!! المستشار الدبلوماسي سامح المشد يكتب: 2017 عام التضامن الإسلامي في أذربيجان .. لماذا ؟
“سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ”
التضامن الإسلامي إنما تنحسر غايته في لم الشمل الإسلامي، ووحدة الصف، وقوة البنيان، وتتاخم الدول الإسلامية، فلاعبادة للتضامن على حرف، فإن هي إلا قضية واحدة، لكنها ترامت أطرافها، وتشتت وانطمست المعالم فيها وتشابهت الصور، فضاع الطريق من القدم، وكان التيه لأمة الإسلام بعد التخلي عن التضامن والوحدة.
فما نحن إلا دعاة للإصلاح الإسلامي نعتلي المنابر، ونرفع الأكف ضراعة لله أن يحقق أملنا في وحدة طال إنتظارها، كانت بالفعل عماداً لنا وقياماً لأمتنا الإسلامية، لكن أركاناً لها عمد الفساد على أن ينخر فيها، فما بقي عدل ولا بر ولا كلمة سواء، فقد خيم الجهل والفرقة والتناحر وبلبلة الفكر والتخلف والرجعية، بعد أن كان الإسلام والمسلمين لهم حضارة شهدت بها البرية، قادة وسادة يأكل العالم من بقايا موائدهم، علموا العالم سنن العدل والرأفة والرحمة والقوة والجسارة، علموه أوصاف الكرامة وشروح السمو وتفاسير الشرف والشموخ، علموه كل قيمة عجزت على أن تسويها وتستوي بها القوانين والشرائع الأخرى، فما كانت تلك القيم إلا في عباءة الإسلام.
التضامن الإسلامي شوكة في ظهر الغرب، وأن تنتظم راياته وترفع، ستتزلزل بها الأرض تحت أقدام الغرب والمستشرقين ودولاً تفخر بقوتها، والتي ماكان أن تكون أو تطفو على سطح أو أن يسمع بها العالم، لولا ضعف قد ألم بنا وبحضارتنا وبدولتنا الإسلامية التي كانت لاتعرف الحدود، كانت جميعها كأعضاء الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لولا أن الإستعمارات التي توالت علينا دولة فأخرى وإمارة فتالية وبلد فآخر، إستعماراً جثم على صدورنا، حال دون أهداف ترقى بها الأمم وتترقى، بذر في أرضنا بذور زقوم أفكاره، وغسلين مبادئه، فأفسد فينا تديننا لاديننا لأنه محفوظ، وأضعف إعتزازنا بتاريخنا حتى هان علينا، فضننا بأبخس الجهد في دراسته وماجنينا إلا حنظل ثقافة المستعمر وعلقم بعدنا عن ديننا.
اليوم الدعوة للتضامن الإسلامي صحوة إسلامية من غفوة طال أمدها، التضامن الإسلامي دعوة لتضئيل الهوة بين ماهو كائن ومايجب أن نكون عليه.
التضامن الإسلامي تكافل وتكاتف وتكامل لأجل رفع راية الإسلام خفاقة بين الأمم، تناصر ونصرة ودفاع مشترك ودفع للباطل بالحق والضعف والتخاذل بالقوة والبأس، ووحدة متكاملة الأركان تركن إلى الترابط وترقى إلى مرتبة الرباط.
فالتضامن دعوة لوحدة الصف ووحدة السوق ووحدة الهدف، فإن هو إلا إصلاح للبنيان الإسلامي، والوصول به إلى مرتبة القوة العظمى تخنس أمامها أي قوى أخرى على وجه الأرض، فإذا بالتضامن الإسلامي بالعدل الأرض مغمورة، وبالحق الدنيا معمورة، ولنصرة الإسلام والجهاد النفس مشمورة، فهلا إمتثلنا لقوله سبحانه “وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان وإتقوا الله إن الله شديد العقاب”، تعاون لأجل كل سمو خلقه الله وأراده خليقة في خلقه، ومكرمة من مكارم الأخلاق التي بعث لها محمد، وقد نهى عن كل إثم، فليس لدينا إثم لا في نفس ولا روح ولا كتاب، ونهى عن كل ظلم وإفك وبهتان وإفتراء.
فدعوة كهذي دعوة رئيس قومي إبن رئيس قومي، وضع أذربيجان على درب الحضارة والتقدم والإزدهار، وخلق لها مكانتها بين الأمم، إنه الرئيس إلهام علييف، إبن الرئيس القومي حيدر علييف، الذي عاش لأذربيجان وقضى لأجلها، وهاهو إبنه يكمل المسير والمسيرة بوازع من القومية والإسلام، يدعو إلى وحدة وتضامن وتكاتف وتتاخم إسلامي، نستعيد به المجد الباد، نعتلي به على رؤوس الأشهاد، فأذربيجان دولة تدين بالإسلام وسكانها مسلمون، (سنة وشيعة) إلا أنها ليس هناك فارق يذكر بين المسلم الآذري الشيعي، والمسلم الآذري السني، فهم لهم مسجد واحد وإمام واحد، ولقد حاربت الشيوعية الإسلام ومظاهره، وحاولت إقتلاعه وإنتزاعه من النفوس، حتى أن معتنقيها حرقوا المساجد وخربوها في حقبة الإتحاد السوفيتي، ولم يبق غير ۱٧ مسجداً، لكن ماإن نالت إستقلالها حتى إستعادت هويتها الإسلامية، وأصبح بها مايزيد عن ٢٠٠٠ مسجد، أذربيجان دولة كانت لها إسهاماتها في الحصاد الإسلامي في عصور إزدهار الدولة الإسلامية.
فيها نشأ صلاح الدين الأيوبي، الذي كان سيفاً للإسلام، في عهده حارب وتجلد، وليس في جسده موضع إلا وبه مرض عضال، وحد الصف وشحذ الهمم فلم يقهره جبروت أوروبا كلها بحملاتها التي جاءت كموج البحر لها أول وليس لها آخر، هزمها صلاح الدين ليس بعدد المسلمين ولا بعددهم، ولكن بالسلاح الوحيد الذي لاينفع في هذا المقام غيره إنه الإيمان، صلاح الدين غير ماكان بنفسه من الفساد، فغير الله على يده ماكان بقومه من الضعف والتخاذل.
وللحديث بقية..
الكاتب – مستشار بالسلك الدبلوماسي الأوروبي والمتحدث الرسمي بإسم النادي الدبلوماسي الدولي