوادر . 

        ولذلك عملت القيادة في طشقند منذ الأيام الأولي للاستقلال علي البدء من نقطة الصفر لتعزيز شخصية أوزبكستان على الساحة الدولية ، وإثبات وجودها كعضو كامل الأهلية أمام المجتمع الدولي ، في رأس زاوية الأفضليات للسياسة الخارجية الأوزبكية ، وفي تحديد اتجاهات المبادئ الأساسية وذلك علي النحو التالي :

أولاً : الأخذ في الحسبان المصالح العليا المشتركة ، وأفضلية المصالح القومية والحكومية ، وعدم الرغبة في الدخول تحت هيمنة أو تأثير أي دولة عظمى .

ثانيا : إعطاء الأفضلية للقيم الإنسانية في العلاقات بين الأفراد والدول ، فرغبة أوزبكستان الدخول إلي الساحة الدولية من أجل تعزيز السلام والأمن ، ومن أجل تسوية الخلافات بالطرق السلمية ، وجعل منطقة آسيا الوسطي منطقة خالية من الأسلحة النووية ، وعدم المشاركة في العدوان ، أو الدخول في اتحادات أوأحلاف عسكرية ، مع احترام أوزبكستان لكل المواثيق والمعاهدات الدولية ، وحقوق الإنسان ، وعدم الاعتداء ، والامتناع عن استخدام القوة والتهديد بالقوة لحل الخلافات . 

ثالثاً : السياسة الخارجية لأوزبكستان قائمة على مبادئ المساواة والمصالح المشتركة ، وعدم التدخل بالشئون الداخلية للدول الأخرى ، والمساواة مع الآخرين .

رابعاً : إتباع مبدأ الانفتاح في السياسة الخارجية ، بغض النظر عن الإيديولوجية ، والمساهمة في إقامة علاقات خارجية واسعة مع كل الدول المحبة للسلام .

خامساً : أوزبكستان المستقلة الفتية ، التي أقامت نظاماً قومياً قانونياً ، يعترف بأفضلية مواثيق القانون الدولي داخل الدولة ، دون أن تفقد الملامح الخاصة بها، خلال انخراطها في المجتمع الدولي ، وفي نفس الوقت فأوزبكستان تحترم القوانين الأعراف الدولية .

سادساً : أوزبكستان تتمسك بإقامة علاقات خارجية ثنائية وجماعية ، انطلاقاً من مبدأ الاحترام المتبادل ، وتعميق التعاون ضمن المنظمات الدولية ( 11 ) .

     لقد استطاع إسلام كريموف كأول رئيس لجمهورية أوزبكستان الحديثة ، يعيد تأسيس دولة عصرية مستقلة ، حيث عمل إلي جانب النهضة الاقتصادية التي حققها في البلاد أن ينشئ مؤسسات ديمقراطية ونظام سياسي متطور يراعي التوازن بين السلطات السياسية والقضائية والتشريعية ، إلي جانب أنه حافظ علي الهوية الأوزبكية ، حيث تم ترميم أضرحة العلماء الذين أسهموا بقدر وافر في الحضارتين الإنسانية والإسلامية ، إلي جانب تطوير المعالم الأثرية والتاريخية التي تعد ذاكرة للأمة ومركز اعتزازا وفخر لشعب أوزبكستان ، ومن ثم فقد استطاع الرئيس الراحل إسلام كريموف أن يؤسس لدولة عصرية وتعزيز أردانها ودعائمها القوية ، دولة تراعي القيم الدينية والتقاليد القومية لشعب أوزبكستان ، الي يفخر ببلاده الفتية الآن التي تسير بخطي ثابتة نحو التطور والازدهار .

___________________

المصادر : 

( 1 ) أوزبكستان ومنابع الحضارة الإسلامية - أحمد عبده طرابيك - دار النبلاء للابداع الثقافي - الطبعة الأولي 2017 - القاهرة .     

( 2 ) التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان - لطف الدين خوجاييف - ندوة " أوزبكستان : 23 عاماً علي الاستقلال " - 4 سبتمبر 2014 - سفارة أوزبكستان - القاهرة .

( 3 ) أوزبكستان متعددة القوميات : النواحي التاريخية والديموغرافية - عطا ميرزاييف  ، جينتشكه ف ، مرتزاييفا ر - دار أبو علي بن سينا - طشقند 1998 .

( 4 ) إحياء تراث أوزبكستان بين الأمس واليوم - د . محمد البخاري - مجلة الفيصل - العدد 318 - ذو الحجة / فبراير 2003 - الرياض .

( 5 ) مكتسبات أوزبكستان بعد الاستقلال - بختيار عبد الصادق - ندوة " 26 عاماً علي استقلال أوزبكستان " - 7 سبتمبر 2017 - سفارة أوزبكستان - القاهرة .  

( 6 ) أوزبكستان على طريق تعميق الإصلاحات الاقتصادية - الرئيس إسلام كريموف  طشقند - 1995 .

( 7 ) التطور الاقتصادي والاجتماعي في أوزبكستان - لطف الدين خوجاييف - ندوة " أوزبكستان : 23 عاماً علي الاستقلال " - 4 سبتمبر 2014 - سفارة أوزبكستان - القاهرة .

( 8 ) مكتسبات أوزبكستان بعد الاستقلال - بختيار عبد الصادق - ندوة " 26 عاماً علي استقلال أوزبكستان " - 7 سبتمبر 2017 - سفارة أوزبكستان - القاهرة .  

( 9 ) المشرق العربي وأوزبكستان : شراكه على طريق التقدم والمصلحة المتبادلة - سرفار جان غفوروف - مجلة الدبلوماسي الدولي الأسبوعية المتخصصة - العدد 19 - السنة الثانية - يناير 2001 - القاهرة .

( 10 ) من أجل تعاون سياسي واقتصادي أعمق بين أوزبكستان والدول العربية - د . سرور جان غفوروف صحيفة الاتحاد - 29 يناير 2001 - أبو ظبي .    

( 11 ) أوزبكستان والمجتمع الدولي - أحمد عبده طرابيك - مؤتمر " أوزبكستان : رؤية نحو المستقبل " - جامعة القاهرة - 15 ديسمبر 2013 - القاهرة .

 

 

 

مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير

أحدث الأخبار

تأثير التواجد العسكري الروسي في أرمينيا على المنطقة
17:00 10.05.2024
خبير سياسي: انسحاب روسيا من أرمينيا سيغير الوضع الجيوسياسي في جنوب القوقاز
16:00 10.05.2024
خبير سياسي : الشعب الأرميني لن يسمح بالإطاحة بباشنيان
15:30 10.05.2024
انطلاق اجتماع وزراء خارجية أذربيجان وأرمينيا في كازاخستان
15:00 10.05.2024
بيراموف يجتمع مع وزير خارجية كازاخستان
14:51 10.05.2024
ميرزايف : حيدر علييف القائد الأبدي لأذربيجان
12:50 10.05.2024
بيراموف سيجتمع اليوم مع وزير الخارجية الأرميني في كازاخستان
11:57 10.05.2024
مصرف تركيا المركزي يرفع توقعاته للتضخم إلى 38 % بنهاية العام
11:45 10.05.2024
مصور حيدر علييف : حيدر علييف كان سببًا في احترافي التصوير
11:43 10.05.2024
كارثة إنسانية عميقة بدأت تتشكل إثر اجتياح رفح
11:30 10.05.2024
جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية
11:15 10.05.2024
بيراموف يزور كازاخستان
11:03 10.05.2024
تنسيق مصري- أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح
11:00 10.05.2024
تركيا مزاعم إسرائيل بتخفيفنا الحظر التجاري معها محض خيال
10:45 10.05.2024
تركيا تدرس اتخاذ إجراءات مالية جديدة لخفض التضخم
10:30 10.05.2024
انفجار إطار طائرة أثناء هبوطها في تركيا
10:15 10.05.2024
الصومال يدعو إلى إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة
10:00 10.05.2024
السعودية تستقبل طلائع الحجاج بالترحاب... والورود
09:45 10.05.2024
إيران تفرج عن سبعة من أفراد طاقم سفينة احتجزتها الشهر الماضي في الخليج
09:30 10.05.2024
الرئيس الصيني في المجر للاحتفاء بالصداقة بين البلدين
09:16 10.05.2024
ذكري ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف
09:03 10.05.2024
أردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بتجنب السياسات الإقصائية تجاه تركيا
09:00 10.05.2024
سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
16:00 09.05.2024
روسيا تكشف تفاصيل مشروع قاعدة القمر النووية مع الصين
15:00 09.05.2024
حماس ترحب باعتراف جزر البهاما بدولة فلسطين
14:00 09.05.2024
باكستان تعلن حالة الطوارئ لإلحاق 26 مليون طفل بالتعليم الرسمي
13:00 09.05.2024
أمريكا تلغي تراخيص توريد رقائق الجيل الرابع إلى هواوي الصينية
12:00 09.05.2024
الديمقراطيّ الكردستاني زيارة بارزاني لطهران انعطافة مهمّة في العلاقات الثنائية
11:00 09.05.2024
الجزائر تنتقد شروط فرنسا لاستعادة أرشيف الاستعمار
10:00 09.05.2024
الكويت وتركيا تؤكدان حماية المدنيين في غزّة
09:00 09.05.2024
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
الملح المدعّم بحمض الفوليك يحمي من التشوهات الخلقية
18:00 08.05.2024
خبير سياسي: يمكن لأذربيجان أن تلعب دور الوسيط بين تركيا وإسرائيل
17:03 08.05.2024
شرطة وارسو تعتقل روسياً فر إلى بولندا
16:00 08.05.2024
الخارجية» الروسية: لا نرى حتى الآن آفاقاً للتسوية في غزة
15:00 08.05.2024
خبير سياسي: قمة المناخ تحمل أهمية كبيرة للسلام الإقليمي
14:00 08.05.2024
خفايا زيارة باشنيان إلي روسيا
13:00 08.05.2024
مؤتمر صحفي للرئيس الأذربيجاني ونظيره البلغاري
12:30 08.05.2024
بدأ الاجتماع الموسع بين علييف ورئيس بلغاريا
12:15 08.05.2024
علييف يجتمع مع رئيس بلغاريا
12:00 08.05.2024
ميرزايف عن ذكري احتلال شوشا : لم أكن أتصور أن يتم احتلال شوشا بهذه الطريقة
11:00 08.05.2024
جميع الأخبار